Beirut
17°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
"حزب الله" يكشّر عن أنيابه
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاثنين
27
كانون الثاني
2025
-
7:07
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
يقول مرجع كبير، بأن القرار على المستوى الخارجي كان بعدم السماح للمواطنين اللبنانيين الجنوبيين بالدخول إلى قراهم إفساحاً في المجال أمام العدو الإسرائيلي لاستكمال ما بدأه خلال الحرب من نسف وتفجير وتدمير. لذلك تولى العدو إصدار تحذيرات متكررة وشبه يومية للمواطنين اللبنانيين بخطورة توجههم إلى القرى الأمامية. في المقابل طلب من الدولة اللبنانية أن تلتزم عدم السماح لمواطنيها بالدخول طيلة مهلة الـ60 يوماً. وقبيل انقضاء المهلة، تجدد الطلب إلى الأجهزة بعدم السماح بدخول المواطنين، لكن هذه المرّة بعد انقضاء المهلة، ما تسبب باستياء عارم وشكوك حول توفر رغبة ربما بإدخال الأجهزة في مواجهة مع الناس. يضيف المرجع، أن هذا الأسلوب، علاوة على تمادي إسرائيل في عمليات تجريف وتدمير وتفجير القرى وإزالتها عن الخريطة وعدم إبقاء أثر لجثامين الشهداء، أسّس لحالة غضب وغليان متنامية لدى الناس بموازاة نشوء حالة رفض لاتفاقية وقف إطلاق النار وفق الشكل الذي تطبق به حيث ينحصر الإلتزام من الجانب اللبناني فقط.
وعلى الأرجح كانت النتيجة واضحة سلفاً بأن القرار على مستوى سكان القرى هو بدخول القرى حينما تنقضي مهلة الـ60 يوماً. ولا شك أن "حزب الله"، الذي يتفاعل مع بيئته بصورة دقيقة، لمس حالة غضب مترامية لديها، وقد لاحظ أن البيئة تتوفر فيها احتمالات تجاوزه أو عملياً ستتقدم عليه في خيار الدخول إلى القرى وتحريرها بالقوة الشعبية ما لم يُبادر، ولم يكن أمام الحزب من أجل تحسين وضعيته من جهة والتفاعل مع بيئته من جهة أخرى، سوى مواكبتها بما تنوي عليه وتقديم المؤازرة لها.
في الموازاة، كانت الإتصالات الدبلوماسية تجري بعيداً عن الأضواء سيما بعد بروز معطيات واضحة تشير إلى رغبة الأهالي بالتوجه إلى قراهم وتحريرها بالقوة، وذلك بين رئاسة الجمهورية من جهة والدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية من جهة ثانية، كالولايات المتحدة وفرنسا على وجه التحديد. وبحسب المعلومات إستمرت الإتصالات لأيام، ونشطت بالأمس على نحوٍ ملحوظ.
من الواضح أنه وخلال الإتصالات تلك، لوحظ مرة أخرى وجود رغبة خارجية قوية بأن تتولى الدولة اللبنانية منع وصول الأهالي إلى قراهم، بذريعة احتمال خروج الأمور عن السيطرة وبالتالي عودة التصعيد إلى الجنوب. وبدل أن تقوم تلك الدول بالضغط على إسرائيل من أجل التزام مهلة الـ60 يوماً والإنسحاب، بادرت إلى الضغط على الدولة اللبنانية ومحاولة التهويل عليها وتحميلها مسؤولية أي تدحرج للأمور في الجنوب. وفي ساعات الصباح الأولى ومع بدء زحف المواطنين نحو قراهم، كانت بعض الجهات الدبلوماسية تمارس ضغوطاً على الدولة، من أجل أن تقوم الأخيرة بإصدار توجيهات إلى الأجهزة الرسمية والجيش بمنع دخول الناس إلى قراهم بما في ذلك إقفال المداخل بالتعاون مع قوات "اليونيفيل"، ما فهم بأن تلك الدول تحاول أن توفر حماية للإسرائيليين على ظهر الأجهزة الشرعية اللبنانية، وتريد إقحام الجيش والأجهزة بمواجهة مع الناس.
من الواضح بأن القرار كان على مستوى الدولة اللبنانية بترك الجيش يختار طريقة التعاطي الأفضل مع الحدث. وبالفعل، نجح الجيش بتجاوز الإختبار، حيث اختار التفاعل مع الناس لا مع الإملاءات الخارجية والرغبات الدولية. ومع اتساع رقعة الزحف، جاء القرار على مستوى الجيش بعدم قطع الطرقات أمام المواطنين إنما محاولة تنبيههم حيال المخاطر، وهو ما لم ينفع في ظل رغبة الناس الجامحة بدخول القرى، وهو ما وفّر أفضل وسيلة للجيش من أجل توسيع انتشاره ودخول القرى المحررة وتوفير الحماية للناس، وذلك بعدما عجز الجيش عن الإنتشار وفق مندرجات قرار وقف الأعمال العدائية بسبب التعنت الإسرائيلي الواضح والتواطئ الدولي معه.
عملياً، لا بدّ أن تكون لمشهدية الأمس، وما سيتبعها من مشهديات ستستمر حتى إخراج المحتل، مفاعيل سياسية وأخرى غير سياسية، ستبدأ ملامحها بالبروز تدريجياً.
بالنسبة إلى الحزب، نجح في تكريس صورة نصر مهمة للغاية بعد ضربة عسكرية قوية تلقاها وكنتيجة طبيعية لخروج العدو عن الإلتزامات بشأن الإنسحاب من الجنوب، وما يقوم بافتعاله هذا الأخير منذ 60 يوماً، بالإضافة إلى مشهدية انتصار غزّة وطريقة تفاعل الأخيرة مع اتفاقها لوقف إطلاق النار والتي على الأرجح كان لها الأثر الكبير، والتي حركت الدوافع لدى الحزب. والآن من كان يظن أن الحزب خرج أو اُخرجَ أو سيتم إخراجه من جنوب الليطاني مكسوراً، عليه إعادة التفكير بعدما نجح الحزب في ابتكار نوع فعال من المقاومة الشعبية، وأثبت أنه يستطيع متى يشاء، العودة إلى حيث كان.
عطفاً على ذلك، سوف تكون هناك مفاعيل سياسية لا تقل أهمية عن تلك المكرّسة ميدانياً. فمن كان يطمح بوراثة "تركة" الحزب السياسية أو من ظنّ أن بمقدوره إعادة ترتيب التوازنات الداخلية وفرض نمط سياسي معين عليه، يترجم عبر إدخاله إلى مجلس الوزراء ضمن شروط، عليه إعادة التفكير أيضاً، ببساطة لأن ما كان معتمداً، مثلاً، في مفاوضات تأليف الحكومة ما قبل 26 كانون الثاني (أمس) لن يكون هو نفسه بعد هذا التاريخ، حيث سيتشدّد الحزب في تحصيل مكتسباته السياسية، ولن يتهاون وشريكه حركة "أمل" في التنازل سياسياً عن أية عناصر مكتسبة، ومن الواضح أن رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، الذي غرق بالأمس في مشهدية الجنوب ولاحظ ابتعاداً واضحاً عن النقاش الحكومي من قبل الثنائي، فهم الرسالة جيداً، بأنه بات أمام اختبار نمط جديد ومختلف من التعاطي السياسي.
من جهة أخرى، لا بد لرئيس الجمهورية جوزاف عون أن يعيد دوزنة اللعبة السياسية الداخلية من موقعه الحالي، بما يكفل كفّ تدخلات بعض المستشارين ونظرياتهم، حيث أن عهده، بات واقعاً تحت اختبار جدي في مستهله، ولا مصلحة لديه بأن يتم إقصاء نواف سلام باكراً، أو "تمييع" تأليف الحكومة بما له أن يكرّر تجارب التأليف الشهيرة!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا