Beirut
28°
|
Homepage
إعادة ترتيب البلد بعد "هزيمة" حزب الله!
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 11 أيلول 2024 - 7:06

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ثمة عمل شاق ومستمر في الداخل لأجل إجراء هندسة على التركيبة السياسية الحالية أو إحلال بديلٍ عنها. هذا المسار انطلق بطموحات واسعة عام 2019 وكانت له محطة خلال انتخابات 2022 وما تلاها. ويعود الحديث إليه اليوم من بوابة الحرب والإستعصاء الرئاسي والخلل الناتج عن قانون الإنتخاب. ما يعنيه ذلك أن المشروع "ماشي"، تنخفض وتيرته أحياناً وتتصاعد أحياناً، أما الهمّ الأساس فيبقى في تحقيق الهدف أو على الأقل العمل على الوصول إليه.

حالياً هناك خلط أوراق سياسي داخلي واضح يأتي بالتزامن مع الحرب الجارية جنوباً وسط معلومات واضحة تفيد أن "الجو الحربي" لا يزال مستمراً ولن ينتهي أقلّه في المدى القريب إلاّ بعد التوصّل إلى ما يسمى "ترتيبات حدودية" تترافق وأخرى سياسية. هذا السلوك يعطي دفعاً قوياً لبعض الكتل في الرهان على الحالة الحربية في وصفها ذات قدرة على تحقيق مكاسب من شأنها إحداث تبدل سياسي حقيقي ونوعي في المفاهيم السائدة، له في الدرجة الأولى أن يُعالج دور "حزب الله" المتعاظم داخلياً.


الرهان على الحرب
تعوّل بعض الأطراف الداخلية التي أصبحت متكيّفة مع المشروع ضمناً، أن باستطاعة آلة الحرب التأثير على الحزب من حيث تمثيله وحضوره ضمن المعادلة السياسية على نحو ٍ لا يصبح معه مؤثراً فعلاً كمثل ما هو عليه اليوم. لكن الرهان أعلاه يفتقد إلى عناصر أساسية، من بينها وضعية القوة التي يمثلها الحزب على المستوى الطائفي - الشعبي - التمثيلي في الحد الأدنى، كذلك القناعة المتكوّنة لدى فئات عديدة، من بينها دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، حول عدم القدرة على تحقيق منجز سياسي كامل له علاقة بالتأثير على دور الحزب الداخلي، إنما ما يمكن تحقيقه يأتي في سياق تهذيب هذا الحضور أو إعادة إنتاجه عبر الوصول إلى تسوية تُستمد من نتائج الحرب وتُعطف على السياسة، بحيث لا يكون للحزب تأثير كبير في مضمونها.

سياسياً، يعمل الحزب على تكريس حضوره أكثر لا سيما في الملفات الإشكالية على رأسها ملف رئاسة الجمهورية، ومن غير الصحيح أن الحزب لا يعير ملف الرئاسة إهتماماً نظراً لانصرافه إلى جبهة الجنوب.

سياسياً أيضاً واستباقاً لحلول الفترة الزمنية الموعودة التي يقنع البعض أنفسهم بها والتي من شأنها "تهذيب" حضور الحزب، يُعمل على إحداث تبدلات وتغييرات على خريطة الكتل السياسية المنتشرة في البرلمان لا سيّما المسيحية منها والتي تمثلها تحديداً "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، تترافق و "لعبة" تغيير تموضعات بعض النواب وايضاً فتح نقاش حول احتمال حصول مناقلات نيابية تدفع إلى إجراء "هندسات" على مستوى الكُتل ولا تستبعد ضمّ فئة المستقلين. ويعتقد على نطاق واسع أن لهذه التغييرات دوراً معيناً في صياغة "حالة سياسية بديلة" يمكن من خلالها تحقيق منجزات، أو على الأقل تكريس حالة سياسية مغايرة تكون حاضرة حين تختمر ظروف إبرام تسوية معينة حول الجنوب وتساعد في إتمامها.

توسيع الإغتيالات
اليوم ثمة حديث إسرائيلي حقيقي عن محاولة تحقيق أعلى قدر ممكن من المكاسب العسكرية في مواجهة "حزب الله"، من خلال تنشيط وتوسيع عمليات الإغتيال التي تستهدف قادة منه وأيضاً الإستهدافات المركزة التي تشمل مناطق حضوره. ويعتقد هؤلاء أن تحقيق منجزات عسكرية يؤدي إلى فرض معادلات ذات طابع سياسي تأتي في خدمة مسار إضعاف الحزب تدريجياً.

ففي السياق الأول ثمة تقدير لدى القادة العسكريين في تل أبيب، أن النمط الحالي من المعارك العسكرية شمالاً والمقصود تحديداً عمليات الإغتيال "مناسب جداً" ويحقق مكاسب مهمة على المدى البعيد. ويسري حديث حول فقدان الحزب نتيجة هذا السلوك الحربي ضده زهاء 30 قائداً من قادته الميدانيين في مقابل رقم آخر على صعيد مشاريع القادة الذين يتمّ تحضيرهم للإرتقاء في المسؤوليات صعوداً، ما يطرح سؤالاً بديهياً عن سبب عدم ذهاب الحزب من جانبه إلى نسقٍ مختلف من الأداء العسكري تجاه العدو.

