Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
عن "الصفقة" التي أطاحت ببشار الأسد!
عبدالله قمح
|
الاثنين
09
كانون الأول
2024
-
2:36
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
من المبكر الحديث بشكلٍ دقيق حول تفاصيل ما جرى خلال الأسابيع الماضية في سوريا. لكن ما يمكن فهمه أن تسويةً أبرمت بين مجموعة أطراف شكلوا المجموعة الضامنة في ما عرف بـ"أستانا" بهدف الإنتقال السلمي للسلطة في سوريا. وعلى ما يبدو وضعت ساعة صفر التنفيذ على توقيت التوصل إلى اتفاق وقف "الأعمال العدائية" في لبنان يوم 27 تشرين الثاني المنصرم. أما في ما له صلة بالأثمان وحصص كل طرف أو فريق من التسوية بما يشمل دوره فهذا متروك لوقته.
من الواضح أن معركة "طوفان الأقصى" كان لها الأثر البالغ في إحداث تحولات عميقة أثّرت على المنطقة بشكل كبير. في طريقة معينة وعندما قررت حركة "حماس" الدخول في مواجهة يوم السابع من أكتوبر 2023، كان ثمة، على ما يبدو الآن، أجندة يُعمل على تنفيذها بعنوان "الشرق الأوسط الجديد" الذي أشار إليه وتحدث عنه بنيامين نتنياهو بعد ساعات على الهجوم. في هذا الصدد لا نجزم ما إذا كان هناك من دور معين لاختيار "حماس" توقيت هجومها من خارج التنسيق مع "محور المقاومة" باعتراف الجميع أو أنها ضالعة في أمر ما، إنما نقول إن المحور المقابل قد استفاد على نحوٍ واضح من التوقيت وظروفه إن لم نقل أكثر.
عملياً وطوال عام ونيف من عمر المواجهة، خاضت "حماس" حرباً ضروساً كان من نتائجها الحالية أن تمّ إخراجها كقوة عسكرية من قطاع غزة وباتت الآن مثلها مثل أي حركة مقاومة أخرى حيث بات نشاطها مقتصراً على ملاحقة العدو داخل القطاع. في لبنان أدّت "معركة الإسناد" التي أطلقها "حزب الله" على مدى عام تقريباً إلى استنزاف العدو دون أن ترهقه، وفي الوقت ذاته إستنزفت المقاومة جراء اعتماده على "الإغتيالات المتدرجة" بحق القادة وضرب القدرات وظهور امتلاكه "داتا" مهمة في هذا المجال، وصولاً لاغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، الذي شكل "لحظة صفر" البدء بهجوم إسرائيلي واسع كان هدفه إنهاء وجود الحزب وسحقه وتدميره والقضاء عليه. وطوال شهرين كاملين صمدت المقاومة ميدانياً وقاتلت في القرى وشنّت الهجمات وخرجت منتصرة أمام فكرة القضاء عليها، مع الإعتراف بتلقيها ضربة كبيرة أخرجت قدراتها العسكرية الأساسية عن الخدمة أو حدّت من فعاليتها.
إستناداً إلى النتائج والظروف، كان القرار بتفكيك الساحات قد صدر، وكان لا بد من الإنتقال خطوة إلى الأمام نحو سوريا، على اعتبار ما تشكله سوريا بالنسبة إلى "المحور" وما تشكله تحديداً بالنسبة إلى الحزب حيث خطوط إمداده الأساسية. فضرب قدرات الحزب بشكلٍ نهائي هدف لا يستقيم على المدى الطويل في ظل بقاء خطوط الإمداد مفتوحة عبر سوريا. وفُهم أن سيناريو "إضعاف حزب الله" وعدم السماح له بإعادة بناء قدراته يمر في سوريا.
من هنا لم يكن اختيار تاريخ وقف إطلاق النار في جنوب لبنان موعداً لزحف قوى المعارضة الإسلامية عن عبث أو من خارج السياق، إنما استكمالاً للمشروع، والسؤال الكبير يبقى بماذا أقنع النظام السوري كي يتخلى عن الحكم والقبول بانتقال سلمي للسلطة؟
من الواضح أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو قبل أيام من موعد دخول التطورات في سوريا حيز التنفيذ، حملت سراً كبيراً تماماً كالزيارة التي سبقت "طوفان الأقصى"، حيث أنها وباعتراف الجميع، أدت لإخراج سوريا من دائرة التورط في الحرب. ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن كان لديه كلام كبير ليقوله للأسد مرة أخرى.
الآن، لا يبدو أن تسليم السلطة في سوريا بالشكل الذي حصل به جاء معزولاً عن سلسلة تفاهمات أدارت المسار، وتطور الأمور بهذه الطريقة وتسليم المحافظات إلى قوات المعارضة من دون قتال جدي ومؤثر يوحي بوجود تسوية "بلّ" جميع الضالعين في المسار السوري يدهم فيها، وغالب الظن أن الأسابيع التي سبقت التوصل إلى قرار وقف الأعمال العدائية في لبنان، حمل بذور تدشين تلك التفاهمات وأسّس لها ووضعها على سكة التنفيذ واختيار موعد لها. وأساس هذه التفاهمات، على ما يبدو، قام على فكرة إخراج سوريا من الصراع والقتال والحرب، لا سيما بعد وصول تهديدات إسرائيلية واضحة لنظام الرئيس الأسد في هذا الشأن، جزء منها إرتبط برغبة إسرائيل في نقل المعركة إلى سوريا.
من الواضح أيضاً أن سوريا والنظام ورعاتهما سبق لهم أن اقتنعوا بعدم قدرة النظام أو الجيش على الخوض في قتال طويل أو دخول مواجهة في هذا الحجم، في ظل الأزمة الإقتصادية العميقة وخريطة السيطرة داخل سوريا، ومالوا نحو الإعتقاد بأنها معركة غير متكافئة تبدو نتيجتها واضحة. وعلى الأرجح، فضلوا خيار الإنسحاب على الإنتحار مع ضمان لكل طرف شيئاً من أهدافه، ومن غير المستبعد أن يكون القرار قد تمّ تنسيقه مع دول عديدة من بينها إيران وروسيا فضلاً عن ضلوع عربي – غربي على رأسه الولايات المتحدة، ولا بد أنه جاء بمشاركة مع الرئيس السوري الذي سهل كثيراً الوصول إلى النتائج وموافقته على تسليم السلطة من دون إراقة دماء مع ضمان عدم التعرض له أو للأقلية العلوية أو المؤيدين، من ضمن سلة تفاهمات تحفظ مؤسسات الدولة وتحيّد الجيش وقوات الشرطة وهو الأهم بالنسبة إلى روسيا منذ عام 2011.
الآن باتت الصورة شبه واضحة: حصل تسلم وتسليم في سوريا من ضمن تفاهم أو تسوية معينة، حفظت مصالح الجميع تقريباً، ولن يطول الأمر حتى تُكشف أوراقها.
ما يعنينا في لبنان، أن "حزب الله" أعدّ أكبر المتضررين من جراء التطورات في سوريا. لكن ذلك لا يعني أن خصومه منتصرون، وقد لا يطول الأمر حتى يكتشفوا أن البديل عن الأسد قد يكون أسوأ.
بالنسبة إلى الحزب، فإن خط الإمداد الذي بذل جهداً ودماءً في سبيله قد سقط، كما أن الدولة الحليفة له قد انهارت، وبالتالي بات يجد صعوبة في إعادة بناء قدراته بعد حربٍ ضروس مع الإحتفاظ بفارق أن الحزب قد يكون وضع خططاً بديلة للتعامل.
من الواضح أيضاً أن الحزب تعامل مع تطورات الأمور في سوريا بهدوء، وليس صحيحاً أنه قام خلال الأيام الماضية بإرسال حشود عسكرية إلى سوريا للقتال هناك، وكل كلام قيل في هذا السياق لم يكن دقيقاً، إنما الدقيق يبقى بامتلاك الحزب وحدات عاملة في سوريا منذ زمن، قرر سحبها على مراحل قبل أيام من انهيار الدولة.
عملياً لا بدّ للجميع بمن فيهم الحزب، مراقبة التطورات، والأهمّ طريقة تعاطي المرشحين للحكم الجديد في سوريا، وشكل حكمهم، والأهمّ ينطلق من فهم التركيبة وطبيعتها، ومراقبة خريطة القوى المسيطرة على الأرض مع احتمال تبدلها ربطاً بتجارب سابقة.
من البديهي أن إعادة تكوين أي سلطة يحتاج إلى تفاهمات داخلية وغطاء خارجي دولي / إقليمي ونقاش مع الجوار. والسؤال هل حظيت سوريا في هذا الترتيب؟
ما يهمنا في لبنان يبقى في التزام القوى المسيطرة حدودها الجغرافية، وهو ما عملت دول راعية لها على إبلاغه إلى بيروت على شكل تطمينات (من دون ضمانات) أن قوى المعارضة ستلتزم حدودها ولن تقوم بتهديد القرى اللبنانية المتاخمة للحدود. وبالموازاة قدمت ضمانات للطرف الإيراني بحفظ حرية الاقلية الشيعية.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا