Beirut
19°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
إنقلاب أبيض في قصر بعبدا
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الثلاثاء
14
كانون الثاني
2025
-
7:16
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
من دون الدخول في التفاصيل، نُفّذَ، يوم أمس، انقلاب سياسي أبيض، رُسم هدفه باختصار على وزن إخراج "الثنائي الشيعي" من معادلة التأثير على مجموعة لا يستهان بها من الكُتل النيابية، وإعادة تشكيل الأحجام السياسية وفقاً لما أفرزته نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان، وانقلاب المعادلات الإقليمية وانتخاب رئيس للجمهورية من خارج تأثير "الثنائي".
والمسألة ليست مرتبطة هنا برسوب نجيب ميقاتي وخروجه العاصف من المعركة الحكومية بعد نيله 9 أصوات فقط من 65 كانت "مضمونة" على الأقل، ولا في التقدّم المذهل للقاضي نوّاف سلام بـ84 صوتاً جعلته رئيساً مكلّفاً، إنما في من أدار ووقف خلف إدارة المعركة، بحيث أسّس إلى نقض التفاهمات وكل ما تم الإتفاق حوله بين "الثنائي الشيعي" ورئيس الجمهورية المنتخب لجهة موضوع التشارك في رئاسة الحكومة، أو عملياً في السلطة خلال الفترة الفاصلة عن موعد الإنتخابات النيابية ربيع عام 2026، بالإضافة إلى ما تمّ بحثه مع الموفدين الأجانب الذي شكّلوا حلقة وصل الملف الرئاسي، وهو كان الشرط الذي منح "الثنائي"، في ضوئه الـ28 صوتاً الباقية التي جعلت من جوزاف عون رئيساً للجمهورية بـ99 صوتاً بعدما استقرت أرقامه عند الـ71.
وإشارة الثنائي الشيعي عبر كلام النائب محمد رعد حول وقوعه في "كمين سياسي"، أو عملياً إلى خداع سياسي وغدر غير مسبوقين، لامس الطعن في الظهر، يمكن لمسه في تصرّفات بعض الكتل النيابية التي تم التواصل معها بعد أيام من انتخاب الرئيس، والتي جزمت أن موقفها يتموضع في خانة دعم خيار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو الموقف الذي عبّرت عنه على مدى أيام طويلة. ونستذكر هنا نواب كتلة "الاعتدال الوطني" وكتل الأرمن، "الوطني المستقل"، "التوافق الوطني" و"اللقاء الديمقراطي". وإن كان مفهوماً أن لا يقوم "الوطني المستقل" بتقديم أصواته كون الموضوع حُسم، فإن ما هو غير مفهوم أن يبادر تكتل "الإعتدال" الذي شكّل امتداداً لميقاتي وقبض منه تعيينات ومواقع، إلى التخلّي عنه فجأة والمضي نحو خيار تسمية نواف سلام، والخروج عن مواقف أصدرها قبل ساعات قليلة، ما يوحي بأن ثمة كلمة سر عادت لتتصدر المشهد من جديد.
وخلافاً لموجة الإنكار العارمة حول حصول "تفاهم" في الحد الأدنى بين الطرفين، فإن المعطيات، السابق منها واللاحق، ولا سيما ما أعلنه رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد، من على منبر قصر بعبدا لناحية "قطع اليد الممدودة " و "الكمين"، كلها تؤكد أن الثنائي داخل في إطار من التفاهم مع رئيس الجمهورية، راسماً وإياه معالم المرحلة المقبلة، على قاعدة تأليف حكومة "عمل" برئاسة ميقاتي، وهو ما تولى "الثنائي" إبلاغه إلى ميقاتي شخصياً، الذي قبل المضي في قبول التسمية، وذهب إلى سوريا وكان واضحاً بأنه يقوم بمأسسة علاقة سوف يتولى إدارتها فيما بعد، ليتفاجأ بأن من انقلب على الإتفاق المبرم لم يكن رئيس الجمهورية، وإنما القوى الأكبر منه التي أتت به رئيساً للجمهورية، والتي تدخلت بشكل حاسم ومؤثّر ليل الأحد – الإثنين من جهة لثني الكتل النيابية التي عزمت على التصويت لميقاتي من القيام بذلك، ومن جهة أخرى دخلت تلك القوى عاملاً مؤثراً على صعيد إئتلاف قوى المعارضة في ما بينها، حيث ساعدتها على إعادة تنظيم بيتها الداخلي، ما أسفر عن استقرارها حول إسم واحد وتفضيله على الجميع والطلب إليهم وضع إسمه في الإستشارات.
ولعلّ من اللافت جداً كان أن قوى المعارضة الأساسية، ظلّت، حتى ساعات متأخرة من صباح الاّمس، تحفظ لنفسها خياراتها في التوجّه بنواف سلام، ثم قامت بإشاعة أنباء مقصودة حول نيتها تسمية ميقاتي، ما لبث أن ظهرت ميولها الحقيقية مع تقدم موعد الإستشارات، ما اصطلح على تسميته ب"الكمين"، بعدما وعدت هذه الكتل أن تكون منضوية ضمن سياق التفاهمات التي أنتجها (على أساس) الثنائي الشيعي مع رئيس الجمهورية.
غير أن علّة "الثنائي"، تبقى إلى الأزل، في تصرفاته التي تفتقد غالباً إلى الضمانات اللازمة وليس التطمينات. حيث ان الثنائي الذي كان يجب عليه أن يبرم إتفاق "رعاية المصالح السياسية" مع الجهات التي رعت أساساً وصول عون إلى بعبدا، فضّل أن يبرمها مع رئيس الجمهورية، رغم علم "الثنائي" بافتقاد الرئيس للقدرة على التأثير على الكتل. من هنا، لا يستطيع "الثنائي" تحميل المسؤولية إلى رئيس الجمهورية، ولا حتى إلى الكتل التي انقلبت عليه، إنما لنفسه كونه وثق ممّن يفترض عدم الوثوق بهم إنطلاقاً من تجربة التأثير السريع والحاسم عليهم زمن الإستحقاق الرئاسي.
وحتى ساعات متأخرة من يوم أمس، كان "الثنائي" يعمل على تجميع أوراقه، ويجري قراءة هادئة للتطوّر الذي حصل، وسط إقتناع شديد لديه بأنه خسر جولة من الحرب، وربما كان مقتنعاً بما فيه الكفاية بأن المسار الذي اتبعه منذ ما قبل انتخاب رئيس الجمهورية (أي مع دخول ملف الرئاسة مرحلة الحسم) لم يكن دقيقاً أو خياراً موفقاً لدرجة ضمان وضعيته كقوة مؤثرة في السلطة. مع ذلك، بدأت الأجواء تميل إلى أن "الثنائي" ليس عالماً في صورة ما حصل، إنما سيتعامل مع التطور وفق ما تمليه الموجبات السياسية.
وربطاً بالنتيجة غير المتوقعة والتي شكّلت مفاجأة حقيقية، سيكون "الثنائي" في موقع تقديم التهنئة للرئيس المكلّف، وانتظار بدء الإستشارات النيابية غير الملزمة معه لاستقراء أفقه وإلى ما يرمي، وطبيعة الحكومة التي يريد تشكيلها وعلى أي أساس ستقوم، وهل أنه في وارد التعاون مع الجميع وفق معايير محددة، أو أنه يأتي مصطحباً معه معايير سياسية غير مبنية على التوازنات الداخلية المعبّر عنها في مجلس النواب، إنما توازنات أخرى يراد فرضها.
تأسيساً على ذلك، سيبني "الثنائي" قرار مشاركته في الحكومة، التي يبدو أنها ستخضع لكثير من المناقشات والتفاوض مع الرئيس المكلّف، حيث يتوقع أن لا يمضي "الثنائي" إلى اتخاذ قرار بالمقاطعة فوراً، إلا ّبعدما يثبت لديه أن الفريق المقابل، واستناداً على مواقف بعض الكتل، يريد استكمال الإنقلاب على إحراج "الثنائي" فإخراجه من المعادلة، وذلك عبر الإشتراط عليه دخول السلطة منزوعاً من عناصر قوته، أو وفق شكلٍ هزيل يصبح فيه وجوده خارج السلطة أفضل من دخولها.
من هنا، تصبح مفهومة عملية تلويح "الثنائي" عبر الحاج محمد رعد بموضوع الميثاقية، كورقة قوة ما زال "الثنائي" يحوز عليها، من كونه الطرف الممثل للطائفة الشيعية في البرلمان، والتي يختزل قرارها السياسي بناءً على تفويضها له نيابياً ومنحه الوكالة. وهنا أيضاً تصبح مفهومة خشية رئيس الجمهورية من اليوم التالي، وهو الذي صرّح أمام مجموعة نواب خشيته من نتيجة الإستشارات، ومن احتمال أن تخلق "أزمة حكم" في مستهل العهد تجعل من الصعب إنتاج حكومة جامعة في وقتٍ قياسي.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا