بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من تشرين الاول، أعلنت إسرائيل على لسان كبار مسؤوليها أن الرد سيكون حتميًا وقويًا. لكن، وبعد مرور عشرة أيام، لا تزال ملامح هذا الرد غير واضحة، كما أن توقيته وطبيعته تظل غير مؤكدة، في ظل رسائل متعددة تصل لإسرائيل بضرورة التحلي بالحذر لضمان عدم تصعيد الصراع.

تلعب الولايات المتحدة دورًا بارزًا كحليف رئيسي لإسرائيل، وهي تؤثر بشكل كبير على قراراتها العسكرية، خصوصًا فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط. وفي الأيام التي تلت الهجوم الإيراني، كانت واشنطن تسعى جاهدة لضمان عدم تصعيد الصراع، حيث طلب مسؤولون أميركيون من إسرائيل التفكير مليًا قبل اتخاذ أي خطوات عسكرية.

وقد كان الضغط الأميركي واضحًا، إذ لا ترغب الإدارة الأميركية في التورط في نزاع أكبر بين إسرائيل وإيران، خاصة في ظل القلق من تصاعد أسعار النفط وتأثير ذلك على الاقتصاد الأميركي. وتشعر واشنطن أن أي تصعيد عسكري قد يزعزع استقرار المنطقة، مما سيؤثر سلبًا على المصالح الأميركية.

الخبير الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي أمير أورن قال إن إسرائيل لم تحدد موعدًا نهائيًا للرد على الهجوم الإيراني. وأوضح أورن في حديثه لموقع "الحرة" أن "إيران انتظرت لعدة أسابيع، مرة في أبريل ومرة أخرى بعد مقتل إسماعيل هنية، قبل أن ترد، فلماذا يجب على إسرائيل أن تتعجل في الرد؟".

ويرى أورن أن إسرائيل مهتمة بالتنسيق مع الولايات المتحدة قبل تنفيذ أي رد عسكري على الهجوم الصاروخي الإيراني لضمان عدم تأثير هذا الرد على مصالح الأميركيين أو حلفائهم في المنطقة.

وفي هذا السياق، أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالًا هاتفيًا، يوم الأربعاء، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تربطه به علاقة متوترة. وبحسب البيت الأبيض، انضمت نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى الاتصال، وسط توترات متزايدة مع إيران.

وأفاد موقع "أكسيوس" بأن بايدن وهاريس ناقشا مع نتنياهو الرد الإسرائيلي المحتمل على إيران.

وأتى هذا الاتصال عقب إلغاء زيارة كان من المقرر أن يجريها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن للقاء نظيره الأميركي لويد أوستن، بناءً على طلب من نتنياهو. وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن نتنياهو اشترط إجراء محادثة هاتفية مسبقة مع بايدن قبل السماح لغالانت بالذهاب إلى واشنطن.

من جانبه، يعتقد كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي لاري كورب أن هناك أسبابًا معقدة وراء تأخر إسرائيل في الرد على إيران، ومن أبرزها موضوع التنسيق مع الولايات المتحدة. وقال كورب لموقع "الحرة": "إسرائيل ربما تنتظر الضوء الأخضر من واشنطن قبل شن العملية وتحديد الأهداف التي سيتم ضربها، وخاصة إذا كانت تلك الأهداف تتعلق بالمنشآت النووية أو النفطية".

ومع ذلك، يعتقد كورب أن هناك اختلافات كبيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الطريقة المثلى للتعامل مع إيران في الوقت الحالي. وأضاف: "إذا كانت إسرائيل تخطط لضربات قد تشمل منشآت حساسة، فالولايات المتحدة لديها تحفظات حول بعض الأهداف التي قد تؤدي إلى تصعيد واسع يؤثر على مصالحها وحلفائها في المنطقة".

وأشار كورب إلى أن "رغم الاتفاق على ضرورة الرد على إيران، إلا أن هناك اختلافات في النهج أو التوقيت، وهو ما يتطلب مزيدًا من التشاور قبل اتخاذ خطوات حاسمة، وهذا ما يحدث الآن". ومع ذلك، يعتقد كورب أن "نتنياهو قد ينفذ ضربة على إيران دون انتظار موافقة واشنطن، خاصة مع اقتراب نهاية ولاية بايدن، وانشغال الولايات المتحدة بالموسم الانتخابي".

من جهة أخرى، يشعر المسؤولون الأميركيون بالإحباط والغضب بسبب عدم قيام إسرائيل بمشاركة خططها المرتقبة للرد على الهجوم الإيراني مع واشنطن. وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إسرائيل لم تكشف بعد عن تفاصيل خططها لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة لا تريد تكرار سيناريو اغتيال زعيم حزب الله حسن نصرالله، حيث فوجئت واشنطن بالعملية التي نفذتها إسرائيل دون إبلاغها مسبقًا، إلا أثناء تنفيذ الهجوم. وأكد مسؤولون دفاعيون أميركيون للصحيفة أن الولايات المتحدة كانت بحاجة لمزيد من الوقت لوضع قواتها في مواقع مناسبة لدعم إسرائيل وحماية الجنود الأميركيين في المنطقة.

في هذا السياق، يشير أمير أورن إلى وجود بعض الآراء داخل إسرائيل التي تفضل شن هجوم على إيران مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، من أجل التأثير على النتائج لصالح منافسي بايدن من الحزب الجمهوري. ومع ذلك، يرى أورن أن الرد الإسرائيلي المحتمل قد لا يشمل المنشآت النووية الإيرانية، لكن باقي الاحتمالات تبقى مفتوحة.