Beirut
14°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
الحكومةُ في الزاروبِ الفَرنسيّ...
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الجمعة
13
تشرين الثاني
2020
-
3:00
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
وصلَ الفرنسيون إلى قناعةٍ مفادها أن عليهم الاختيار في لبنان بين السيء والأسوأ. السيء أن يجري استئناف مسعاهم للحل السياسي بصرف النظر عن النتائج السلبية التي ترتبت وتلك التي ستترتب عن هذا الخيار لاحقاً، أي عملياً تجاهل لكل الوقائع السياسية الكارثية التي يمكن أن تحدث في خلفية هذا القرار والمضيّ في الإعداد للعملية الجراحية! أمّا الأسوأ فيأتي كإعلان وفاة للمبادرة، وفي إعلان نهايتها إقرار بفشل يؤهل للدخول في مأزق سياسي.. في النهاية، على الفرنسيين الاختيار!
بات عمر المبادرة الفرنسية يقارب الـ3 أشهر ولا شيء تحقّق لغاية الآن سوى تمديد للازمة والمهمل الناظمة لها. صورة فرنسا السياسية سبق لها وأن تضرّرت من جراء "عدم نجاعة" حلولها في لبنان، ثم أتت الضربة القاضية بعد أن جرى التطاول على رسول المليار ونصف مليار مسلم، لكن باريس لم تستسلم بعد!
فيما له صلة بالمسألة اللبنانية، أدخلت تعديلات جوهرية على "فريق عمل لبنان" داخل قصر الاليزية. أحالت إيمانويل بون إلى شبه تقاعد سياسي في ما له صلة بدوره في الملف وابعدت برنار إيمييه بصفته المباشرة عن نفس الملف ايضاً ليستقر الـupdate عند الاستفادة من خدمات كبير مستشاري الرئيس إيمانويل ماكرون باتريك دوريل علّه ينقب عن حلّ في مكان ما.
ليس سراً أن إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا باع التغييرات التي شملت "فريق لبنان" للبنانيين أنفسهم الذين كانوا يشتكون من إدارة بون – إيمييه لملف المبادرة الفرنسية. في الواقع، حمل السفير السابق في بيروت برونو فوشييه "مضبطة" أدّت إلى إبعاد الثنائي المشاكس عن "المسرب اللبناني"، وذلك بنيّة إزالة عراقيل ومدّ المبادرة بدعم. على الأرجح، كان ماكرون يتوقع تعاملاً مختلفاً مع الوسيط الفرنسي الجديد وبالتالي إلتزام حدّ معين من اللعب على حافة الهاوية، لكن تبيّن لاحقاً أن اللبنانيين لا يروّضون.
المهم، لم يعد في وسع ماكرون إلا ضرب ضربته الاخيرة. أوفدَ دوريل إلى بيروت وعلى جدول أعماله أكثر من ملف. صحيح أن ما هو "فاقع" فيه مسألة استنهاض المبادرة الفرنسية، لكن ثمة أمور أخرى لا تقل أهمية من بينها إصلاح صورة فرنسا التي تضرّرت كثيراً من جراء نشر الصور المسيئة للنبي محمد، وتزامن زيارة دوريل مع "تسونامي" الموفدين الفرنسيين الذين يزورون المنطقة لا يمكن فصله بتاتاً.
ما هو ظاهر حتى الآن أن الموفد الفرنسي "لا يُغنج". في لقاءاته التي أجراها تحدّث بلسان فرنسي غير مرن. بدا واضحاً أن الرجل أتى ليبحث عن إجابات لدى الافرقاء حول نظرتهم إلى المبادرة الفرنسية ونواياهم تجاهها: هل ما زالوا يؤيدون حلولها أم أنهم اشاحوا بأنظارهم عنها؟
هذا السؤال المدخل له أسبابه طبعاً والاسباب تجرّ إلى نتائج في نهاية المطاف، فـ"الاليزيه" المحرَج بعد مرور 3 أشهر على مبادرته، يريد أن يحافظ على ماء وجهه، لذا أوفد دوريل في مهمة أقرب إلى تقصي حقائق منها إلى حث على فعل شيء، والتقصي عملياً هو مقدمة للتحضير إلى شيء ما على وزن ردّة الفعل في حال تبيّن له عدم إكتراث اللبنانيين إلى المبادرة أو المامهم بها، وهذا ينقلنا إلى الشق الثاني المتعلق بإعلان وفاة المبادرة، وهذا له أثمانه السياسية طبعاً على رأسها فتخ خزائن العقوبات. واصلاً ماكرون ذات نفسه أعلن سابقاً، ولو بطريقة مواربة، أنه سيُعاقب الساسة اللبنانيين في حال أهدروا فرصة "الحل الفرنسي"، وهذا العقاب له تفسيراته وآلياته، التي تبدأ من إدراج شخصيات على قوائم عقوبات محددة يُقال أنها لن تكون من عود العقوبات الاميركية، وتصل إلى تعميم أسماء على المستوى الأوروبي كصدور قرارات بمنع شخصيات محددة من دخول أراضي الاتحاد.
في المقلب الآخر، ثمة من يرمي المياه الباردة على أخبار زيارة الموفد الفرنسي، ويقلّل من شأن التهديدات الفرنسية. يقولون: كيف يكون مقدّراً لـ"دوريل" النجاح في مهمة لم تتأمّن فيها عناصر النجاح لرئيسه ماكرون؟ ينطوي ذلك على أبعاد عدة، منها أن الزيارة في الأساس غير مخصصة للمساهمة في أي حلّ، بل من أجل إبلاغ رسائل، منها ذات صلة بالشأن اللبناني كإبلاغ أصحاب الحلّ والربط بأن عدم تأليفهم حكومة سيرتدّ سلباً وعلى أكثر من صعيد، وتدشين السلبيات سيبدأ بتأجيل مؤتمر الدعم الذي خصّصته فرنسا للبنان إلى أجلٍ غير مسمى. ومنها ذات بعد إقليمي، كإصلاح صورة فرنسا التي تضرّرت من جراء الهجمات الارهابية. وفيما لو أدخلت باريس منطق العقوبات على سياساتها المتبعة في لبنان كخطوة تاريخية لم يسبق أن حصلت مع دولة انتدبتها والحديث لاوساط على إطلاع على الاجواء الفرنسية، سيجري ذلك وفق آلية "اعادة الطفل الضال إلى رشده" وليس في سبيل تأمين إنتقام سياسي أو التأسيس إلى "تخريب" كما يفعل الاميركيين!
عملياً، لغة الضغط غادرت الجانب الفرنسي منذ مدة ولو أن الفريق العامل على تشكيل الحكومة في الداخل حاول معالجة وإغراء مستشار الرئيس الفرنسي حين وصوله إلى بيروت بصليات من الايجابية الحكومية، والتي ظهر أنها وهمية ومفخخة ويبدو أنها لم تمرّ على الوافد الجديد.
في النتيجة، ستخضع المبادرة الفرنسية إلى تقييم سيدوّنه الموفد الفرنسي. الانطباع العام في لبنان أن التقييم لن يكون عند حسن ظن الطبقة السياسية، وثمة إحساس بأن التقييم في حال تم تدوينه وفق ما هو متوقع، سيجرّ إلى أزمة مع فرنسا ذات انعكاسات مرئية في لبنان، لذلك بدأنا نلحظ تسارعاً في وتيرة العمل على تأليف الحكومة مع محافظة على إشاعة أجواء إيجابية. فبعض أركان الطبقة، وعلى رأسهم الرئيس المكلف سعد الحريري، يجدون في خسارة الدعم الفرنسي خسارة مضاعفة تطال بنياناً شخصياً سيكون له ارتدادات سلبية مضاعفة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا