Beirut
19°
|
Homepage
المعارضة تُشاغب حكومياً… قرارٌ كبير بفرض الإستقرار
عبدالله قمح | الاثنين 13 كانون الثاني 2025 - 1:13

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

إذا لم يحصل أي تطوّر، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيُعاد تكليفه، هذه المرة لمهمة تشكيل حكومة العهد الأولى، اليوم، في ختام الإستشارات النيابية المُلزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية جوزاف عون في قصر بعبدا. وبات مفهوماً أن الحكومة الجاري تأليفها لاحقاً عُهِدَ إليها إجراء ورشة التعيينات وملء الشواغر، الإدارية والقضائية والأمنية والعسكرية، بما يؤدي إلى إعادة انتظام العمل المؤسساتي والإداري في الدولة.

في ما بعد، ستتولى الحكومة المعينة الإشراف على الإنتخابات البلدية والإختيارية. ويتردد في هذا الصدد أن الدولة في بالها إنجاز هذا الإستحقاق المؤجل خلال الربيع المقبل تعبيراً عن وضع حالة التعافي على السكة. بعدها، ستتولى الحكومة مهمة الإدارة والإشراف على الإنتخابات النيابية المُزمع إجراؤها خلال ربيع عام 2026. وفي هذا المجال، فُهم أن رئيسها العتيد نجيب ميقاتي لا يفكر في الترشّح للإستحقاق النيابي.


وفقاً لهذه القاعدة، يبدو أن القرار الراهن هو بأخذ البلد نحو فترة من الإستقرار، وستبدأ أولى العلامات بالظهور مع بدء العدو الإسرائيلي انسحابه من المواقع والقرى التي احتلها مؤخراً في جنوب لبنان. ومع حلول السابع والعشرين من الشهر الجاري سيكون العدو، وفقاً للوعود، قد أتمّ انسحابه، بضمانة أميركية، تطبيقاً لبنود اتفاق "وقف الأعمال العدائية"، على أن تتولى اللجنة الخماسية "العسكرية" ويرأسها ضابط أميركي رفيع، مهمة الإشراف على تطبيق البنود الأخرى، على أن يوظف هذا الإنجاز في دفع عهد العماد عون قدماً. أمّا العلامات الباقية فستبدأ بالظهور تباعاً في ظل قرار المهادنة مع الطبقة السياسية اللبنانية.

ويمكن الإستدلال إلى ذلك من خلال موجة التفاهمات التي أُبرمت معها، سواء في مسألة رئاسة الجمهورية ما ضمن الحصول على أصواتها أو كما سيحصل بشأن رئاسة الحكومة وفي ما بعد قضية تشكيل مجلس الوزراء بما يضمن نيله للثقة المطلوبة. وربما لن تكون الأمور معقدة في مسألة التعيينات، ولو أن المعايير المتّبعة قد تختلف نوعاً ما عن تلك التي اعتمدت خلال المراحل السابقة، طبعاً من دون المسّ بحصص الطوائف وحقوقها. وبناءً عليه، قد تتجاوز فترة الإستقرار ما بعد الإنتخابات النيابية المقبلة.

بالعودة إلى الإستشارات النيابية، يوشك ميقاتي على العودة من بوابة الإتفاق الإقليمي – الدولي + التفاهم الداخلي الذي جاء بالعماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، في حال لم تحصل مفاجآت. والتحدي أمام ميقاتي يتصل في رغبته بمضاعفة أرقامه رغبةً في رفع مناعته ضمن الإتفاق. وبعدما سارت "محدلة التوافق" ليس في وسع أحد الوقوف أمامها، فيما البعض ممّن يختار رفع الصوت، غايته ليس العرقلة، إنما تنحصر أهدافه في إثبات الوجود. ومن أجل تأطير التوافق، سيزور موفد سعودي لبنان خلال الأيام المقبلة. وفُهم أن الزيارة لن تتزامن وإجراء الإستشارات سواء المُلزمة أو تلك غير المُلزمة منعاً للتأويلات، على أن يكون عنوانها "تهنئة عون ودعم خطواته، ولإثبات أن السعودية ترعى الإتفاق الداخلي" كما أفاد نائب.

ربطاً بما تقدّم، من المرجّح وسنداً لإطار التوافق الحالي ونطاقه، أن لا تطول مدة تأليف الحكومة، التي يبدو أنه جرى التفاهم حول خطوطها العريضة في مستهل بناء التوافقات التي سبقت انتخاب عون. ويُقدّر أن الحكومة ستكون جامعة موسّعة تضم جميع القوى تقريباً، ستتشكل على قاعدة توزير شخصيات غير حزبية، ولن تُطرح هذه المرة القواعد المعمول بها سابقاً. فينعدم معيار تخصيص مقعد وزاري لكل كتلة من 4 نواب. وستشمل التغييرات إلغاء مفهوم "الثلث المعطل" لأيٍ كان، بحيث تكون الضمانة رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم الوزراء الموثوق بهم لدى المرجعيات، وهو ما تمّ التوافق حوله أيضاً.

غير أن المعارضة التي فهمت أن الإتفاق شبه ناجز حول الحكومة، لم تفهم أن التخريب لن يأتي عليها بأي نتائج، خاصة وأن التخريب ولو لفّ بإطار ديمقراطي، يزيد من تشتّتها بشكل مؤثر، لا سيما وأنها أطلقت العنان لاقتراح مجموعة شخصيات لرئاسة الحكومة في أداء يأكل من صحنها أولاً. فرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع دخل طرفاً مشاغباً بشكلٍ سلبي، حين تولى الإيعاز إلى النائب أشرف ريفي كي يعلن ترشحه لتشكيل الحكومة، عالجه في ما بعد زميله النائب فؤاد مخزومي وفعل الأمر ذاته، ما أوحى بأن رئيس حزب "القوات" الذي خسر رهاناته على صعيد رئاسة الجمهورية، جاء ليشاغب في موضوع رئاسة الحكومة، وأوحى أنه يعتدي على حقوق الطائفة السُنيّة وينوب عنها في تسمية المرشحين، ما طيّر الترشيح الأول وأفقد الثاني قيمته، لا سيّما وأن مخزومي لم يحظَ بدعم أي من القوى السُنيّة السياسية الفاعلة على الأرض، كذلك دار الفتوى، حيث يتبيّن أن الأخيرة كانت مستاءة إلى أبعد حدود مما أقدمَ عليه جعجع وقبول بعض الشخصيات السنّية هذه السابقة.

وفي محاولة لتطويق طروحات جعجع، التي حالت دون اتفاق المعارضة أولاً، وضاعف من التكتل السُنّي حول ميقاتي ثانياً، خرجت ليلاً مواقف لا سيما عن النواب التغييريين توحي بأنها أبرمت اتفاقاً مع رئيس المحكمة الجنائية الدولية نواف سلام يقضي بتسميته لرئاسة الحكومة. وأوحت أن سلام نقل إليها عدم ممانعته. ساعتئذٍ بدأت الإتصالات على مستوى المعارضة في محاولة لتأمين أرضية توافق حول سلام تنعكس إجماعاً لديها عليه خلال الإستشارات، وسط محاولات جدية لإيصاله من خلال تأمين الحد الأقصى المطلوب من الأصوات، ويشكل انسحاب كل من مخزومي والنائب ابراهيم منيمنة دافعاً قوياً لمصلحته.

على أي حال، سوف يأتي مسار تكليف ميقاتي الوشيك، في حال حصوله، منسجماً مع التطورات الحاصلة. وهنا من غير الواقعي التلميح أن ميقاتي لا يحظى بقبول سعودي، أو أن الرياض كانت خارج المناقشات حول شكل الحكومة، بل إن الرياض، وكما يؤكد أكثر من مصدر نيابي، شكلت جزءاً أساسياً من نسج التوافقات، وإن الإتفاق حول انتخاب الرئيس لم يأتِ معزولاً عن التفاهم حول مجلس الوزراء، بحيث كانت الصيغة تعلو على الشخصية إنسجاماً مع تقدير فرنسي مال إلى تركيبة مجلس الوزراء الذي سيتولى إدارة المرحلة الإنتقالية الحالية.

وبالنسبة إلى السعودية، فإن ميقاتي أثبت تمايزه سياسياً عمّن سمّاه لتشكيل الحكومات في عهد الرئيس السابق ميشال عون، ويحظى بقبول منها ولو أنه حاز ثقة الثنائي الشيعي. وليس سراً أن الرياض حفظت لميقاتي الكثير من القرارات التي اتخذها لمصلحتها، على رأسها إزاحة الوزير السابق جورج قرداحي بعد انتقاده السعودية وإحاطته الشاملة في مسألة "الحرب على الكبتاغون" ووقوف حكومته في مواجهة أي إساءة للمملكة. وبالنسبة إلى الرئيس عون، فلقد اختبر صنفاً إستثنائياً من العلاقة مع ميقاتي طغت عليها الإيجابية طوال مدتها، وقد بلغ الأمر حدّ وقوف رئيس الحكومة إلى جانب عون وتغطيته لكافة التجاوزات القانونية لوزارة الدفاع بسبب التجاذب السابق بين القائد والوزير.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بالمئات... لحظة إطلاق سراح عناصر من "جيش" الأسد (فيديو) 9 عمليات البحث مستمرة... انتشال جثامين 16 شهيداً! (صور) 5 معوّض يقنع ريفي 1
نواب يطلبون وزارات 10 إشتباك مسلح في ديك المحدي... مقتل مطلوب خلال مداهمة أمنية 6 بشأن حرائق لوس أنجلوس... نجمٌ هوليوودي يفجّر قنبلة من "العيار الثقيل"! 2
في أول تصريح له... نجل عبد الحليم خدام يكشف أسرار عن الأسد 11 بعد الإعتداء عليه... أول صورة لعمايري من المستشفى! 7 "انفجارٌ داخلي"... قبلان يتحدث عن "مشاريع حصر السلاح" 3
باسيل يسمي ميقاتي؟ 12 "سخانٌ منزلي" يودي بحياة ابن الـ14 عاماً 8 نواف سلام لإذلال المعارضة؟ 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر