Beirut
19°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رسائل بالنار لردع الرئيس بري
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاربعاء
23
تشرين الأول
2024
-
7:09
"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح
في وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري، أفصح رئيس مجلس النواب نبيه بري عن تصوّره لوقف إطلاق النار في الجنوب، مجدداً تأييده لورقة "الحل" الأميركية – الفرنسية القائمة على وقف لإطلاق النار مدته 21 يوماً، وهي الورقة التي توافق حولها مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله قبل اغتياله يوم 27 أيلول الماضي، حيث أبدى نصرالله حينذاك موافقته المشروطةً بربط الحل بين جنوب لبنان وقطاع غزّة، وقد فوّض بري تولّي التفاوض قبل أن يذهب بنيامين نتنياهو إلى خياره باغتيال نصرالله. الآن يعود بري إلى اعتماد نفس المبادئ، معززاً بتكليف مضاف من قيادة الحزب الحالية التي انبثقت بعد فاجعة اغتيال نصرالله، وبخيار الحكومة اللبنانية، وشخصيات مثل وليد جنبلاط.
بري الذي كان استبقَ زيارة المبعوث الأميركي – الإسرائيلي عاموس هوكشتين إلى بيروت بموقف صحفي حدد فيه السقف اللبناني في التفاوض، مشروطاً بتطبيق حرفي وكامل للقرار 1701 من دون تعديلات، عاد وأبلغ هوكشتين، خلال لقائهما أمس الأول في عين التينة، فحوى خياره وقراره. لكنه في الوقت نفسه أبدى انفتاحاً على ما يسمى "آليات" لتأمين تطبيق كامل وغير مجتزأ للقرار الأممي من الجانبين اللبناني والإسرائيلي. في المقابل، كان هوكشين الذي زار بيروت على وقع توسيع إسرائيلي مقصود ومدروس لهجماته المعادية في العاصمة، مركزاً على أهداف إقتصادية - مدنية تابعة للحزب (القرض الحسن)، ينطلق من "ورقة استسلام" إسرائيلية قدمت إلى البيت الأبيض في وقتٍ سابق من الأسبوع الفائت كي يتولى الأخير تسليمها كـ"صيغة حل" إلى الجانب اللبناني، تضم شروطاً لإنهاء الحرب، إذ يطالب العدو بحرية حركة كاملة لقواته ضمن ما يسمى منطقة "جنوب الليطاني" (وليس لقوات اليونيفيل)، وأن يُسمح له بحرية حركة جوية وان تكون له مهمة مراقبة المرافق الحدودية اللبنانية وأيضاً مراقبة عمل "قوات اليونيفيل" (أو أي قوات قد تخلفها) بما في ذلك الجيش اللبناني. وقد وضع شروطاً في الورقة على الجيش، بأن مهمته محصورة بالإنتشار ضمن شريط معين من جنوب لبنان، وأن عليه العمل على ملاحقة وتعقّب "المسلحين" ومنع تواجدهم، مع احتفاظ العدو لنفسه بحق التدخل متى وجد أن الجيش يتلكأ عن تنفيذ المهمة.
من المؤكد أن هذه الشروط مرفوضة من جانب لبنان، ومن جانب رئيس مجلس النواب الذي يتكىء على قوة الحزب العسكرية وتفويضه وقوته الذاتية كرئيس للمجلس وشخصية شيعية مركزية وصانع سياسات، وتتعارض مع مفهوم الحكومة اللبنانية للحل. لكن وبدلاً من التصرف بطريقة إستعراضية أمام هوكشتين، كان بري مرناً بما فيه الكفاية إلى حد طرح أفكار على المبعوث الغربي تتصل بالتفاهم حول ترتيبات تتعلق بكيفية تطبيق القرار 1701، فيما أوساطه تؤكد أنه استطاع إقناع هوكشتين بدعم وتسويق تلك الأفكار.
عملياً، "حزب الله" أبدى موافقته على تنفيذ القرار الدولي 1701 الصادر عام 2006، وأنا سمعت شخصياً هذا الكلام في أكثر من مجلس. ما يُفهم من الموافقة قبول انسحاب قواته إلى خارج منطقة جنوب الليطاني، فيما آخرون يعتبرون أن الحزب يريد الموافقة لأجل وقف الحرب وفيما بعد التصرّف بالقرار الدولي كما سبق له أن تصرف معه منذ العام 2006. في المقابل وبناءً على التسريبات الإسرائيلية، فإن تل أبيب قد خرجت من مفهوم الموافقة على الـ1701 كلياً، وهي تطرح الآن نظرية تقوم على ضرورة تفكيك ترسانة الحزب العسكرية وخروجه لغاية منطقة شمال نهر الأولي، أي حوالي 70 كلم بعيداً عن الحدود، وهي تفكر في إطار جديد ومختلف، وإن قبلت بالقرار 1701، فتريد أن تدخل عليه تعديلات جوهرية تتصل بالتصورات الأساسية التي بُني عليها، وهذا قد يحصل بالتفاهم مع واشنطن، ومن دون إنتاج قرار جديد، إنما يكفي عبر مناقشات في جلسة لمجلس الأمن، اللجوء إلى خيار إعادة صياغة القرار أو إعادة إنتاجه من دون المسّ بجوهره. ويُفهم أيضاً أن الإسرائيليين، بدفعهم الحزب إلى شمال نهر الأولي، يريدون حصر ما تيسّر من قواته داخل الحدود الجغرافية لمنطقتي بيروت والضاحية وجبل لبنان، أي أنهم يريدون دفع الحزب إلى الداخل اللبناني، ما يُفهم منه أن العدو يطمح أو يؤسس لإغراق الحزب في قتال أهلي، ربطاً بتقديرات إسرائيلية سابقة ولاحقة تتحدث عن استعدادات للقوى المعارضة له، للتحرك عسكرياً في مواجهته حين يثبت لديها أنه أصبح ضعيفاً بما فيه الكفاية!
بري بخطر
يبدو أن العدو الإسرائيلي لم يكن سعيداً من نتائج زيارة هوكشتين إلى بيروت. إذ وفور مغادرته شنّ سلسلة هجمات ليلية إتسمت بعنف غير مسبوق، إختار لها مواقع حيوية وضم إليها مناطق لم يشلمها بالقصف قط، لامست الحدود الجغرافية لمدينة بيروت حيث كانت تل أبيب قد "التزمت" بحسب ادعاءات واشنطن بعدم شنّ هجمات هناك. وكان من الملاحظ أن إسرائيل ضمّت إلى أهدافها مستشفى "الساحل" الذي يديره النائب في كتلة الرئيس بري فادي علامة، ما فهم أنه رسالة سياسية إلى بري نفسه. في نفس الليلة أيضاً، شنت إسرائيل هجمات على منطقة مدنية آهلة بالسكان تقع في منطقة الجناح بمحيط مستشفى رفيق الحريري الحكومي، وهي منطقة تتسم بالولاء للرئيس بري. وفي أعقاب الليلة العنيفة، قررت إسرائيل إعتبار منطقة "الحوش" التابعة لمدينة صور جنوب لبنان حيث النفوذ الأكبر للرئيس بري، "منطقة عسكرية" يمنع تواجد المواطنين فيها ثم بادرت إلى قصفها وتدميرها. ما فهم من الرسائل التي حملها القصف، أن التعاطي اللبناني مع "ورقة الإستسلام" التي حملها هوكشتين لم يرق لتل أبيب، وربما لم ترق لهوكشتين نفسه، فاتخذ القرار بتوسيع مدى القصف، وتوجيه رسائل حازمة إلى بري، وممارسة ضغوطات كبيرة عليه، وعبره ومن خلاله على الحزب وبيئته، أو دفع بري إلى التراجع والتراخي أو تقديم التنازلات.
بالموازاة، ثمة ضغوطات متزايدة على بري يتولاها أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من بينهم من يهدد بعقوبات بسبب ما يقولون إنه "دور لبري في منع انتخاب رئيس للجمهورية".
بطبيعة الحال هذه الضغوطات غير منفصلة عن الدور الدبلوماسي الأميركي. تعتقد مصادر سياسية بارزة، أن واشنطن تريد الآن وفي ظل الحرب من بري، أن يفعّل دوره في ما له صلة بإنتخاب رئيس للجمهورية. وفي تقدير هؤلاء أن واشنطن تريد أن يكون هناك رئيس جمهورية مقرب منها (يعتقد أن المطروح هو قائد الجيش جوزاف عون) كي يتولى التفاوض ربطاً بما ينص عليه الدستور اللبناني، وأن ينتزع من بري هذه الورقة، بما يسهل التوصل لاتفاق لاحق مع إسرائيل حيث لا يكون لبري تأثير كبير. وطالما أن الوصول إلى هذا الهدف غير واضح الآن فإن القرار هو في ترك الآلة العسكرية العسكرية تأخذ وقتها.
الحل؟
يُنظر إلى قتال الحزب عند الجبهة على أنه القادر على توفير أوراق يمكن استخدامها في مجال تقوية الموقف التفاوضي لكل من بري والحكومة اللبنانية. ويفترض أن المقاومة، وفق الخط البياني الحالي، متجهة إلى رفع وزيادة نوعية وجودة ضرباتها.
عملياً، يتكئ رئيس المجلس في قتاله الدبلوماسي على قوة الحزب وأيضاً على ضمانات داخلية. من الواضح أن الخرق الدبلوماسي مستبعد الآن، والسقوف التفاوضية ما تزال عالية، ما يرجح انغماس الجميع في جولة من التصعيد العسكري والسياسي وعلى الأكيد ستتجاوز موعد فتح صنادق الإقتراع في الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا