Beirut
14°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
حسان دياب... "لن ألتقي رياض سلامة"
عبدالله قمح
|
الثلاثاء
28
نيسان
2020
-
3:00
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
يقول البعض إنّ إعلان رئيس الحكومة حسان دياب التمرّد على الطبقة السياسية وفق المعادلة التي أرساها خلال تلاوة بنود خطابه الأخير، والبدء برأس الهرم المالي، ستجرّه للدخول في معتركٍ صاخبٍ يحتاج من أجل تخطيه إلى "ركابٍ سياسية". وبما أنّ الظنَّ الحالي يقول بفقدانها، يصبح بهذا المعنى عرضة لانقلاب المشهد، ويتحوَّل هو إلى ضحيةٍ بدل الآخرين، قبل أن يتحوَّلَ إلى "شهيدٍ" بالمعنى السياسي.
آخرون يجيبون بخلافِ ذلك. وفق اعتقادهم، دياب بات أخيرًا يحظى بـ "ركابٍ سياسية يعوَّل عليها"، لكنهم يتحفظون عن تلاوة محاضر الكشفِ عنها. مفهومٌ أنّ بعضها داخليٌّ نتيجة الاصطفافِ داخل مجلس الوزراء، وبعضها الآخر شعبيٌّ مرتبطٌ بخطابهِ الذي نالَ حسن التأييد لدى شريحة واسعة، والاعتقاد الآن أنّ ذلك قد يؤهّله إلى بلوغ الجزء الثاني من المباراة.
على أي حال يمضي دياب في مقارعة رأس الهرم المالي. جدول أعمال جلسة اليوم على قلة أسطره يوحي بدوافع دياب الهجومية. تسربه إلى وسائل الإعلام أتى متعمداً. الرجل يريد رأس رياض سلامة بأي ثمن، لماذا؟ لأنه متهمٌ غيابيًا بالتواطؤ في تهيئةِ الانقلاب على الحكومة. بهذا المعنى، يجيز حسان دياب لنفسه الانقلاب هو الآخر. زياراته "العسكرية" وخطابه في اليرزة يوحيان بذلك. هذا لا يعني أن الجيش سيخوض البحر معه، ولكن أقله أبلغ إلى المؤسسة العسكرية خطواته القادمة: "لا ذقن ممشّطة لأحد".
طبعًا يحرص دياب على إعطاء حراكه الطابع الآمن. وضع الجهات الامنية في صورة أنّه لا يُحضّر لـ"زعزعةِ الأمن"، ولكن عليهم أخذ الحيطة والحذر لأن ما سيُطرَح على الطاولة "كبيرٌ" والمتضرّرون من الكبار وهؤلاء لديهم شوارعهم، إذًا فإنّ حدوث شيءٍ ما هو بمثابة أمر متوقع.
هجم دياب على رياض سلامة، وكان له هجمات مرتدّة يتولاها من يُطلَق عليهم "حزب المصرف". أطراف لا مصلحة لها بالإطاحةِ برياض سلامة الآن بصرفِ النظر عن أيّ سيناريو تخفيفي أم تصعيدي، فكان لها أسلحتها. الجميع لديهم ملفات يهدّدون بها. "الاشتراكي" لوَّحَ بالكشفِ عن ملفاتٍ. وليد جنبلاط انتقلَ إلى لعبتهِ المفضَّلة ألا وهي الابتزاز. "المستقبل" لديه ملفات يهدّد بها أيضًا. يثير غضبه جبران باسيل ويتهم حسان دياب بأنّه يمنح "صكوكًا للعونيين". غريبٌ أمر الحريري! وفيما لو أردنا محاكمته لوجدنا أن ما قدَّمه هو للتيار الوطني الحرّ يفوق ما قدَّمه غيره بأشواطٍ.
لا يهم.. الكلّ دخلَ في "الحوصةِ" إلّا سمير جعجع جلسَ على قارعةِ الطريق ينتظر عمّا سيكشف ومن ثمّ يتحرك بناء عليه. إذًا نحن أمام مشهدٍ مختلفٍ. قد يكون الشارع مخرج الجميع وها هو يغلي. سيناريو 1992 غير قابلٍ للتطبيق ما دامَ حزب الله هنا. تفلّت "الثورة" هو أمرٌ متوقَّعٌ. الاجهزة باتت تستخبر عن "مجموعاتِ عنفٍ ثوري" تتحضَّر. إذًا نحن أمام الاسوأ.
الآن، لا أحد يملك القدرة على التنبؤ بردودِ فعل حسان دياب طالما أنّ اللعبَ صارَ على المكشوفِ. أمس قلنا أنّ حسان دياب ليس سعد الحريري. الأول ليس في متناولهِ أي شيءٍ ليخسره. لا الإرث السياسي ولا الحزب ولا حتى الطائفة ولا أي شيء آخر سوى تاريخه الأكاديمي وهذا غير مطروحٍ على طاولةِ البحثِ. الثاني يخسر كثيرًا، في الشارع وأمام حلفائهِ فيما لو مضى في المغامرة، والخوف هنا يصبح مبررًا من الآخرين وقد يكبر حين يعلن دياب نفسه انتحاريًا.
في السياق، تدور تدخلات في "المعركة بين الحروب" الجارية على منبر وجلسة. هناك فريقٌ لا يجد مصلحة في التمادي أكثر طالما أنّ الشارع غير مضمون، ثم أنّه لا يحبّذ خوض البعض في معاركٍ بين بعضهم في ذروة الانزلاق نحو الإفلاسِ، لذلك وجدَ نافذة لاختراق الجبهات علّه ينجح في رمي قنابلٍ دخانية تسمح للبعض في التسلل خارج المضمار، وينجح في تأمين حدّ أدنى من الهدنةِ تسمح بترتيب أجواءٍ تفاوضيّة أقرب الى التسوية.
وفي الحقيقة هذا الفريق يُحسَب على طرفِ معارضةِ دياب، لكنه يختلف عنها في أنّه عقلانيٌّ أكثر. طوال الساعات الماضية غَرق في محاولة إيجاد ثغرةٍ تؤهله لترتيب أجواءٍ بين الرئيس حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على قاعدة "تذويب" السلبيات التي تراكمت عن آخر اجتماع عُقِدَ بين الجانبَيْن قبل أسبوعٍ تقريبًا والإعداد لآخر بظروفٍ أفضل. شيء أشبه بجرّه إلى طاولة مفاوضات "غير مرغوبة". لكن لغاية الآن فإنّ المبادرة تترنح، لأن حسان دياب أعلن أن لا حديث معه قبل إتمام مراسم جلسة اليوم، أي أنه ماضٍ في المبارزة إلى النهاية.
"المتدخلون" لاحظوا أنّ الهوّة تكبر بين رئيس الحكومة وحاكم المصرف. الاجتماع الأخير الذي عُقِدَ بين الجانبين في السراي الحكومية كلّف تدخلات منهكة نجحت في تأمينه لكنها لم تفلح في تحضير جو قابل للاجتماع. كان قرار رئيس الحكومة رفض لقاء الحاكم، وقراره الحالي هو نفسه لم يتغيّر، وقد أبلغه إلى "المتدخلين" عبر الطرفِ الوسيط. الرفض ليس نابعًا من موقفٍ شخصي فالمسألة ليست شخصية أبدًا، بل بفعل تجاهل سلامة لدياب وحكومته رغم أنّ الأول أولى بالتجاهل.
لكن في السياسة لا شيء مستحيل. رفض دياب للقاء في الوقت الراهن مردّه إلى رفضه منطق التسويات. على الأكيد، اللقاء سيحصل يوماً ما، ربما لاحقاً، ذلك محكوم بموقع سلامة في الإدارة. لكن هذه المرّة سيأتي اللقاء -إن حصل- بنكهة مختلفة تماماً، أي بعد أن يُجرّ سلامة إلى الطاولة مخفوراً منزوعاً من أي قدرات على المراوغة كما يحدث الآن وطبعاً بشروط مختلفة.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا