شهدت سوريا تطورات سريعة ومتلاحقة صباح اليوم، حيث أعلن التلفزيون الرسمي السوري سقوط نظام بشار الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة على معظم المدن وصولاً إلى العاصمة دمشق، وهو ما أثار العديد من التساؤلات، لعل أبرزها وأهمها: سوريا إلى أين؟ وهل سيتم تقسيمها بالفعل؟.

للإجابة على هذه الأسئلة، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، والمستشار في كلية القادة والأركان، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، في تصريحات خاصة لـ"العربية": "سقط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024، واختفى بشار إلى جهة غير معلومة (روسيا في أغلب التقدير، كما تشير بعض المصادر إلى ذلك). سقط نظام بشار في ثاني أغرب ميلودراما عسكرية تشهدها منطقة الشرق الأوسط لانهيار جيوش نظامية بعد سقوط بغداد في عام 2003. واختفاء أو حتى ذوبان 150 ألف مقاتل كانوا يحيطون بها لحمايتها في أقل من 24 ساعة فقط. فجر اليوم، وهو اليوم العاشر منذ بداية هجوم قوات 'جبهة تحرير الشام' بقيادة أبو محمد الجولاني، التي نجحت في اجتياح سوريا من الشمال الشرقي والوسط إلى الجنوب، حيث استولت على حلب ومن بعدها حماة، ثم حمص، لتنتهي بالعاصمة دمشق في عملية عسكرية لم تكن شاقة سواء على جبهة التحرير أو حتى الجيش السوري الذي لم يأت بأي رد فعل عسكري يمكن ذكره. وبذلك، أصبحت سوريا تحت سيطرة الفصائل المسلحة فجأة، مما يثير تساؤلات عديدة حول مستقبل سوريا".

وتابع الخبير العسكري المصري بالقول: "كثرت الأحاديث عن فكرة التقسيم، وذلك بناءً على التواجد العسكري المستمر على الأراضي السورية لأكثر من 10 سنوات من قبل حوالي 6 دول على رأسهم أميركا وتركيا، بالإضافة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية و'جبهة تحرير الشام' وميليشيا حزب الله، ويعاونهم لواء الفاطمي والزينبي التابعان لقوات الحشد الشعبي. إذا حدث ذلك، وارتباطًا بالتوزيع الديموغرافي المذكور، فقد يتم التقسيم من خلال اتفاقية أممية برعاية الأمم المتحدة لتمنح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية مع شريط بالحدود الجنوبية والجنوبية الغربية (الرقة، القامشلي، الحسكة، دير الزور، البوكمال، السويداء، درعا والقنيطرة)، بما يحقق أمنًا إقليميًا لإسرائيل".

وأضاف الخبير العسكري: "بينما تؤول المنطقة الوسطى من الشمال الغربي إلى الجنوب والجنوب الغربي (إدلب، حلب، حماة، تدمر، حمص ودمشق) إلى 'هيئة تحرير الشام' والفصائل التابعة. بينما يبقى الشريط الرفيع في غرب سوريا، الذي يشمل محافظات اللاذقية وطرطوس، ليكون مسارًا تنازليًا أو صراعًا سياسيًا قد يتحول إلى صراع عسكري، وذلك لتواجد القوات الروسية في تلك المنطقة، وهو ما لن تتركه روسيا بسهولة".

واختتم الخبير المصري تصريحاته قائلاً: "بخلاف ما سبق، قد يكون لأبو محمد الجولاني، هذا الرجل الذي ظهر فجأة بعد غياب دام 10 سنوات، رأي آخر في حيازة مساحات أكبر مما هو متوقع، بل قد يكون يفكر بقيادة سوريا بأكملها أو لديه خطة أخرى مع من يدعمونه. الموقف جدير بالمتابعة عن كثب، والتطورات والتداعيات أسرع مما يمكن ملاحقته".