"ليبانون ديبايت" - المحامية رانيا إيليا نصرة: (من سلسلسة "برلمان ٢٠١٧ - تاريخ، ارقام ونظم انتخابية") - الجزء الاول:
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، استنفرت جميع القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني والصحافة بكافة فروعها تحليلا عرضا مناقشة وتغطية للأحداث المرافقة لها ابتداء من تلك المتعلق بالتشاورات حول القوانين المعروضة بالتداول الى تحويل المنابر كافة الى ارضية للرأي والرأي الآخر. في هذه العجلة يبقى المواطن وهو اللاعب الاول الاخير مهمَش عن تفاصيل كافة الطروحات المعروضة لا بل نسمع مع كل صباح بانعاقد اجتماعات مكثفة لاقرار القانون الامثل لتمثيل الناخب داخل الندوة البرلمانية دون ان ندرك كمواطنين خفايا هذا القانون وتفاصيله وخطوطه العريضة والصغيرة وكـأن النواب يعبّدون طريقا داخل نفق حيث محكوم على المواطن ولوجه دون أن يبصر معالمه بل أن يقطعه بنوره وناره لا حول له ولا قوة .
انطلاقا من قاعدة للمواطن الحق بأن يواكب الحدث الجلل في كافة تفاصيله ليكون على دراية تامة من الاليات المعتمدة في تطبيق القانون المطروح وهي آليات تجعل صوته داخل صندوق الاقتراع محققا في نتيجته لايصال الممثل الأفضل له، يطلق موقع "ليبانون ديبايت" مجموعة تقارير بمثابة قراءة سهلة للمواطن اللبناني تضعه على بيّنة من تاريخ قوانين الانتخابات النيابية في لبنان مع عرض لأرقام نتائج المعارك الانتخابية السابقة مع مقارنتها بمجموع الناخبين في الدوائر وكيفية توزيعهم الطائفي بالاضافة الى مقابلات حصرية أجرتها مع شخصيات سياسية تمثل كافة الكتل المتمثلة اليوم داخل البرلمان اللبناني ويبقى الاهم عرض مفصّل للأنظمة الأنتخابية المطروحة اليوم داخل الصالونات الضيقة والمكاتب المؤسسات الحكومية والمحجوب أمر مناقشتها الى العلن. تقتضي الاشارة الى ان مراجع عدة اعتمدت لاتمام هذا العمل وهي: الانتخابات النيابية في لبنان للرئيس انطوان الناشف والرئيس خليل الهندي، النظم الانتخابية للدكتور ضاهر غندور، التمثيل والانتخاب والانظمة الإنتخابية والانموذج اللبناني للدكتور فؤاد بيطار، تطور قانون الانتخاب في لبنان للأستاذ أحمد زين الدين، بالاضافة الى المعلومات التي توافرت لنا عبر الموقع الرسمي لوزارة الداخلية والبلديات - المديرية العامة للأحوال الشخصية.
ان أهم ما يمكن التطرق اليه مع انطلاق سلسلة التقارير تلك هو الاهمية التي تتمثل بالعلاقة بين حجم التمثيل النيابي وعدد الناخبين.
للرد على هذه المعادلة يقتضي التفريق بين ثلاث حقبات مرت عليها مسألة العلاقة تلك وهي : حقبة ما قبل الاستقلال وهي الممتدة منذ انشاء المجلس التمثيلي الاول في 25 ايار 1922 الى حل المجلس النيابي الرابع في 21 ايلول 1938 الذي ترافق مع تعديل الدستور.
خلال هذه الحقبة يجب التمييز بين القرارين 1240 والقرار رقم 2 L.R. . ان القرار الاول بالاضافة الى القرار 1307، وضع قاعدة لتوزيع المقاعد النيابية بين المحافظات والمدن المستقلة اداريا، وتمثلت هذه القاعدة في نصه على معدل انتخابي يكون بحاصل قسمة مجموع عدد الناخبين على عدد الاعضاء - النواب - في المجلس الذين كان عددهم 33 نائبا، ثم بتقسيم عدد أبناء كل طائفة في كل منطقة على هذا المعدل وعلى حاصل النتيجة يتحدد عدد النواب الممثلين لكل طائفة. أما القرار رقم 2 L.R. الذي جرت على أساسه انتخابات 1934 بعد صدور الدستور المؤقت الصادر بالقرار 2 L.R. عن المفوض السامي "دي مارتيل" فأخذ بالنسبة لتحديد عدد النواب لكل طائفة بالاتي: قسمة عدد الناخبين في المحافظات على عدد أعضاء المجلس النيابي ويخصص لكل طائفة مركز نيابي واحد على الاقل في كل محافظة اذا كان عدد تلك الطائفة يشتمل على المعدل الانتخابي السابق ذكره أما الدستور المؤقت فنص على أن يتحدد عدد النواب على أساس نائب لكل 50000 من السكان.
أما عن الحقبة الثانية من سنة 1943 حتى انتخابات سنة 1992 النيابية بقي ضابط تحديد عدد النواب محكوما بما اقترحه الجنرال "سبيريس" عشية انتخابات المجلس النيابي الاول في حقبة الاستقلال وهو أن يتمثل المسيحيون بنسبة 6 مقابل ان يتمثل المسلمون بنسبة 5 من مجموع عدد النواب. ويكون بذلك استقرت نسبة عدد النواب المسلمين للنواب المسيحيين الا ان حجم التمثيل العام بالنسبة لعدد الناخبين لم يعد محكوما بقاعدة. اذ أتت التوزيعات في المقاعد النيابية البالغة حينذاك 99 مقعدا كالآتي: 30 للموارنة، 19 للشيعة، 20 للسنة، 11 للروم الارثوذكس، 6 للروم الكاثوليك، 6 للدروز، 4 للأرمن الارثوذكس وواحد لكل من البروتستانت والأرمن الكاثوليك والأقليات. بقي هذا الوضع قائما 12 سنة على التوالي حتى انتخابات 1972 التي أيضا جرت على أساسه وامتدت في نتائجها بفعل التمديد للمجلس حتى 15 تشرين الاول 1992.
اما الحقبة الثالثة والتي تمتد من 6 حزيران سنة 1991 وحتى اليوم اصبح يحكم نسبة عدد المقاعد النيابية وتوزيعها على الطوائف كل من وثيقة الوفاق الوطني والمادة 24 من الدستور اللبناني. وللاشارة، خلال انتخابات 1992 ارتفع عدد المقاعد النيابية في البرلمان اللبناني من 108 نواب الى 128 نائبا بعدما كان العدد ابتداء من العام 1943 كالآتي: 55 للعام 1943، 55 للعام 1947، 77 للعام 1951، 44 للعام 1953، 66 للعام 1957، 99 للعام 1960، 99 للعام 1972 و 128 للعام 1992 وما زال العدد نفسه لليوم.
لذلك يتبين انه بعد الاستقلال لا وجود لأية قاعدة يمكن القياس عليها لتحديد الزيادة التي تمت في عدد النواب كما انه لم يعد تعيين عدد النواب وتوزيعهم الطائفي يحصل وفقاً لقاعدة نسبية يتحدد في ضوئها عدد الحصص المذهبية. فبعدما كان يتم احتساب عدد النواب وتوزيعهم الطائفي على أساس عدد الناخبين من جهة وعدد أفراد كل مذهب من جهة أخرى، تحولت المجالس المتعاقبة منذ سنة 1943 والى يومنا هذا الى شراكة طائفية تحكمها قاعدة 6 و 6 مكرر بدل أن تكون محكومة بتمثيل ناتجا عن قاعدة في قانون الانتخاب بدل أن يكون محددا مسبقاً في قانون الانتخاب.
واذا انتقلنا من النظري الى التطبيقي يتوزع عدد النواب الحالي على الدوائر الانتخابية وفقا للعملية الحسابية الآتية: ينبغي أولا الأخذ بمبدأ المناصفة لمجوع عدد المقاعد النيابية 128 أي 64 للمسيحيين و 64 للمسلمين لمعرفة عدد الناخبين المطلوب توافره عن كل من الطائفتين ليكون له في المقابل نائباً.
اذا درسنا عينة محافظة بيروت وفقا للاحصاءات الواردة في لوائح الشطب المعدة من قبل وزارة الداخلية للعام 1995، ان عدد الناخبين المسلمين في لبنان هو: 1364625/64 (مجموع عدد المقاعد المخصص للمسلمين داخل البرلمان)= 21322 ناخباً لكل نائب مسلم . الناخبون المسيحيون في لبنان عددهم: 1130373/64 (مجموع عدد المقاعد المخصص للمسيحيين داخل البرلمان)= 17622 ناخباً لكل نائب مسيحي . تطبيقا لهذه القاعدة تكون الحصيلة على صعيد محافظة بيروت كالتالي: أ- الناخبون المسلمون: 199302 (مجموع الناخبين المسلمين على صعيد محافظة بيروت) / 21322 (مجموع الناخبين المسلمين المتمثلين بنائب واحد) = 9,34 (المقاعد الحالية 9 مقاعد) - السنة 141361 يتمثلون بـ 6,62 مقعد (العدد الحالي 6 مقاعد) - الشيعة 47626 يتمثلون بـ 2,23 مقعد (العدد الحالي مقعدان) - الدروز 4326 يتمثلون بـ 0,21 مقعد (العدد الحالي مقعد وحيد) أ- الناخبون المسيحيون: 164547 (مجموع الناخبين المسيحيين على صعيد محافظة بيروت) / 17662 (مجموع الناخبين المسيحيين المتمثلين بنائب واحد) = 9,31 (المقاعد الحالية 10 مقاعد). - الموارنة 24866 يتمثلون بـ 1,40 مقعد (العدد الحالي مقعد وحيد) - الارثوذكس 40587 يتمثلون بـ 2,29 مقعد (العدد الحالي مقعدان) - الكاثوليك 18220 يتمثلون بـ 1,03 مقعد (العدد الحالي مقعد وحيد) - الأرمن 61157 يتمثلون بـ 3,46 مقعد (العدد الحالي 4 مقاعد) - الأقليات 11988 يتمثلون بـ 0,67 مقعد (العدد الحالي مقعد وحيد) - الانجيليون 7729 يتمثلون بـ 0,43 مقعد (العدد الحالي مقعد وحيد)
وهكذا دواليك يمكن احتساب حصيلة عدد النواب في كل دائرة انتخابية انطلاقا من اقتسام عدد الناخبين المسلمين او المسيحيين الناخبين داخل الدائرة الانتخابية على مجموع الناخبين المتمثلين بنائب واحد من كل من الدينين الاسلامي والمسيحي.
نوافيكم في التقرير اللاحق حول تاريخ تركيبة المجلس النيابي وكيفية توارث 26 عائلة لبنانية الوظائف السلطوية في لبنان ما بين المهام النيابية والوزارية.
|