"ليبانون ديبايت"

وسط الحراك الخارجي باتجاه لبنان والحراك الداخلي لتضييق الهوة بين الأفرقاء وصولاً إلى ترشيح شخصية لانتخابها في التاسع من الشهر الحالي، يبرز الميل لدى بعض الأفرقاء إلى تطيير الجلسة بانتظار تطوّر الأمور في المنطقة. فهل نحن أمام جلسة حاسمة في هذا التاريخ أم ستكون على خطى سابقاتها؟

ولا يستبعد الكاتب والمحلل الصحافي غسان ريفي في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، وفق المعطيات الحالية، أن يكون هناك صعوبة في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، حتى مع انعقاد جلسات متتالية، إذ لا يبدو أن أي مرشح سيتمكن من الحصول على النصاب المطلوب.

وبالنسبة للمرشح الأوفر حظاً، وهو قائد الجيش، فإنه يحتاج إلى 86 صوتاً في كل الجلسات، نظراً لأن انتخابه يتطلب تعديلاً دستورياً ضمنياً. أما بقية المرشحين، فيحتاجون إلى 65 صوتاً فقط، ولكن لا يبدو أن أي منهم قادر على تأمين هذا العدد من الأصوات.

ويرى أنه في ظل هذه المعطيات، يبدو أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو تأجيل الجلسة لعدة أيام، قد تصل إلى عشرة أيام أو أكثر. ويتزامن ذلك مع دخول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو حدث ينتظره البعض لإعادة ترتيب أوراق الترشيحات.

أما على صعيد الترشيحات، فيشير إلى أنه بات واضحاً أن رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، يطمح إلى رئاسة الجمهورية، حيث أصبح هذا الأمر متداولاً بين أوساط نوابه. في المقابل، تشير تسريبات إعلامية إلى احتمال أن يلجأ رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، في حال استمر الضغط لترشيح قائد الجيش، إلى دعم ترشيح سمير جعجع كرد جميل على ما أسلفه للتيار في عام 2016.

ويعتبر أنه في حال تحقق هذا السيناريو، فإن المشهد السياسي سيشهد تحولاً كبيراً، حيث سيدخل خط سياسي جديد إلى سباق الرئاسة. أما سليمان فرنجية، فقد لفتت الخطوة التي قام بها بعدم الانسحاب الكامل من المنافسة، مما يجعله مرشحاً محتملاً لمواجهة جعجع في حال إعلان ترشيحه بدعم من باسيل. إذا حدث ذلك، من المتوقع أن ينقسم المجلس النيابي بشكل حاد، وقد يكون الفوز بفارق صوتين أو أكثر بقليل. ولكن في حال لم يُترشح سمير جعجع ولم تتوفر الظروف المناسبة لترشيحه، فإن الاتجاه الأرجح سيكون نحو انتخاب قائد الجيش. وبالنسبة للمعترضين اليوم على ترشيح قائد الجيش، قد يغيرون مواقفهم في المستقبل، لا سيما على صعيد القوات اللبنانية.

ويُوضح في هذا الإطار أنه في حال أيقن سمير جعجع بأن حظوظه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية ضعيفة، قد يتجه نحو دعم قائد الجيش، الذي قد يحظى بدعم أحد طرفي الثنائي الشيعي، مما قد يتيح له فرصة الحصول على 86 صوتاً.

أما بالنسبة إلى باقي مرشحي التسوية، فإن الوضع الحالي، برأي ريفي، يشير إلى أن التوافق على أي منهم ما زال بعيد المنال.

وفيما يتعلق بالحراك الدبلوماسي ووصول وفد سعودي متوقع إلى بيروت نهاية الأسبوع، فيشير إلى أنه بدا واضحاً أن هناك تفويضاً عربياً وإسلامياً للمملكة العربية السعودية للعودة إلى لعب دور فعّال في لبنان، ويبدو أن ما نشهده اليوم هو ترجمة عملية لهذا التفويض. السعودية تدرك جيداً أن المنطقة لا تقبل الفراغ، وقد شهدت ما حدث في سوريا عندما غاب الدور الخليجي، مما أتاح المجال لدول إقليمية وعربية وإسلامية أخرى للتدخل.

في هذا السياق، يلفت إلى تعاطٍ إيجابي ومختلف من المملكة العربية السعودية تجاه لبنان، حيث تسعى إلى تعزيز استقرار هذا البلد. ويبدو أن هناك رغبة عربية ودولية في دعم قائد الجيش كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية، والسعودية، برأيه، قد تعمل على تحقيق هذا الخيار، لكنها في الوقت نفسه تراعي الحساسيات السياسية الداخلية، ومن بينها موقف رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الذي يعتقد بأن لديه فرصة للوصول إلى الرئاسة. الدول الداعمة لترشيح قائد الجيش قد تمنح جعجع الوقت الكافي للتأكد من أن حظوظه في الوصول إلى الرئاسة ضعيفة، وبعد ذلك قد يتم التوجه نحو انتخاب قائد الجيش كخيار توافقي يحظى بقبول محلي ودولي.

ويختم ريفي بالقول: "إذاً، نحن أمام جلسة من دون رئيس في التاسع من كانون الثاني، إلا إذا نجحت القوى الإقليمية والدولية، من السعودية إلى الولايات المتحدة، في إقناع من يجب إقناعهم بالتصويت لقائد الجيش وتمكينه من الحصول على 86 صوتاً. وفي حال تحقق ذلك، سيكون قائد الجيش رئيساً للجمهورية في التاسع من كانون الثاني. أما إذا لم يحصل ذلك، فلن يكون هناك أي رئيس في تلك الجلسة، حتى لو شهدت دورات متتالية."