Beirut
19°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
تقييم أولي لـ"حزب الله": تجاوزنا "مخططاً شيطانياً" للقضاء على المقاومة
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاثنين
14
تشرين الأول
2024
-
7:03
"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح
لا يشبه ما تعرّض له "حزب الله" خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ما اختبره على مدى أربعة عقود من نشوئه. لم يكن حتى شبيهاً بأيً من السيناريوهات التي وضعها الحزب مسبقاً للتعامل مع تطور ميداني بهذا الحجم. باعتراف قياديين في المقاومة، فاق تفجير أجهزة الـ "بايجر" والإتصالات اللاسلكية ومن ثم استهداف القادة العسكريين بمن فيهم قادة وحدة "الرضوان" وصولاً لاغتيال السيد حسن نصرالله القدرة على التحمّل. مع ذلك بقي الحزب متماسكاً وفي ما بعد تمكن من التقاط أنفاسه. وما تعرض له من ضرر بالغ على مستوى منظومة القيادة والسيطرة، استعاده في غضون أيام.
خرجت المقاومة في التقييم الأولي لهذه المرحلة بتقدير مفاده أن الضربات المتزامنة التي تعرّضت لها خلّفت ضرراً جسيماً وأخذت وقتاً حتى تمّت معالجتها.
وفق مصدر قيادي في المقاومة، كان الهدف من الضربات التأسيس لإنهاء المعركة العسكرية بشكلٍ سريع ومباغت في مهلة تكاد لا تتعدى الأسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير منذ تاريخ بدء الضربات. وعلى ما يتبيّن، قام الرهان على فقدان الحزب القدرة على السيطرة، وخروج منظومة القيادة والتحكم عن العمل بفعل اغتيال أركانها، وإلى نشوء حالة من الفوضى يمكن أن تتسلّل إلى المقاتلين المنتشرين في جنوب البلاد وشرقها، بما يؤدي إلى تسرّبهم عن وحداتهم أو فرارهم من مواقعهم. هذا كله، وُضع هدف مركزي له، وهو إخراج الحزب من المعادلة السياسية كانعكاسٍ لخروجه من المعادلة العسكرية. لكن من خطط لهذا العمل الشيطاني، باعتراف القيادي نفسه، سقط من باله أن الحزب "أمة" أو مؤسسة منتظمة تحكمها عقيدة راسخة، و"لديه شعب وفي ظهره دولة إقليمية عظمى لن تتخلى عنه".
في حين أن هذا الأمر المتمثل في كسر إرادة "حزب الله" يبدو مفهوماً بالنظر إلى المشاعر التي يكنّها له بعض خصومه، إلاّ أن الحزب لم يجد تفسيراً بالنسبة إلى الحالة التي انتابت بعض حلفائه وأظهرت جانباً من حجم التخلي عنه رغم كل حالات الحرص التي مارسها الحزب تجاهم خلال كل المحطات.
ما نُقل عن لسان حليف أساسي للحزب يكاد يتجاوز حتى ما ينقل من تعابير عن ألسنة خصومه. قال تعليقاً على اقتراح أحدهم بأن ينتظر التشكيلات القيادية لدى الحزب لاستفهام موقفه والبناء عليه بالقول: "ما هو حزب الله الآن؟ حزب الله انتهى".
لم يكن هذا الكلام مجرد كلام يصدر عن "حليف" أو حتى "خصم" ينظر إلى التطورات العسكرية بمثابة مقدمة لتحقيق تغييرات سياسية، إنما جاء متزامناً مع "إنزال سياسي أميركي" على الشواطئ اللبنانية، طلب بكثيرٍ من التعجرف البدء بالتفكير في مرحلة "ما بعد حزب الله". تزامن أيضاً والبدء في ترتيبات سياسية داخلية كرّست فهماً واضحاً لخلفيات الحرب الجارية وما ينوي تأسيسه. وقد ترافق هذه كله مع ضغوطات مورست على رئيس مجلس النواب نبيه بري، للسير في تسوية بمعادلات مختلفة ومن خارج الإتفاق مع الحزب، الذي بدا خلال تلك الأيام وكأنه أُقصي أو أنه بعيد بدرجة ما عن المتناول السياسي، ونوابه ومسؤولوه وشخصياته في حالة شلل تام. كل ذلك استدعى دخولاً إيرانياً خشناً، تمثل في زيارة عاجلة أجراها وزير الخارجية عباس عارقجي إلى بيروت، ومنها أطلق عبارات بضرورة استمرار الربط مع قطاع غزّة، وعدم جواز تقديم تنازلات إلى العدو تحت النار أو أثناء الحرب، لأنه لن يقبلها وسيطالب بالمزيد، والأهمّ أن الحزب "لم ولن ينتهي".
بثّ الروح الذي مارسه الوزير الإيراني حقق المطلوب. أرسى اتزاناً لدى الهيئة السياسية اللبنانية، وأعاد الصواب إلى الجنون الذي انتاب "مجتمع حزب الله" وتسلل إلى خارجه نحو البيئة، التي شعرت للحظة أن تراكمات 40 عاماً انتهت دفعة واحدة. أسس الدخول الإيراني إلى توفير مساهمة في مشروع إعادة الإنتظام لدى الحزب، وأدى إلى إفساح المجال أمام معالجة إيرانية مباشرة في شأن إدارة الحالة الداخلية لدى الحزب حتى حلّ أزمة الفراغ، ودفع ببعض المستويات السياسية في داخل الحزب إلى التعبير عن نفسها ومعاودة التحرّك مجدداً عبر الظهور على الشاشات أو القيام بجولات على مناطق النزوح ونحو أماكن استهدفها العدو. كما أنه أسّس إلى شعور مختلف، سواء لناحية الأداء السياسي بالنسبة إلى الحزب ومعه أو حتى الأداء الدبلوماسي، بحيث دخل الإيراني مفاوضاً رئيسياً، ليس على الحزب، إنما في مؤازرة حضور الحزب السياسي ومن خلفه ومن أمامه الدولة اللبنانية، فيما أدت انتفاضة تشكيلات المقاومة عند خط الجبهة ومعاودتها شنّ العمليات النوعية وبكميات كبيرة، وتحصين الموقفين السياسيين اللبناني والإيراني إلى منح الرئيس بري الأدوات اللازمة لخوض المعركة الدبلوماسية المدعومة بثقة كل من طهران والضاحية.
"إستعجلوا". بهذه العبارة يعلّق القيادي في المقاومة على مسارعة البعض لادعاء أن إيران تخلت عن الحزب. ويؤكد القيادي: "يجهلون أن العلاقة بين الحزب وطهران أكثر من علاقة بين مكوّنين، فالإيرانيين وضعوا في البريد السريع رسائل دبلوماسية (منها ما أبلغ إلى الدوائر الفرنسية) بأنهم يقفون إلى جانب لبنان سياسياً وعسكرياً". أكدوا أن "حزب الله" ليس متروكاً لمصيره ولن يستطيع العدو الإسرائيلي أن يحول لبنان إلى غزة ثانية. وفي حال ذهب إلى هذه الخطوة فإن المجازر التي قد ترتكب سواء في الضاحية أو الجنوب أو البقاع ستستولد مجازر موازية في حيفا وصفد وتل أبيب. بالموازاة لا يمكن تفسير ذلك على أنه تقديم للحل العسكري على السياسي.
يقول دبلوماسي إيراني مخضرم في جلسة شاركت فيها، إن بلاده أبلغت إلى الفرنسيين أن الأميركيين "يتوهمون في شأن قدرتهم على إنشاء نظام إقليمي جديد، وهو يتوهمون أكثر إن اعتقدوا أن ذلك ممكن عبر سحق حزب الله". يؤكد الدبلوماسي نفسه أن بلاده تلمّست "مخاوف جدية فرنسية" من الأداء الحربي الإسرائيلي في لبنان، وأن الفرنسيين لا يريدون حرباً إسرائيلية. من هنا يتلمّس من كلام المسؤول الإيراني أن طهران تقبل دوراً فرنسياً في شأن التوصل إلى وقف إطلاق للنار في الجنوب. من هنا طُلب إلى دبلوماسي فرنسي في بيروت أن يقوم بإبلاغ بلاده بأن يصبروا قليلاً، لأن تل أبيب ستطلب منهم الوساطة، لاحقاً، لوقف الحرب.
من جهة ثانية، الجميع بمن فيهم الحزب والدولة اللبنانية وإيران أبلغوا مواقفهم بالمحافظة على القرار 1701 من خارج أي صيغة معدّلة بما في ذلك محاولة إدخال بنود يجري تطبيقها تحت الفصل السابع. إنها محاولة تأتي لقطع الطريق على أي محاولة إسرائيلية لتغيير الوضع الحالي بما في ذلك الضغط على قوات "اليونيفيل" والإعتداء عليها لدفعها إلى الإنسحاب من الأراضي اللبنانية، بوصفه مقدمة للذهاب إلى مشروع قرار دولي جديد يريده العدو. سيناريو لا بدّ أنه يدفع إلى تبديل وتغيير الكثير من المعادلات.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا