Beirut
14°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
الحزب وباسيل: سلف ودين!
عبدالله قمح
|
الخميس
12
تشرين الثاني
2020
-
7:00
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
عند ضفّة حليفي وثيقة 2006 ثمّة من يلوّح بيده شاكراً إدارة دونالد ترامب، فمن خلال رزمة العقوبات التي اسقطتها على النائب جبران باسيل قد أعاد اللحمة إلى وثيقة مار مخايل ومدّها بروح جديدة قد تدوم إلى 14 عاماً أخرى.. وربما أكثر!
عملياً، جاءت العقوبات في وقتٍ كانت تحتاج العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ إلى دخول حجرة الصيانة. خلال الفترة الماضية، كانت العلاقة عرضة إلى استهدافات من قبل المتضرّرين على صعيد الحلفاء المفترضين لكلا الفريقين بالإضافة إلى جهات عملت على نقاط ضعف الجهتين وجمهورهما فذهبت تستثمر في تأجيج العلاقة وخلق الخلاف بإستخدام "الجيوش الغبية" ومواقع التواصل ميدانها الرحب، فجرى إستغلال التباينات الناشئة بين الفريقين بصورة واضحة مما أدى إلى إحداث أضرار اقتصرت على وقوع إصابات من دون إيقاع ضحايا.
ثمة من يعتبر أنه وبعد مرور14 عاماً من التحالف باتت العلاقة معرضة للتآكل وترزح تحت "الروتين"، فلا بد من إدخالها على "سكانر" بنية كشف مكامن الخلل وإصلاحه قبل أن يتسرّب ويتسبّب باضرار واعطال، ويبدو الآن ومن خلال تراكم الاحداث التي حصلت، أن النية لدى الفريقين تقوم على فكرة إجراء مسح دوري أقله مرتين في العام لإبقاء العلاقة عند وضعيتها الصحيحة السليمة.
وهنا، صحيح أن التمايز الذي نشأ بين الفريقين كان يتم تحت سقف مضبوط وتحت رعاية "نافذين" في العلاقة بين الاصفر والبرتقالي لابقاء عين تراقب هذا التمايز وحدوده لعدم تحوله إلى "رقعة زيت"، لكن الصحيح أيضاً أن التمايز المشار إليه والذي اشتمل على أكثر من ملف حيوي، حطّ على مواقع التواصل الاجتماعي في ظروف سلبية وبشكل قاسٍ أدى إلى نتائج كارثية على مستوى العلاقة بين حلفاء مفترضين ضمن البيئتين.
كان يومها التيار، وعلى ذمة أكثر من طرف، ضائع بين تحديد اولوياته الداخلية بما خص الحلفاء، والمخاطر الخارجية المنبعثة من جراء علاقته معهم، فكان يحاول إبداء أكثر من تمايز بل وفي لحظات معينة، عمّمَ منطق الخلاف واسقطه على أكثر من ملف للإيحاء باهتزاز يصيب العلاقة. أما الآن، ومع الاعلان عن العقوبات تحرّرَ التيار وقيادته مبدئياً من رزم الضغوطات وزادت حيويته ما يتيح له توسيع هوامشه في اللعب ولا يصبح مقيداً برقابة تجريها وزارة الخارجية الاميركية على نشاطاته.
وللحقيقة، حاولت الادارة الاميركية وفي أكثر من مكان ومن خلال خدمات أدتها السفيرة السابقة اليزابيث ريتشارد والحالية دورثي شيا "توسيع" إطار التباين بين جمهوري الحزب والتيار من خلال الاعتماد على جهود بعض الإعلاميين في التركيز على التباينات وتحويلها الى خلافات ثم التصويب والاضاءة عليها بهدف التأسيس لأجواء من النفور وعدم الثقة بين الجانبين، وفي كثير من الأحيان تعاملت مع هذه التحديات لجان داخلية لدى الفريقين بنية تسوية اي نزاع وحصره في اطاره.
الكلام الأخير الذي خرجت به شيا عبر الإعلام عقب "مرافعة الدفاع" التي تولى إذاعتها الوزير السابق جبران باسيل يوم الأحد الماضي تصب في هذا الاتجاه. رغم ان الادارة الاميركية تجاهلت وما زالت الطلبات المرفوعة إليها من أجل تقديم مستندات تثبت ضلوع باسيل بقضايا فساد، اعتمدت في مكان آخر أسلوب الوشاية بحق باسيل متوجهة بشكل مباشر إلى جمهور حزب الله من دون ان تسميه. فهي حاولت من خلال الايحاء أن باسيل كان "يفاوض" حول أثمان بيع علاقته مع حزب الله وأنه كان في صدد فك الارتباط معه، إيهام بيئة الحزب أن جبران باسيل ليس شخصاً "ذو ثقة"، وحديثه داخل الصالونات يختلف عن خارجها. كانت شيا على الأرجح، تراهن على خلق "عناصر عدم ثقة" بين الجمهورين واستثمارها في مجالات مختلفة منها مواقع التواصل مراهنة على التأثير فيها، وهو أمر يجب أن يشد انتباه الحليفين لإدخاله إلى "كاراج إعادة التأهيل" بوصفه خاصرة رخوة يمكن "تخريب" العلاقة عبرها. وللحقيقة، التفت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى هذا المنحى الخبيث، فدمغَ كلام باسيل وصادق عليه وانزل كلام شيا إلى مستوى الكذب حين كشف عن علمه بالمطلب الأميركي الذي ورد إلى رئيس التيار.
في الواقع أدرك حزب الله منذ صدور العقوبات مآرب الادارة الاميركية منها. من جملة ما استخلصه، أن الأميركيين كانوا يراهنون على خلق حالة من "التشنج" بين الجمهورين عملاً بمبدأ مراكمة الخلافات السابقة، وكانت النية تكمن باستدراج الجهتين إلى نقطة محددة وإيقاعهما في نزاع سياسي كبير يقوم حول الأسباب التي أدت إلى "معاقبة جبران باسيل" والتي كان يفترض ان يحمّلها جزء من جمهور التيار للحزب والهدف خلق فتنة تؤدي الغرض من العقوبات أي فك الارتباط بين الجهتين، لكن ذلك سرعان ما انتفى من خلال التغريدة السريعة لباسيل والتي شدد من خلالها على أنه "لن ينقلب على اي جهة لبنانية" واستتبع ذلك بمؤتمر الأحد الذي ثبت فيه قواعده إلى جانب الضاحية.
في مكانٍ آخر، توقف الحزب كثيراً عند إدارة المواجهة التي خاضها باسيل في وجه الأميركيين علماً أن اطرافاً أخرى أدرجت على قوائم العقوبات ولم تحرك ساكناً. والحزب يعتقد أن مسار العقوبات لن يتوقف عند حدود باسيل، فواشنطن ستستأنف الصغط بأشكال مختلفة على بيئة التيّار بنية التأثير على خياراتها السياسية، وقد نرى خلال الفترة المقبلة ادراج رجال أعمال من البيئة المسيحية على قوائم عقوبات مختلفة. انطلاقاً من ذلك، لا يُعقل أن يترك الحزب "جبران" يخوض النزال مع "الشيطان الاكبر" وحده ومن دون تدخل منه، لذلك آزره ببيان عاجل استتبع بتوسيع التنسيق بين الجانبين وعلى أرفع مستوى.
بناءً عليه، يسري إعتقاد أن التباينات التي طرأت على مسار العلاقة بين الحزب والتيار آخذة بالافول وستضمحل وتتلاشى في مقابل العودة إلى أيام التحالف الوردية، وقد تبدت ملامحه إنطلاقاً من مسألة تأليف الحكومة حيث القرار لدى الحزب بعدم ترك التيار وحيداً.
ولا شك، أن الوزير باسيل أدرك عملياً وبعد السياق الذي تم من خلاله التعامل سواء مع ملف العقوبات او تأليف الحكومة من جانب الضاحية، ان لا حليف له على المستوى اللبناني سوى حزب الله. في المقابل، سيتعامل الحزب مع حليفه وفق ما تمليه قواعد الوفاء، وهنا عودة مرّة جديدة إلى منطق "السلف والدين" الذي اعتمدَ زمن ميشال عون. فإسقاط عقوبات على العنصر الأقوى مسيحياً على الصعيد الحزبي و النيابي لا تسهل قراءته أو أمر يتم هضمه بسهولة. فباسيل ومن ورائه التيار تكبد اثماناً باهظة من جراء رفضه "فرط تحالف 2006" يستحيل أن يمرّ عليها الحزب مرور الكرام.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا