Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
نواف سلام يفخّخ البلد... إستكمال الإنقلاب
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاثنين
03
شباط
2025
-
7:01
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
يوم الأحد قبل الماضي، حضرت آليات تتبع لقوى الأمن الداخلي يرافقها مدنيون، إلى متجر مشهور ببيع الأدوات المنزلية الكهربائية عند أطراف العاصمة. كان المتجر مقفلاً. إتصلت إدارة الشركة بمدير الفرع وطلبت منه الحضور وفتح أبواب المؤسسة أمام عناصر الأمن و"مساعدتهم بشراء بعض الاغراض ومن ثم تسجيل المشتريات يدوياً على فاتورة جانبية وقبض ثمنها من دون إدخالها في السيستم"، ففعل.
باعهم جهاز تلفاز من الحجم الكبير، براد، غسالة وماكينة قهوة سريعة التحضير وأشياء أخرى، ومن ثم خرجوا كما اتفق. في ما بعد، تبيّن أن "العملية" هدفت إلى تجهيز جناح استأجره الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة الموقوف على خلفية تهم بتهريب واختلاس الأموال العامة، في مستشفى "بحنس" الحكومي على نفقته الخاصة، حيث يمضي فترة نقاهة مدفوعة الأجر!
على هذا النمط تُدار الدولة، بالمحسوبيات والخداع والتلاعب. يحكمها رجال نافذون من أصحاب المال والقرار والسلطة. أسلوب البلطجة بالقانون ليس إستثنائياً، هو انعكاس لبلطجة تشمل جميع الملفات تقريباً. ذلك ينسحب على ملف تأليف الحكومة الجديدة، حيث تشهد "بلطجة" من نوع آخر أكثر وقاحةً. رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، بالتضامن والتشارك مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، قرّرا ضرب "السيستم" المعتمد كآليات عمل ملزمة في تشكيل الحكومات، في مقابل العمل على فرض تشكيلة "أمر واقع" على القوى السياسية.
لذلك يقوم الرئيس المكلّف ومعاونوه وشركاه وآخرون، بالإنقلاب تلو الإنقلاب على التوافقات والتفاهمات التي يتم التوصل إليها مع أفرقاء سياسيين، واختراع مشاكل تأليفية لا تعد ولا تحصى، وإنتاج مشاكل مع القوى السياسية وفي ما بينها والإنشغال بها وتسويقها عبر الإعلام والإستثمار فيها، وكله يهدف لإخراج بعض القوى السياسية من مدار التأليف عبر إحراجها، ما يسمح بإنتاج حكومة من خارج تأثير الكتل البرلمانية. لذلك مثلاً، يقوم الرئيس المكلف بالعمل مع شركائه على اختيار أسماء وزارء لتمثيل الكتل السياسية من خارج التنسيق معها أو من خارج رأيها.
أحدث مثال على ذلك ما جرى مع عضو كتلة "التوافق الوطني" النائب فيصل كرامي، حيث كانت كتلته تفاوض الرئيس المكلف على تمثيلها، ليُصدم بأن الرئيس سلام سمّى في مسودة حملها إلى رئيس الجمهورية السيدة ريما كرامي أبنة بيته السياسي من دون العودة إليه، ما أثار غضبه، كون ما جرى يرسي أعرافاً غير معهودة في التلاعب بالبيوتات السياسية والرئيس سلام منها ويعلم دقتها. غير أن الأخير، ومع ذهاب كرامي إلى مكاشفته، إنتفض معتبراً أن الدستور أعطاه الحق في تأليف الحكومة، وهو ليس منصاعاً لرغبات أحد، ولا تقف أمامه حدود. وأنه في حال رفضت القوى اقتراحاته، وحاولت إيصاله إلى طريق مسدود، فخياره يبقى قائماً في الذهاب إلى حكومة أمر واقع يختارها وفق توجهاته بالتنسيق مع رئيس الجمهورية!
أكثر من ذلك، يبني الرئيس المكلف، على ما يبدو، على مسار الضغط الذي أدى لانتخاب رئيس الجمهورية ثم تكليف سلام تشكيل الحكومة ضمن الإنقلاب الشهير، حيث بمقدوره الإتيان بالنواب بعد اللجوء لخدمات السوط الخارجي إلى المجلس والبصم على الثقة لمصلحة تشكيلة حكومية قد لا تروق لهم، في ما يبدو إليه أن الجميع (باستثناء الثنائي الشيعي) قد يسلّمون بالأمر!
ما فعله سلام مع كرامي سبق أن فعله مع الكتل السنّية الأخرى ومع الثنائي الشيعي ويستخدمه الآن مع "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، فمع الثنائي مثلاً، يجدد التقلّب على وقع الإنقلابات، فمرةً يعد الثنائي بحصص ثم ينقلب. ومرة أخرى يتفق معه على أسماء ثم يعود عنها. ومرة ثالثة يشترط "بروفايلات" محددة للوزراء، ومرة جديدة يخترع نظرية "التشارك في التسميات" عنوة عبر الإدعاء أنه سيفعل الأمر ذاته مع الآخرين. وليس ما يقوم به سلام مع الثنائي سوى محاولة توجيه ضربة سياسية لهذا الأخير بعد المسار العسكري.
الأسوأ أن المنظومة التي تُعاون سلام "تُربّي" صيصاناً شيعة من خارج الثنائي كي يستثمر فيهم خلال الإنتخابات المقبلة عام 2026، أي من خلال محاولة الإتيان بـ"كوتا" من خارج الثنائي تستكمل الإنقلاب على "السيستم" وتصبح معها العودة إلى لغة انتخاب "شيعي" من خارج الثنائي رئيساً لمجلس النواب، واقعية.
تأسيساً على ما تقدم، يبدو أن سلام آتٍ من شغف إحداث تأثير سياسي لبناني داخلي من خارج السيستم القديم، مستفيداً من الأجواء الراهنة والزخم الدولي الذي يفسّره البعض على أنه رغبة جامحة في تحقيق تغيير عميق داخل طريقة إنتاج السلطة في لبنان، من بينها تجاوز نتائج إنتخابات عام 2022 بالنسبة للقوى المهيمنة، وبالتالي محاولة فرض تغييرات لم يتم بلوغها خلال انتفاضة 17 تشرين عبر تفسيرها داخل تأليف الحكومة، من الممكن باعتقاد هؤلاء بلوغها اليوم طالما أنها باتت تشكل ملحقاً مكملاً لانتخابات الرئاسة والتكليف.
لكن سلام ومن خلفه، يتجاهلون أن القوى "المهيمنة" والتي تطالب ب"تقريش" تمثيلها النيابي حصصاً داخل مجلس الوزراء، سبق لها أن تلاعبت بـ 17 تشرين وفرّغته من محتواه وفي ما بعد جيرّته في صالحها، وعلى ظهره أعادت إنتاج نفسها ومنظومتها، وبإمكانها تكرار الشيء نفسه مرة جديدة، في ما يبدو أنه سيتكرّر بالإستناد إلى ما يجري اليوم، حيث باتت هذه القوى بجميع أطيافها، تتبادل الخدمات في ما بينها من تحت الطاولة.
فريق يصوّب على وزارة المال، وآخر على الرئيس المكلّف وثالث على رئيس الجمهورية ورابع على طريقة تشكيل الحكومة، فيما الهدف هو إعادة وضع سلام على السكّة والكفّ عن محاولة التلاعب في التوازن الداخلي والعودة إلى الآليات التقليدية المتّبعة في تأليف الحكومات. وعلى الأرجح وفي ما لو تعقد الوضع أكثر من باب تشدّد سلام وصحبه على الإتيان بحكومة من خارج التوازنات بمعاونة الخارج، فإن المرجح أن ندخل في مواجهة من نوع مختلف أكثر ضراوة، سيكون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أول المستفيدين منها.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا