"ليبانون ديبايت"

سوّق حزب "القوات اللبنانية" للقاء المعارض اليوم في معراب مستعجلاً قطف ثمار الحرب التي يظن أن نتائجها ستكون لصالحه، لكن المشهد الهزيل لحجم التمثيل في هذا اللقاء أسقط كافة الرهانات على استنهاض الجبهة اللبنانية من جديد.

وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، بأن "هذا اللقاء يعتبر بمثابة محاولة أولية لإعادة إحياء الجبهة اللبنانية، إلّا أن هذا الموضوع لم ينضج حتى الساعة، بحيث أن الافراد المفترض انضواءهم تحت هذه الجبهة لم يحسموا أمرهم وينتظرون نتائج المعركة، ومن هنا سُجل تغيب الكثيرين عن اللقاء أو تخفيف تمثيلهم منعاً للإحراج".

ويرى بأن "القوات استعجلت بخطوتها هذه لإحتضان هذا الموضوع حيث أن جميع أطياف المعارضة لم تسِر معها، وأسقطت من حساباتها المكون السني الذي كان من الممكن أن يعزّز من أهمية اللقاء، فالمزاج السني تغير إلى حد ما بعد طوفان الأقصى وأصبح هناك تحولات".

وفي هذا الاطار، يلفت إلى أن "حركة حماس ليست منظمة عسكرية فحسب، فهي امتداد للإخوان المسلمين والإستثمار بالخلاف السني الشيعي لم يعد موجوداً، لأن فلسطين جمعتهم اليوم، فهذا التحول في الشارع السني لا يجب أن نغفله".

ويُشير إلى أن "توقيت اللقاء ليس خاطئًا فقط بل إنه لم يأخذ بعين الإعتبار التحولات التي تحصل في أوساط الطوائف الأخرى، فعلينا أن لا ننسى أن النظام الذي إرتضينا به هو نظام قائم على طوائفه ويدعى الديمقراطية التوافقية، لكن هذه الديمقراطية كان لها رجالات توافقيين".

ويذكّر في هذا الاطار، بكلام للرئيس الراحل بيار الجميل في لقاء دار سيدة البيرة، حيث نصح المتحمسين للتقسيم بأنه "إذا خسرنا التوافق في لبنان، فإنه بعد 20 عاماً لن تجدوا مسيحيين في لبنان".

وإذْ يشدّد على أهمية التوافق في البلد، ويرى أن "فائض القوة في نظامنا، لا يمكن لأي طرف كان أن يصرفه على إعتبار أنه قائم على التوازنات بين الطوائف"، ويقترح بأنه "في حال لم يكن يعجبنا هذا النظام فلندعو إلى مؤتمر تأسيسي ويتم الاتفاق على نظام جديد".

وينصح "بالإلتفات إلى الأولويات في هذه المرحلة، حيث هناك خطران يهدّدان لبنان:

-الأول يتمثل بالوجود السوري في لبنان حيث يمول الغرب بقاءهم هنا ولا أحد يعلم ماذا يخططون، وكأنهم يودون اللعب بهذه بورقة في مرحلة لاحقة، وعلينا كلبنانيين التفكير أولا بكيفية بقاء الجمهورية قبل التفكير بالملف الرئاسي لأن الخطر على الجمهورية أشد من الخطر على الرئاسة.

-الخطر الثاني يتمثل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أن الخطورة بما أعلنه عن إسرائيل الكبرى أي من ضمنها لبنان، ويشير إلى وجود إعلانات تحث الإسرائيلين على شراء الأراضي في الجنوب اللبناني من أجل إنشاء مستوطنات، ومن أجل إعادة المستوطنين إلى شمال إسرائيل عبر إتفاق سياسي أو إنهاء حزب الله، وهذا خطر لن يقتصر على طرف أو طائفة معينة بل على كل اللبنانيين".

ووفق هذه المعطيات، يدعو أبو زيد كافة الكتل النيابية من دون إستثناء وكافة الزعماء، لـ"الإتفاق على حل يمكّن من الحفاظ على لبنان ولمواجهة التحديات، وفيما بعد على كل طرف القيام بنقد ذاتي لتجربته ووضع تصور للمستقبل، وأما الخلافات فستؤذي الجميع حتماً".

ويخلص إلى إعتبار أن "لقاء معراب قبل التفكير بعقده كان يفترض التفكير بجدواه، ليتمتع بأفق وطني يستوعب أو يتوافق مع أغلبية الفرقاء من أجل مواجهة هذه التحديات التي تهدّد لبنان".