امتد نطاق الضربات الإسرائيلية وأوامر الإخلاء في جنوب لبنان ليشمل قرى مسيحية، بعد أن شهدت تلك المنطقة تصعيدًا وصواريخ متبادلة بين حزب الله وإسرائيل استمر لمدة عام تقريبًا دون أي اشتباك مباشر.

فضل بعض سكان القرى المسيحية البقاء في منازلهم، حيث استضافوا نازحين من القرى الشيعية المجاورة.

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن هؤلاء السكان وكهنتهم يرفضون الخروج لأسباب متعددة، منها عدم القدرة على تحمل تكاليف الانتقال، والشعور بأن البقاء قد يردع القوات الإسرائيلية عن شن هجمات ضد مناطقهم. كما يخشى البعض أنهم إذا غادروا، فلن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم مجددًا.

في قرية القليعة بقضاء مرجعيون، أشار روبرت ومنال الحاج إلى أن الحرب أشعرتهم بـ"العجز التام".

وأوضحا أنهما غير قادرين على الهروب من منطقة الخطر بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان. ومع مرور الوقت، زاد دوي المدفعية والغارات الجوية على المناطق المحيطة بقرية القليعة، ما جعل الأوضاع "جحيمًا" كما وصفاه.

فيما طالبت الأمم المتحدة بتحقيق "مستقل ومعمق" حول ضربة إسرائيلية أوقعت 22 قتيلاً في شمال لبنان، حيث استهدفت غارة إسرائيلية مبنىً من أربعة طوابق في بلدة أيطو المسيحية، ما أسفر عن مقتل 22 شخصًا، بينهم 12 امرأة وطفلان.

تُعتبر هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المنطقة الواقعة شمال لبنان لعمليات قصف، والتي عادة ما تركز على معاقل حزب الله في جنوب وشرق لبنان، إضافةً إلى ضاحية بيروت الجنوبية. وتبرر إسرائيل غاراتها بأنها تستهدف عناصر حزب الله ومخازن أسلحة بين المناطق المدنية، مشيرة إلى أنها تصدر أوامر إخلاء في المناطق المستهدفة قبل توجيه ضربات لتجنب إصابة المدنيين.

وقد أكّد المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" أن الدمار الذي لحق بالعديد من البلدات والقرى في الجنوب اللبناني "صادم ومروع".

ووفقًا للبيانات الرسمية، قُتل ما لا يقل عن 1454 شخصًا في لبنان منذ 23 أيلول جراء الهجمات الإسرائيلية، بينما أفادت الأمم المتحدة بنزوح نحو 700 ألف شخص، فيما تشير البيانات الرسمية اللبنانية إلى أن الأعداد تجاوزت المليون.

تواجه مراكز الإيواء ظروفًا معيشية صعبة، في وقت تعاني فيه المؤسسات الإنسانية من صعوبات كبيرة في تأمين الاحتياجات الأساسية.

وقد سجّلت حالة إصابة بالكوليرا، مما يثير مخاوف من تفشي الأوبئة بين النازحين. رغم إعلان الحكومة اللبنانية خطة طوارئ، إلا أن الاحتياجات على الأرض تفوق ما يتم تقديمه.

وأشارت الناشطة الاجتماعية رنا غنوي إلى أن "الاستجابة الحالية لأزمة النازحين غير كافية"، محذّرة من الفجوات الكبيرة في الاستجابة للحكومة اللبنانية.

وأضافت أن الحكومة لم تتوقع أن يصل عدد النازحين إلى ما يزيد عن مليون شخص، وهو ما يعادل ربع سكان لبنان.

وتستمر المعاناة في لبنان، حيث يواجه السكان أزمات متتالية، بدءًا من انفجار مرفأ بيروت، مرورًا بانهيار العملة المحلية، وصولاً إلى الحرب التي قضت على ما تبقى من قدراتهم.