في تصريح مثير للجدل، دعا أحمد الشرع، الملقب بـ "أبو محمد الجولاني" زعيم هيئة تحرير الشام، إلى إنهاء الهجمات الجوية الإسرائيلية على سوريا وعودة القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل التصعيد الأخير. جاءت هذه التصريحات في حوار حصري مع صحيفة "تايمز" البريطانية، وذلك في سياق الحديث عن التطورات الأمنية الأخيرة في سوريا والعلاقات الإقليمية المعقدة في المنطقة.

وخلال الحوار، أكد الجولاني أن المبررات التي كانت تقدمها إسرائيل لضرب سوريا، مثل وجود حزب الله والمجموعات الإيرانية على الأراضي السورية، لم تعد قائمة، بعد تراجع النفوذ الإيراني في بعض المناطق عقب التطورات الأخيرة.

وأضاف الجولاني: "المبرر الإسرائيلي الذي تم الاستناد إليه كان وجود حزب الله والمجموعات الإيرانية، وهذا المبرر انتهى الآن". كما شدد على أن إسرائيل، التي استولت على منطقة عازلة إثر سقوط النظام السوري الأسبوع الماضي وتقدمت حتى جبل الشيخ، يجب أن تنسحب فوراً من تلك الأراضي التي احتلتها.

وأشار الجولاني إلى أن هيئة تحرير الشام، على الرغم من الوضع العسكري المعقد، ملتزمة باتفاقية 1974 بين سوريا وإسرائيل، وهي الاتفاقية التي تنص على وقف إطلاق النار ووجود مراقبين دوليين على الحدود بين البلدين. وقال الجولاني: "نحن ملتزمون باتفاقية 1974 ومستعدون لإعادة مراقبي الأمم المتحدة". وأوضح في حديثه أن الجماعات المسلحة التي يقودها لن تسمح لسوريا بأن تكون منصة للهجمات ضد إسرائيل أو أي دولة أخرى.

من جهة أخرى، كشف الجولاني عن أولوياته المستقبلية المتعلقة باستقرار سوريا وإعادة بناء ما دمرته الحرب. وقال: "الشعب السوري بحاجة إلى فترة راحة. يجب أن تتوقف الضربات العسكرية على الأراضي السورية، وعلى إسرائيل أن تنسحب إلى مواقعها السابقة". كما أضاف أن الأوضاع في البلاد تقتضي عدم التركيز على النزاعات العسكرية، بل على وضع خطط لإعادة بناء الدولة.

وأشار الجولاني إلى أن الانتخابات في سوريا ما زالت بعيدة المنال في ظل الوضع الراهن، قائلاً: "نصف السكان خارج البلاد، والعديد منهم لا يحملون أوراقاً ثبوتية، في إشارة إلى ملايين السوريين الذين نزحوا جراء الحرب منذ عام 2011". وأكد الجولاني أن عودة اللاجئين من دول الجوار مثل تركيا وأوروبا تشكل أولوية في المرحلة المقبلة. وأشار إلى أن عملية إعادة الإعمار ستتطلب وقتاً طويلاً، حيث سيتم تشكيل لجان لدراسة الانتقال السياسي ووضع دستور جديد للبلاد، في عملية قد تمتد لعام أو أكثر.

وفي سياق متصل، طالب الجولاني الدول الغربية برفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال فترة حكم نظام الأسد، والتي يقول إنها ألحقت ضرراً بالغاً بالاقتصاد السوري وأثقلت كاهل الشعب السوري. كما دعا الجولاني إلى رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام.

وقال الجولاني: "على الدول الآن رفع هذا التصنيف، سوريا مهمة جداً جيوسياسياً، وعليهم رفع جميع القيود التي فرضت على الجلاد والضحية. الجلاد قد ذهب الآن، هذه القضية غير قابلة للتفاوض".

تصريحات الجولاني تأتي في وقت حساس بالنسبة لسوريا، حيث تسعى هيئة تحرير الشام إلى إعادة ترتيب أوراقها في شمال غرب البلاد، وتحقيق نوع من الاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها. وعلى الرغم من إصرار الجولاني على رفض أي صراع مع إسرائيل أو أي أطراف أخرى، إلا أن من شأن هذه التصريحات أن تؤثر في التطورات السياسية والعسكرية المستقبلية في سوريا، وخاصة في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المعقدة.