Beirut
10°
|
Homepage
رواية إخراج "حزب الله" من الحكومة
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 07 شباط 2025 - 7:03

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ليست المشكلة مع نواف سلام بالأسماء المقترحة لدخول حكومته ولم تكن كذلك في أي وقت. الخلاف منذ اليوم الأول كان وسيبقى حول التوازنات المُراد هندستها داخل الحكومة. ما يجمع نواف سلام وصحبه ومن سمّاه، أنهم يريدون تأليف حكومة من دون مشاركة "حزب الله". بالنسبة إليهم، هذا لم يعد خياراً بل مسألة طبيعية الآن، ببساطة لأن الحرب على الحزب أضحت قضية ما فوق العسكرية، ولن تقف عند حدود العسكر. في المقابل يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أن لا يضع قدماً في الحكومة إلاّ مع الحزب.

بالنسبة إلى بري، يعتبر أن دخول الحزب إلى الحكومة، واجب سياسي وأخلاقي أساسي لا بديل عنه. ولا ريب أن بري يتشدّد أكثر من الحزب حيال دخول الأخير الحكومة، وقد أبلغهم ذلك وشرح لهم الأسباب. القضية إذاً لم تعد بالنسبة إلى بري "إنني أنا والحزب ندخل معاً أو أنا وإياه نخرج سوياً". باتت المسألة مرتبطة بتمثيل مكوّن ومستقبل تمثيله. لا بديل لبري أو خيار آخر، غير المشاركة في الحكومة، بل هو سيشارك فيها وبقوة.


نذكر هنا حادثةً جرت بعد "الإنقلاب" الشهير خلال الإستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا حينما خرج نواب الحزب عن طورهم. وزّعت يومذاك تسريبات عن احتمال عدم مشاركة الحزب في الحكومة العتيدة. كان بري أول من تصدى لها. أسرع طالباً توضيحها، لا بل أصرّ على تسجيل مواقف تؤكد إصرار "حزب الله" على المشاركة في الحكومة مهما بلغ الثمن، وهو ما حصل.

ما يُفهم، أن بري يعي ما يُحاك جيداً. كان الهدف وما زال إخراج الحزب من الحكومة ومنع تمثيله. فلماذا تقديم هذا الهدف إلى طالبيه على طبق من فضة؟
يرتبط الهدف المُشار إليه جوهرياً بنتائج الحرب الإسرائيلية على الحزب، وعبرها، هناك من فتح الباب على توفير ظروف توجيه ضربة سياسية لن تتوقف عند حدود الحكومة ولن تتوانى عن إضعاف ما هو أبعد من الحزب، بل ستستأنف حتى تبلغ مجلس النواب.

هنا إذاً لم تعد لمسألة الأسماء والمستوزرين قيمة. الخلاف الذي وقع بالأمس في قصر بعبدا بين الرؤساء الثلاثة جوزاف عون وبري ونواف سلام، وأدى إلى نسف المسودة الحكومية وفق الصيغة التي يريدها الرئيس المكلّف، لا يتعلق بوجود اعتراض على توزير الدكتورة لميا المبيّض ضمن الحصة الشيعية الخامسة التي في الأساس قِبَلَ "الثنائي" مشاركة التسمية مع الرئيسين عون وسلام. الجميع يعلم بمن فيهم عون وسلام، أن لا "فيتوات" على الأشخاص يرفعها الثنائي حيث كان مرناً إلى أبعد حدود في إجراء تبديلات على لوائح أسماء سبق أن سلّمها لسلام ورُفضت. حتى أن الرئيس سلام الذي لا يعلم من هي مبيّض ولا من تكون، قضيته ليست القتال وإعلان الحرب لتوزير هذه السيدة أو سواها، إنما القضية الأساس بالنسبة إليه تبقى في توفير عناصر تدفع إلى إحراج ليس "حزب الله" بناءً على طلبات خارجية ربطت بين مشاركته في الحكومة ومصير سلاحه، إنما حركة "أمل" أيضاً، والفيتو السياسي الحالي، ليس مرفوعاً بوجه الحزب، بل يطال الحركة بقوة، ببساطة لأنها شريكة الحزب في السياسة وغير السياسة. بناءً عليه، أتى تعمّد وضع إسم المبيّض من قبل الرئيس المكلّف وشركائه، متجاوزاً تفاهماً مسبقاً مع الرئيس بري حول التشارك في اختيار الإسم، مع العلم أنهما كانا متفقين على إسم معين بعلم رئيس الجمهورية، من خلفية النيّة بإحراج "الثنائي" ودفعه لاعلإن عدم المشاركة، تماماً كما أُحرج جبران باسيل وتياره بقصد انتظار موقف منه بعدم المشاركة.

نعود للعبة تركيب الحكومة والأوزان. لقد اتضح، ليس لرئيس الحكومة المكلّف فحسب وإنما لمنصة "كلنا إرادة" ومن وظّفت حوله من نواب، والتي باتت تتولى مهمة التدقيق في "السير الذاتية" للمقترحين على الوزارة حيث تقبل وتفرض، كذلك للسفارة الأميركية التي تقوم بمهمة فحص المستوزرين، إن كان للحزب والحركة والتيار الوطني وتيار "المردة" وتكتل "التوافق الوطني" وأخيراً الأرمن، ثلثاً معطلاً باستطاعته تعطيل الحكومة متى شاء. إذاً كان الخيار في تفكيك الثلث عبر: رفض مشاركة الحزب وإحراج جبران باسيل عبر تقديم "الفتات الوزاري" له. وبالتالي إن بقيَ الآخرون فلا معنى سياسياً لوجودهم!
الآن، هل باستطاعة الرئيسين عون وسلام إعلان حكومة من خارج موافقة بري أو حضوره في قصر بعبدا أو عملياً المضي بحكومة من خارج المكوّن الشيعي؟
بالأمس وجّه بري رسالةً قوية. قال على مسمع الرئيس عون: "إن استطعتم شكلوا حكومة"، ثم خرج من الباب الخلفي للقصر وقطع خطوط التواصل. فهم الرئيس عون أن لا حكومة من دون بري، في الحد الأدنى لا يستطيع توقيع حكومة من دون حضور رئيس المجلس. هنا بالضبط تتجلى قوّة الميثاقية. منذ ما بعد الطائف لم تسجل سابقة توقيع مرسوم حكومة في ظل غياب رئيس المجلس. هل يقبل عون تسجيلها على نفسه؟ ولأجل من؟

هنا، يكون بري قد ضرب مجموعة عصافير بحجر واحد:

1- ثبّت حضور "حزب الله" حكومياً.

2- أعاد النقاش في هيكلية مجلس الوزراء.

3- حمّس "التيار الوطني" الذي بات معنيّاً أكثر من ذي قبل بالمشاركة وبالقوة.

4- والأهمّ أسقط مقولة "الذهاب إلى حكومة الأمر الواقع".

بين هذه وتلك، لا بدّ للأنظار أن تتجه إلى الحدود السورية، حين ثبتت النوايا حيال مسألة إعلان استئناف الحرب "العسكرية" على المقاومة. هذه المرة، ستتولى القيادة السورية الجديدة المهمة تحت عنوان: وقف خطوط إمداد الحزب. ما فتح ذيول المعركة، هو ما أُبلغ إلى دمشق، من أن الحزب مازال قادراً على تأمين الإمداد عن طريق سوريا، وأن العشائر هناك تتمتع بقوة عسكرية تضاهي قوة حشود وزارة الدفاع السورية.

الهدف قطع الإمداد، لكن الأهمّ يكمن في الرغبة باستمرار "حرب الإشغال" التي افتتحت على الحزب بديلاً عن الحرب الإسرائيلية الكلاسيكية، حيث سيستأنفها خصوم الحزب.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
هذيان طارق متري 9 "قبل أن يغادر موقعه"...الكشف عن كواليس عملية اغتيال نصر الله! 5 فاجعة أليمة تصيب آل الحريري! 1
"وصلت اللقمة إلى الفم"... السيد يكشف سبب تأجيل تشكيل الحكومة 10 بعد انفجار أسلحة لحزب الله... هاليفي يقيل ضباطاً في الجيش 6 "فيتو أميركي" يُطيّر الحكومة... لا للثنائي الشيعي! 2
بعد أن سرقت مجوهرات وأغراض... "الأمن" يوقف سورية 11 "يتفضّل يعمل حكومة بلا الثنائي"... استنفار شيعي على سلام! 7 "نواف سلام لم ينكسر... صعق برّي وغادر اجتماع بعبدا"! 3
بعد اجتماع بعبدا الثلاثي... هكذا علّق بريّ وسلام! 12 بنسبة 200%... "قطاع" يشهد انتعاشًا غير مسبوق! 8 أورتاغوس في لبنان تمهيدًا لأمر خطير... ودعوة للزحف جنوبًا في هذا التاريخ! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر