في ليلة 13 نيسان الماضي، كان الطيار الأميركي بنيامين كوفي على موعد مع اختبار حقيقي لقدرته ومرونته في مواجهة أحد أكبر الهجمات الإيرانية ضد إسرائيل. في تلك الليلة، أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ باليستية وكروز، لتشكل أكبر ضربة عسكرية تشهدها المنطقة منذ سنوات.

لم يكن كوفي وزميلته في الطائرة لاسي هيستر يتوقعان مثل هذا الهجوم الضخم. فقد تلقت قواتهم تعليمات باستخدام كل سلاح تحت تصرفهم للتصدي للهجوم، في معركة استمرت لساعات طويلة في ظلام دامس.

في مقابلة خاصة مع شبكة "CNN"، تحدث كل من كوفي وهيستر عن اللحظات الحرجة التي واجهوها، حيث كان عليهم الاقتراب من الطائرات الإيرانية بدون طيار على ارتفاعات منخفضة للغاية، في مناورة وصفوها بـ"المغامرة الخطيرة للغاية".

وقال كوفي: "كنت أشعر أنني أقترب أكثر فأكثر من الأرض، وكان الخطر مرتفعًا للغاية، خاصة وأن الهدف بالكاد كان مرئيًا". أما هيستر، فقد وصفت الطيران بالقرب من الطائرات الإيرانية بأنها "مناورة خطيرة في الظلام".

وتمكنت القوات الجوية الأميركية من اعتراض 70 طائرة مسيرة و3 صواريخ باليستية، لكن الطيارين الذين شاركوا في العملية أشاروا إلى أنهم شعروا بالإرهاق في بعض الأحيان بسبب حجم الهجوم الإيراني.

وقد أسفرت الضربة عن اختبار جدي لقدرة القوات الجوية الأميركية في التصدي لهجوم من هذا النوع، والذي كان يحتوي على أسلحة غير تقليدية مثل الطائرات بدون طيار.

الوضع في قاعدة عسكرية أميركية غير معلنة في الشرق الأوسط كان لا يقل فوضوية، حيث كانت الدفاعات الجوية للقاعدة في حالة تأهب قصوى، أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية في الجو، بينما تم نقل القوات إلى المخابئ لحمايتهم. وقالت هيستر: "عندما تلقينا الأمر بالطيران، لم يكن لدينا أي فكرة عن حجم الهجوم".

وأضاف الطيار تيموثي كوزي: "لم يكن لدينا وقت كاف للتدريب على مواجهة هذا النوع من الهجمات، خاصة أن الطائرات بدون طيار رخيصة وقادرة على إصابة أهداف عديدة في وقت قصير".

وأكد الطيارون أن الطائرات المقاتلة مثل إف-15 لم تكن مجهزة بما يكفي لمواجهة الطائرات الإيرانية بدون طيار، لأن الأسلحة التي يمكن حملها على الطائرات نفدت بسرعة.

في النهاية، واجه الطيارون تحديًا آخر بعد نفاد صواريخهم: العودة إلى القاعدة العسكرية الهشة تحت النيران. وقال الطيار كورتيس كولفر: "كان لدينا أسلحة محدودة، وكان علينا إسقاط الطائرات بدون طيار بأي وسيلة ممكنة لحماية حلفائنا".

ومع انفجار الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية في الجو، تناثر الحطام على المدرجات داخل القاعدة العسكرية.

ورغم الأوضاع الصعبة، أصر العديد من الطيارين على مواصلة القتال وعودة الطائرات إلى الجو. في وقت لاحق من هذا الأسبوع، تم تكريم هؤلاء الطيارين، حيث حصل كوفي وهيستر على "النجمة الفضية"، بينما حصل آخرون على "النجمة البرونزية" و"وسام الصليب الطائر المتميز" عن أعمالهم البطولية وشجاعتهم خلال القتال.

ففي نيسان الماضي، أطلقت إيران "أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز" باتجاه إسرائيل ما أدى إلى جرح 12 شخصا، وفق ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

وفي الهجوم تم استخدام نحو 100 "صاروخ بالستي متوسط المدى" وأكثر من 30 "صاروخ كروز" وما لا يقل عن 150 "مسيرة هجومية" استهدفت إسرائيل انطلاقا من إيران، وفقا لما نقلته وكالة "فرانس برس" عن مسؤول عسكري أميركي.

وأحصى الجيش الإسرائيلي من جهته أكثر من 350 مقذوفا وقال إن 99 في المئة منها دُمر.

وقامت القوات الأميركية "بنجاح بالتعامل مع وتدمير أكثر من 80 طائرة هجومية مسيرة وستة صواريخ بالستية كانت تستهدف إسرائيل بعد إطلاقها من إيران واليمن"، وفق ما أكدت القيادة المركزية الأميركية.

ودمرت سفينتان أميركيتان موجودتان في المنطقة، هما "يو إس إس أرلي بيرك" و"يو إس إس كارني"، ستة صواريخ، قبل أن تتدخل طائرات وتُدمّر بدورها أكثر من 70 مسيرة إيرانية.

وأسقطت بطارية صواريخ باتريوت صاروخَ كروز في مكان ليس بعيدا عن مدينة أربيل العراقية في كردستان.

ودمرت القوات الأميركية أيضا "صاروخا بالستيا على مركبة الإطلاق، كما دُمرت سبع مسيرات على الأرض قبل إطلاقها في مناطق في اليمن يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران"، وفق سنتكوم.

الهجوم الإيراني "الأول من نوعه"، جاء ردا على قصف جوي "نُسب لإسرائيل"، وأسفر عن تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار الضباط، في الأول من نيسان الجاري.

وقد أُطلِع مسؤولون أميركيون كبار على هجوم دمشق خلال زيارة للبيت الأبيض أجراها السفير والملحق العسكري الإسرائيلي، حسبما قال مسؤول في الإدارة الأميركية مضيفا "نحن لم نشارك في هذه الضربة لكننا كنا نعلم أنه ستكون لها عواقب".