ما تقدم يعني أن تل أبيب تُبدل في استراتيجيات تعاملها الأمني مع الحزب. ويعتقد جيش الإحتلال أن استمراره باتّباع هذا النسق دون الذهاب إلى خيار الحرب الواسعة التي يتخللها إجراء مناورات برية، أفضل إذا ما أريد إضعاف الحزب على المدى البعيد. من هنا يُفهم مثلاً إعتراض الكثير من قادة العدو على التلويح الدائم بتوسيع المعركة. وفي اعتقاد هؤلاء أن الولوج إلى هذا المسار يحقق رغبةً لدى "حزب الله" في استدراج الجيش الإسرائيلي إلى مناورات بريّة الهدف منها الإنتقال بالمعارك إلى داخل "الجليل"، وهذا يستبطن إقراراً بعجز قادة الإحتلال عن تحقيق مكاسب من خلال المناورة البرية وإظهار تفوّقٍ ما زال الحزب يتمتّع به إلى اليوم.

تفعيل "الضغط الأقصى"
عسكرياً ثمة تركيز إسرائيلي واضح على المساهمة في تكريس معادلات ذات ثقل سياسي كاستئناف الضغط العسكري كأفضل مسار يهدف إلى تحقيق ما يقولون أنه إبعاد "قوّة الرضوان" مسافة 10 كيلومترات عن الحدود. ولا بد من الإشارة إلى أن بنيامين نتنياهو فقد تعويله على دور الإدارة الأميركية الحالية ومبعوثها عاموس هوكشتين في التوصل إلى ما يقولون أنه "صفقة سياسية تؤدي إلى إبعاد حزب الله عن الحدود". لذلك بات نتنياهو يوحي أنه سوف يتكفّل بتنفيذ المشروع.

ليل الجمعة في 6 أيلول المنصرم، شهدت القرى الحدودية موجات قصف كثيفة تخللها "أحزمة نارية" إستهدفت ودياناً تقع على الخط الفاصل بين جنوب الليطاني وشماله، يدعي العدو أن "حزب الله" يستخدمها لشن عمليات قصف. يترافق ذلك مع هجمات يشنّها العدو على خطوط الإمداد. وربما هذا ما دفع إلى تحريك –من مكان ما- مجموعة من الإعلاميين المعاديين للمقاومة بدافع تسويق نظريات قاربت حد الجزم بأن إبعاد الحزب مسافة 10 كلم "مسألة أنجزت أو تكاد".

في الشكل عنوان الضربات كان تكثيف الهجمات والإستمرار بسياسة الضغط الأقصى على الحزب والتركيز ضمناً على استهداف مواقع نصبه لصواريخ "الكاتيوشا" التي يستخدمها في مجال إرباك "القبّة الحديدية" و توفير مساحة آمنة لعبور المسيرات الإنقضاضية نحو الجليل، لكن في المضمون هو نوع من إرساء مزيدٍ من الضغوطات على الحزب للإنسحاب من جنوب الليطاني. وأخيراً أيضاً، بات العدو ينتهج سياسة عدوانية تدميرية بحق القرى الأمامية أو ما كان يعرف سابقاً بقرى الشريط الحدودي، حيث يزيد من نطاق القصف ومداه التدميري بما يشمل إيصال رسائل دموية كاختياره استهداف شاحنة للدفاع المدني، كما محاولته إبراز صيغة معينة تقوم على فرض معادلة "المنطقة العازلة مقابل المنطقة العازلة"، وهذا يأتي رداً على افتراض الحزب أن المستعمرات التي سبق أن انسحب منها المستوطنون وتحولت إلى مناطق عسكرية بحتة، تشكل بالنسبة إليه منطقة لا بدّ أن تبقى خالية وسيعمل على فرضها، مانعاً المستوطنين من العودة إليها لحين التوصل إلى ترتيبات حول نقاط أساسية عالقة، تتراوح بين إعادة تحديد الحدود البرية و فكّ الحصار الغازي – الطاقوي عن لبنان.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
استنفار "فلسطيني" وسط جونية... و"لياليها" تحت نيران "العجيب"! (فيديو) 9 بعد تفجير "الأجهزة"... أول تعليقٍ من حزب الله 5 زلزال "سوري" جديد داخل لبنان: قرار يُثير الجدل ويوحّد التيار والقوات… الشارع سيشتعل! 1
انخفاضٌ في أسعار المحروقات! 10 صورةٌ للجهاز الذي فجّرته إسرائيل 6 سمح بالنشر: إنزال جوي اسرائيلي بالمسيرات النائمة في لبنان- اسلحة وأجهزة ثورية وصلت الى الجيش الأصفر! 2
"تيار جبران " بزعامة "غير مهددة" 11 هل يفعلها نتنياهو قبيل سفره إلى نيويورك؟ 7 مشاهد تٌظهر لحظة إنفجار أجهزة "البيجر"! 3
ردًا على مهاجمة الموسوي ومرعب... القومي: تحية لكل من لفظ الخيانة 12 شحنة أجهزة "ملغومة" وصلت إلى الحزب تسبّبت بمجزرة "البيجر"... إليكم التفاصيل! 8 "بواسطة تقنية عالية"... حدثٌ أمني في الضاحية الجنوبية (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر