"ليبانون ديبايت" - محمد المدني

بدأت الأجواء الإيجابية تخيّم على ملف تشكيل الحكومة بعد تذليل عدة عقبات رئيسية حالت دون ولادة الحكومة المنتظرة. هذه الإيجابية قد تصطدم بجدار المناكفات السياسية في أي لحظة، ما لم تقدّم الكتل النيابية المصلحة الوطنية على مصالحها السياسية والطائفية.

الرئيس المكلّف نواف سلام مرّ بفترة صعبة قبل أيام وبضغوطات هائلة هبّت عليه من كل حدب وصوب، ناهيك عن طلبات الكتل لوزارات وأسماء. المحنة التي مرّت بالرئيس المكلف دفعته إلى الإنتفاض من قصر بعبدا قبل يومين عندما قال "لست بريداً لاي أحد، ولم ألتزم بحقيبة مع أي أحد".

منذ ذلك التصريح لنواف سلام، عادت عجلة التأليف للدوران مجدداً، وبات يمكن التأكيد أن عقدة وزارة المالية حُلّت بشقّها الطائفي أي أنها ستكون للشيعة، ليبقى الشقّ المتعلق بالإسم، حيث يصرّ الرئيس المكلف على أن يكون شريكاً في تسمية وزير المالية مع الثنائي الشيعي "حزب الله" وحركة "أمل"، بمعنى أن سلام لن يوافق على إسم الوزير ما لم يكن مقتنعاً به.

ما يُهدد مسار التكليف، رغم الأجواء الإيجابية، هو رفض الرئيس سلام لأمرين أساسيين. الأول، لن يقبل سلام بوجود حصرية ميثاقية لأي طرف، والمقصود هنا الثنائي الشيعي، لذلك يلحّ سلام على أن لا يكون جميع الوزراء الشيعة محسوبين سياسياً على الثنائي، وهذا ما يحمي حكومة سلام من التعطيل "الميثاقي" الذي قد ينسف الحكومة وقرارتها في لحظات مصيرية للبلد.

وبحسب المعلومات، فإن سلام المنفتح على الثنائي الشيعي والحريص على إنجاح حكومته بمشاركة جميع الأفرقاء سيترك على الأقل وزيراً أو وزيرين خارج سلطة الحزب وحركة "أمل"، أمّا أن يكون الوزراء الشيعة الخمسة من حصة الثنائي كما يطالب الرئيس نبيه بري، فهذا الأمر غير وارد على الإطلاق.

اضافة إلى "التعطيل الميثاقي"، يحرص الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة على أن لا يكون لأحد "ثلثاً معطلاً"، والمقصود هنا الثنائي الشيعي أيضاً الذي تمتع بالثلث المعطل في جميع الحكومات التي أتت بعد اتفاق الدوحة عام 2008. ولو أنه من الصعب للثنائي وحلفائه تأمين "ثلث معطل" نظراً لتبدل الظروف السياسية، إلاّ أن سلام سيخيّط الحكومة دون أن يترك فيها "ثقباً" للتعطيل.