Beirut
14°
|
Homepage
من الحانات إلى العصائر... إليكم حالة الحياة الليلية في دمشق
المصدر: الحرة | الاربعاء 08 كانون الثاني 2025 - 19:52

خلال زيارتي الأخيرة إلى حي باب توما الدمشقي، بعد غياب قسري دام 12 عامًا، شعرت بنبض الحياة في أزقة المنطقة التي طالما اشتهرت بأجوائها الليلية.

تجوّلت بين حانات ومقاهٍ قديمة كانت تعج بالزوار من سكان العاصمة السورية، والسياح، والمغتربين الذين عادوا مجددًا إلى بلدهم.

لاحظت أن معظم المرافق تعمل بشكل طبيعي، مع بعض التغيرات في المحال والأماكن المخصصة للسهر التي أبدت تخوفها من فرض قيود مستقبلية.


وفي أحد أزقة حي باب توما الضيقة، توقفت أمام فرقة موسيقية كانت تقدم عرضًا حيًا وسط تصفيق الحاضرين. كان مشهدًا احتفاليًا بعودة الحياة إلى طبيعتها بعد أن تخلّصت من القيود التي فرضها النظام الأمني السابق.

وكان جليًّا أن الحياة عادت إلى طبيعتها في هذا الحي، رغم الهواجس التي عبّر عنها بعض أصحاب الحانات والمطاعم والسكان المحليين في الأيام الأولى بعد سقوط الأسد، بشأن إمكانية فرض قيود جديدة على النشاطات الليلية من قِبل الإدارة الجديدة.

ومع سقوط نظام الأسد، ظهرت هواجس كثيرة تتعلق بمستقبل الحياة الليلية في أحياء باب توما، باب شرقي، والقصاع، وهي مناطق قديمة اشتهرت بنشاطاتها الثقافية والاجتماعية التي تمتد حتى ساعات متأخرة من الليل.

سمعت أثناء تجوالي العديد من الأحاديث من أصحاب الحانات والمقاهي الذين عبّروا عن مخاوفهم من أن تقوم الإدارة الجديدة بفرض قيود على هذه النشاطات، خاصة أن هذه الأماكن كانت تُعتبر في نظر البعض رمزًا للانفتاح والحرية.

لكن ما رأيته خلال زيارتي بدّد جزءًا كبيرًا من هذه المخاوف، إذ كانت الحانات تعجّ بالرواد، وبدا واضحًا أن أهل المنطقة وزوارها مصممون على الحفاظ على روح هذه الأحياء القديمة.

أحد أصحاب الحانات القديمة في حي باب شرقي، ويدعى ميشيل حنّا، قال لموقع "الحرة": "هذه الأماكن ليست فقط للترفيه، إنها جزء من هويتنا وتاريخنا، وهي إرث لا يمكننا أن نتجاهله، ولن نتخلى عنها مهما كانت الظروف. ورثت المكان عن والدي الذي افتتحه منذ 22 عامًا، وهو مستمر بالعمل منذ ذلك الوقت".

ويضيف ميشيل أن الخوف اعترى البعض نتيجة انتشار الإشاعات بأن هيئة تحرير الشام ستقوم بإغلاق محالهم وحاناتهم، إلا أنه لم يصدر أي قرار يعزز هذه المخاوف، مما دفعه للعودة وفتح حانته والاستمرار في عمله.

ويقول ميشيل: "أغلقنا لخمسة أيام فقط لحظة سقوط النظام خوفًا من مضايقتنا، ولكننا عاودنا الافتتاح بعد شعورنا بالاطمئنان والراحة. نعم، هناك بعض الخوف من صدور قوانين جديدة تقيّد عملنا، إلا أنني لا أعتقد أننا سنُجبر على الإغلاق التام، وإذا كانت هذه القوانين لتنظيم عملنا، يا أهلاً وسهلاً بها".

ويردف قائلًا: "خلال فترة النظام السابق، كان يُقتطع منا نسبة كبيرة من فواتيرنا، وصلت إلى عشرين بالمئة، بالإضافة إلى الإكراميات التي كنا ندفعها للضباط. وكنا نعمل بدون ترخيص رسمي، وبسبب ذلك كان بعض الأشخاص المتنفذين يرتادون الحانات للسهر مجانًا، ولكننا اليوم نشعر بحرية أكبر، فجميع أرباحنا تعود إلينا، ولم يتدخل بنا أحد لغاية الآن".

وخلال جولتي، التقيت سامر، وهو من اعتاد السهر في الحانات بحي باب شرقي، وقال: "بالنسبة لي، الحانات هنا ليست مجرد أماكن للسهر، بل هي متنفس حقيقي. عندما أتيت إلى باب شرقي وباب توما بعد التغيرات الأخيرة وسقوط النظام، كنت قلقًا من أن أجد أجواء مختلفة أو قيودًا على النشاطات الليلية، لكنني تفاجأت بأن الأمور ما زالت كما هي".

ويضيف سامر: "الناس هنا يريدون أن يعيشوا حياتهم ببساطة، دون خوف أو قيود. أعتقد أن الإدارة الجديدة تعلم بأهمية هذه الأماكن كجزء من هوية المنطقة، وأتمنى أن يستمر هذا التوازن بين التغيير والحفاظ على الخصوصية".

وفي حي القصاع الدمشقي، قال أحد سكان المنطقة إن بعض محال بيع المشروبات الكحولية حوّل متجره إلى سوبر ماركت خوفًا من المستقبل، وبدأ ببيع المشروبات الكحولية سرًا فقط للزبائن الذين يعرفهم.

وكشف أن بعض الحانات أغلقت واجهاتها المفتوحة التي كانت تشير إلى بيعها للمشروبات الكحولية، محاولةً منهم لتجنب "التجاوزات الفردية" التي قد تحدث بعد سقوط نظام الأسد.

وفي شارع الباكستان وسط العاصمة دمشق، استبدل محل "هاواي" الشهير ببيع المشروبات الكحولية لافتته الإعلانية، وأصبح يعرض العصائر والمشروبات الغازية عوضًا عن الكحول.

في المقابل، لاحظت أن الكثير من المحال الأخرى تعمل كما كانت سابقًا وبشكل علني دون أي محاولة تمويه، وشاهدت ازدحامًا كبيرًا في معظمها أثناء ساعات الليل وعطلة نهاية الأسبوع الماضي.

ولم تُصدر الإدارة الجديدة في سوريا أي بيان رسمي بشأن الكحول لغاية الآن، إلا أن قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، نفى لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" نيته تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان.

خلاصة الجولة في هذه الأحياء تشير إلى أن المشهد الاجتماعي يمر بمرحلة دقيقة بين الحذر والتفاؤل، وسط آمال أن يبقى التنوع واحترام الحريات الفردية جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية لدمشق وسوريا عمومًا.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"نعمت عون"... السيدة الأولى المحتملة في الساعات القادمة! 9 "زيارة لافتة"... الوفد الدرزي الأكبر في سوريا 5 الزعيم السنّي في لبنان 1
"الصوت بـ 300 ألف دولار... نوابنا أغلى بكتير"! 10 جوني منير يفجر "قنبلة حارقة" ويحسمها: جوزاف عون رئيسًا للجمهورية! 6 تفاصيل الليلة التي أرعبت وفيق صفا... سياسي شيعي يفجّر مفاجآت 2
قبل ساعة واحدة من الجلسة الرئاسية... اعتصام أمام مجلس النواب! 11 من الحانات إلى العصائر... إليكم حالة الحياة الليلية في دمشق 7 لودريان حدّد الاسم الوحيد... لا نقاش بأحد آخر! 3
"القوات" تعلن موقفها الرسمي اليوم... جهاد أزعور يفقد حظوظه؟! 12 التصويت الباطل لقائد الجيش 8 "إسرائيل كانت ستقصف مطار بيروت"... إليكم السبب! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر