تابعت وسائل الإعلام الروسية باهتمام كبير تطورات الأحداث المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مع استعراض السيناريوهات المتوقعة وتباين المقاربات حول تأثير هذا الحدث. وجاء هذا الاهتمام في ظل العلاقات المتشابكة التي تربط روسيا ببلدان المنطقة، على خلفية الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية المتزايدة الأهمية لموسكو، خاصة في ظل تدهور العلاقات الروسية مع الغرب بسبب الحرب على أوكرانيا.

وتعززت الاتصالات بين موسكو وحزب الله على مدار السنوات الماضية، خاصة خلال الحرب في سوريا، حيث قاتلت القوات الروسية وحزب الله في مواجهة مشتركة ضد ما يعتبرانه "القوى التكفيرية". ومن هذا المنطلق، يتابع المراقبون الروس بقلق التطورات الدراماتيكية الأخيرة في لبنان.

الخبير في الشؤون العربية أندريه أونتيكوف يرى أن اغتيال نصر الله من قبل إسرائيل حول لبنان إلى الساحة الرئيسية للصراع في المنطقة، مع تداعيات قد تخرج الأمور عن السيطرة. في حديثه للجزيرة نت، أشار أونتيكوف إلى أن احتمالات نشوب حرب شاملة تزداد مع تزايد الدعم الأميركي والغربي غير المحدود لإسرائيل، التي لم تعد تلتزم بأي خطوط حمر أو قواعد اشتباك.

ويعتقد أونتيكوف أن هذه "الوحشية الإسرائيلية" تعود إلى شعور الدولة العبرية بخطر وجودي يشكله حزب الله. وأضاف أن اغتيال نصر الله أنهى فرص الحلول السياسية أو التهدئة المؤقتة، مما يزيد من فرضية نشوب حرب شاملة في المنطقة قد تشهد انخراط أطراف جديدة فيها.

وأشار أونتيكوف إلى أن السؤال المطروح الآن هو كيف سترد القوى المعادية لإسرائيل، والتي يعتبر حزب الله أحد أبرز ركائزها. وبحسب رأيه، قد يكون الرد الأول من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، نظرًا لقدرتهم الصاروخية وهامش الحركة الواسع الذي يمتلكونه.

من جانبه، يرى دينيس كركودينوف، مدير مركز التنبؤات السياسية، أن عمليات اغتيال قادة حزب الله المتواصلة لن تعطل القدرات العسكرية للحزب بشكل كبير، مشيرًا إلى أن قصف الأراضي الإسرائيلية من قبل حزب الله لا يزال مستمرًا، وإن بوتيرة أقل.

وأوضح كركودينوف أن الهجمات الأخيرة على بيروت لم توقف عمليات الحزب بالكامل، مما يدل على استمرار تدفق الأوامر العسكرية حتى في ظل غياب القيادة العليا.

في المقابل، يعتقد كركودينوف أن إيران تواجه الآن استحقاقًا حاسمًا، حيث أصبحت الكرة في ملعبها. ورأى أن طهران تسعى لتجنب التصعيد الواسع أو شن ضربات انتقامية كبرى من إسرائيل على أراضيها. وأكد أن عدم اتخاذ إيران ردًا عسكريًا قويًا قد يلحق ضررًا كبيرًا بسمعتها كعدو رئيسي لإسرائيل، ويشكك في قدرتها على حماية حليفها الرئيسي في المنطقة، حزب الله.

تبدو الأوساط الروسية متباينة في تحليلها لمستقبل المنطقة بعد اغتيال نصر الله، إذ تتوقع بعض الأصوات احتمالات تصعيد كبيرة قد تخرج عن السيطرة وتؤدي إلى حرب شاملة، بينما يشير آخرون إلى أن قدرة حزب الله على الاستمرار في مواجهة إسرائيل لم تتأثر بشكل جذري. في المقابل، تقف إيران أمام لحظة مصيرية، حيث عليها اتخاذ قرارات حاسمة للحفاظ على مكانتها الإقليمية في ظل الظروف المتغيرة.