وسط القلق الذي أثارته التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن روسيا وأوكرانيا، لا تزال أصداء التقارب بين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين تتردد في الأوساط السياسية الدولية. هذا التقارب الذي جاء بعد سنوات من المقاطعة بين البلدين، حمل في طياته تصريحات نارية من ترامب، جعلت بعض العواصم الأوروبية، وعلى رأسها برلين، تعرب عن خشيتها من "تنازلات" قد يقدمها الرئيس الأميركي لبوتين.

وخلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض بعد لقائه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مساء امس الخميس، أكد ترامب أن ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت روسيا إلى غزو الأراضي الأوكرانية.

وأضاف أن "الجانب الروسي كان قد صرح منذ فترة طويلة بأن أوكرانيا لا يمكن أن تكون عضواً في الناتو"، وأشار إلى أن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول هذه المسألة، وهو ما اعتبره ترامب سبباً مهماً لاندلاع الحرب.

وفي وقت سابق، كان ترامب قد صرح بأن انضمام أوكرانيا إلى الناتو ليس أمرًا واقعياً، مؤيدًا بذلك تصريحات وزير دفاعه السابق بيت هيغسيث. هذه التصريحات، بحسب العديد من المراقبين، لم تُسعد فقط الكرملين بل عززت مواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لطالما حذر من خطر توسع الناتو نحو حدود روسيا.

من جانبه، حدد بوتين في 14 حزيران 2024 شروطًا للتسوية مع أوكرانيا، تتضمن امتناع كييف عن الانضمام إلى الناتو، مع ضرورة أن تكون أوكرانيا محايدة وغير منحازة، إضافة إلى انسحاب القوات الأوكرانية من إقليم دونباس والأراضي التي سيطر عليها الروس منذ عام 2022 في شرق أوكرانيا. كما طلب بوتين خلو أوكرانيا من الأسلحة النووية ورفع جميع العقوبات الغربية المفروضة على بلاده.

وحتى الآن، يبدو أن إدارة ترامب توافق على هذه النقاط، ولا سيما تلك المتعلقة بعدم العودة إلى حدود ما قبل عام 2014 بالنسبة لأوكرانيا. هذه المواقف، بحسب المحللين، تلاقي ترحيبًا في موسكو وتعتبر بمثابة تطور مهم في مسار العلاقات الروسية-الأميركية.

فيما يتعلق بالتوترات الدولية الأخيرة، كان الاتحاد الأوروبي قد أبدى قلقه الشديد إزاء المواقف التي قد يتخذها ترامب في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة مع تزايد المخاوف من أن تتسبب تلك المواقف في تقويض الجهود الأوروبية لاحتواء روسيا. وتحاول بعض الدول الأوروبية، لا سيما ألمانيا، الضغط على الولايات المتحدة لتوضيح مواقفها حول سياسة الناتو في منطقة الشرق الأوروبي، والتي ترى فيها تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي.