Beirut
24°
|
Homepage
مجدل شمس ثانية!
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 18 أيلول 2024 - 7:06

"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح

سوف يُحكى الكثير عن الهجوم الذي شنّه العدو الإسرائيلي واستهدف جسد المقاومة من خلال تفجير أجهزة الـPager المشفّرة التي يستخدمها المقاومون من أجل تبادل أو تلقي الرسائل الهامة. ما هو ثابت يبقى في أنه الهجوم الأكبر منذ اندلاع عمليات الإسناذ في الثامن من تشرين الأول الماضي، والأوسع في تاريخ الصراع بين المقاومة اللبنانية والعدو الإسرائيلي، وأنه يمثل محاولة اغتيال جماعية لعناصر من المقاومة، ولن يمرّ.

ما لا يجب أن يغيب عن البال أيضاً، أن الحدث الإستثنائي في توقيته، حضر في ظروف إستثنائية، حيث كانت المقاومة والعدو يتبادلان الرسائل الحربية الميدانية على نحوٍ واضح ودقيق خلال الأسابيع الماضية. في وقتٍ كان العدو يوزّع رسائله في كل اتجاه بأنه جاهز لتوسيع شعاع المعركة، وفي وقتٍ أيضاً كانت المقاومة توزّع رسائل عن جهوزيتها للإنتقال إلى اشتباكٍ بري، من دون أن ننسى نشوب معارك سياسية داخل تل أبيب بين رجالات الحرب هناك، حيث تباروا من أجل الإستثمار شعبياً في تطوير المعركة.


عوامل عدة يجب قراءتها بهدف الوصول إلى إجابات واضحة حول السياق الذي جرت فيه العملية، ودوافعها، والأسلوب الجديد الذي يستخدمه العدو هذه المرة، وإلى أي مدى بات متحكماً في الموجودات التقنية.

بدايةً، لا بدّ من فتح قناة تتطرق إلى الفرضيات التقنية الحاضرة بهدف المساعدة على قراءة مشهد الإعتداء، وما أدى إليه من سقوط أكثر من 3000 مدني بجراح متفاوتة. إحدى الفرضيات تتحدث عن شحنة Pagers حديثة استقدمها الحزب وزوّد فئة معينة من عناصره بها بهدف تأمين التواصل معهم من خلال قنوات أو خدمات مشفّرة توفرها هذه الأجهزة عادةً كبديل عن الأجهزة الخليوية، مع الإشارة إلى أن استخدام الحزب لمثل هذه الأجهزة ليس حديثاً. ويتوقع هؤلاء أن تكون الشحنة المشار إليها قد تمّ تزويدها بمواد متفجرة، وتسليحها مسبقاً. ويستدل بعض الخبراء إلى هذه الفرضية من حيث توقيت الإنفجار المتزامن. ويركنون في طرحهم إلى أصوات طنين صدرت عن الأجهزة مع وصول رسائل إليها تعطي احتمالاً أن تكون الشحنة مزودة بـ"كود – شيفرة" تفجير معينة تفاعلت عند إرسال الأمر دفعة واحدة.

ثمة نظرية ثانية، تشير إلى احتمال إدخال برمجيات خبيثة عبر تقنيات معينة وتمريرها إلى الأجهزة عبر الموجات الصوتية الراديوية المستخدمة فيها، أحدثت كماً هائلاً من الرسائل في وقتٍ واحد لم تسمح للمعالج بمعالجتها مما أدى لرفع درجة حرارة البطارية ما لبث أن انفجرت وأحدثت ضرراً. تبقى هذه الفرضيات عرضة للتأويل لغاية الإنتهاء من تحقيقات وعد الحزب بإتمامها.

الـ8200 مجدداً
ما يهمنا الآن هي الفرضيات العسكرية أو السياسية. المتّفق عليه أن الحادث حصل في ذروة احتقان شديد بين العدو و"حزب الله"، بعد فترة من الهدوء النسبي (مقارنة بحالات سابقة) والذي أتى بعد الرد الذي نفّذه الحزب واستهداف وحدة الـ8200 في غليلوت إحدى ضواحي تل أبيب الشمالية في 25 آب الماضي.

1. تُستعاد مسألة وحدة الـ8200 مرة جديدة، إذ أن التطورات الحربية المتصاعدة قد بدأت تسلك هذا المسار منذ أن اُعلن في تل أبيب أخيراً عن استقالة قائد هذه الوحدة، وفي ما بعد ما نقل من معطيات "عن مصادر أوروبية" حول نتائج هذه الضربة تزامناً مع إعلان الإستقالة. هنا، ثمة نظرية تُطرح حول أسباب استعادة التهديدات الإسرائيلية على نحو ما سبق ردّ الحزب، مع أن تل أبيب كانت قد قالت إنها انتهت من ذلك النموذج حينها، وكأن الإشارة تحتمل أن يكون الحزب قد استطاع تحقيق ضربة ما في الوحدة أحدثت ضرراً بالغاً، امتصتها تل أبيب لفترة، والآن وجدت اللحظة مناسبة للعودة إلى السياق السابق في التلويح بتوسيع المعركة، أو عملياً الرد على الرد.

2. تحضر العملية في وقتٍ ارتفع فيه الحديث بإسرائيل عن ضرورات توسيع المعركة شمالاً، وكلام بنيامين نتنياهو الأخير عن نقل التركيز العسكري إلى الشمال، وتصريحات وزير حربه يواف غالانت عن ضرورة الحل عسكرياً لإعادة السكان إلى الشمال، وقبلهما قائد المنطقة الشمالية الذي صرّح قائلاً بضرورة العمل على احتلال شريط معين داخل الأراضي اللبنانية.

3. حضرت العملية في أثناء تسريب القناة الـ12 العبرية أنباءً مصدرها جهاز الأمن العام الإسرائيلي الـ"شاباك"، الذي ادّعى أنه نجح بالعثور على عبوة وتفكيكها كانت موضوعة في مكان ما يتردد إليه رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي، وإن العبوة كانت معدة لاغتياله، وأنه يتم التحكم بها عن بعد (قالوا لبنان) وقد اتهموا "حزب الله" بالوقوف خلف المحاولة المزعومة. ثمة سؤال مهم يطرح هنا. لماذا ينوي الحزب اغتيال جنرال سابق في جيش الإحتلال لا مهام عسكرية أو أمنية له في مقابل وجود جنرالات في الجيش نفسه يقومون بين فترة وأخرى بزيارة الجبهة الشمالية؟

مثل هذا الحادث يشبه بظروفه قضية صاروخ مجدل شمس الذي استغلته إسرائيل بالإدعاء أن الحزب أرسله من أجل شنّ هجوم استهدف الضاحية الجنوبية وأدى لاغتيال القيادي العسكري الكبير السيد فؤاد شكر. الآن يبدو أن إسرائيل تستخدم مرّة جديدة الحجة نفسها بطريقة أو بأخرى، بذريعة محاولة اغتيال كوخافي لشن هجومها الإلكتروني الواسع الذي أدى بنظرها إلى تحييد آلاف العناصر من المقاومة.

رسائل بالنار!

في الرسائل التي كان يتم تبادلها أخيراً بين المقاومة والإسرائيليين تحضر عدة نماذج.

1. مشهدية قيام مقاومين بالرماية من أسلحة رشاشة صوب موقع للعدو، وهو تعبير صريح عن رغبة الحزب الذهاب إلى معركة برية.

2. الحملات الجوية الإسرائيلية التي كانت تستهدف الأودية والأحراش بأحزمة نارية وتدّعي بأنها تلاحق صواريخ المقاومة والمسيرات وتقوم بتحضير الميدان لأي تطور.

3. بين هذه وتلك يحضر الصاروخ اليمني الفرط صوتي الفريد والوحيد، الذي اقتحم المشهد من خارج زمن الرد اليمني المتوقع على غارة الحُديدة، وما يحمله من دلالات وصول الصاروخ إلى هدفه الأساسي المتمثل بالعبور وحيداً وتخطي الدفاعات الجوية، والوصول بظرف وقت قصير إلى منطقة في محيط تل أبيب. فإذا استطاع هذا الصاروخ عبور مسافة تجاوزت الـ2000 كلم بظرف دقائق معدودة، ما بالك بصاروخ مشابه يُطلق مثلاً من البقاع؟

في السياق نفسه، يحضر الفعل الإسرائيلي العدواني أمس كرسالة إلى المقاومة بأن إسرائيل "غير مردوعة" في البعد الأمني. وإذا كانت المقاومة تتحكم بالبرّ فإن العدو يتحكم بفضاءات إلكترونية وجوية.

في الخلاصة، ورد في بيان "حزب الله" الثاني وعدٌ بـ"القصاص العادل" من العدو الإسرائيلي رداً على الجريمة. الذي يعلم بعقل "حزب الله"وكيف يفكر، يُدرك أنه لا يجنح صوب ردود الفعل العاطفية إنما يحسب ردوده بدقة، ويدرك أن الحزب يفكر بطريقة مختلفة عما يدور على وسائل التواصل ولديه القدرة على التقدير بشكل مناسب. لا شك في أن الحزب يعترف بأنها ضربة إسرائيلية إستخباراتية نوعية، وأنه من أسبابها نجاح المقاومة بفرض نموذج من حرب الإستنزاف المستمرة على العدو داخل حدوده بشكل يظهره بمثابة غير القادر على مجاراتها بالطريقة نفسها أي في الميدان، وما يفهم أيضاً أن تعامل "حزب الله" مع الحدث سوف يكون دقيقاً.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
باسيل يحرتق 9 "تنبيه طارئ"... رسائل نصية إلى الإسرائيليين! 5 دير الأحمر تلبّي النداء وتصرخ لأبناء الضاحية والبقاع: تعالوااااا... سلاح جديد بيد اللبنانيين! 1
بعد اتهامه "بالشماتة"... نون يحذف الفيديو ويخرج عن صمته: فشروا! 10 ناجي حايك يسعف جرحى حزب الله! 6 رسالة مؤثرة من جريح إلى نصرالله... "رجعلي عيوني"! (فيديو) 2
بالفيديو: انفجار أجهزة جديدة داخل سيارات بمناطق لبنانية! 11 فارس سعيد يُنبّه: نقطة هامّة في الخرق الإسرائيلي! 7 بعد أنباء عن إقفال المدارس غدًا... الحلبي يحسمها! 3
شركة وهمية إسرائيلية وراء انفجارات لبنان! 12 تحليل: التفجيرات الإسرائيلية تستهدف "الانهيار الإدراكي" 8 إليكم "النقطة الرئيسية" التي بدأت منها عمليات تفجير أجهزة الاتصالات 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر