"ليبانون ديبايت"

جاءت زيارة أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى لبنان لتكريس الرعاية التي يحظى بها هذا البلد باهتمام الكنسية الكاثوليكية، لكن لغماً تم تفجيره قبل أن تطأ قدمه أرض المطار لينعكس ذلك سلباً على لقاء روحي جامع معه من خلال مقاطعة صارخة لإحدى المكونات اللبنانية الأساسية.

ويوضح الكاتب والمحلّل السياسي وسيم بزي في حديث الى "ليبانون ديبايت" أن الزيارة كانت مقررة سلفاً لتكريم منظمة فرسان مالطا، والتي هي إحدى الأذرع المرتبطة بالفاتيكان كنسياً وإدارياً وهي منظمة تقوم بأعمال كبيرة على مستوى العالم، جزء منها تنفيذي عملياتي وجزء منها رعوي، وأمين سر الفاتيكان يأتي ليبارك عملهم في المنطقة التي يصنفها "أرض مقدسة".

ويلفت إلى أنه على هامش الهدف الأساسي إرتقى الرجل الثاني بالفاتيكان بأن يقوم بحركة إتجاه لبنان لها 3 أبعاد:

البعد الأول: متعلّق بالموارنة والمسيحيين.

البعد الثاني: مرتبط بالبعد الإسلامي - المسيحي، وهذا ما تجلّى بلقاء الثلاثاء في القمة الإسلامية - المسيحية.

البعد الثالث: متعلّق بواقع المسيحيين في المنطقة من خلال لبنان.

ولكن في الواقع ما حصل هو أنه هناك من أراد تفجير عبوة بوجه بارولين (وتحديداً عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يوم الأحد) فهذه العظة، على حد تعبيره ، إفتعلت إشكالاً سياسياً والفاتيكان تعامل معها بغير إنتباه، لكن من الواضح أن توقيت تفجير هذه العبوة هو من دفع الشيخ علي الخطيب أن يتغيب نهار الثلاثاء عن القمة الإسلامية -المسيحية، وأي متابع بسيط للسياسة يعلم أن البطريرك فجّر هذه العبوة بوجه بارولين وزيارته، لذلك فإن قمة الثلاثاء الإسلامية-المسيحية كان يحيط بها نافرتان:

- النافرة الأولى: تمثّلت بغياب التمثيل الشيعي وهذا لا يعتبر جيداً بحق بكركي, رغم أنه البيان الذي أصدره رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم لاحقا حاول إستدراك الأمر ووضعه بإطار حسن النية.

- أما النافرة الثانية: فتمثّلت بإنكشاف موقع سمير جعجع من مبدأ التلاقي والحوار الوطني والمسيحي من خلال تغيبه شخصيا وإرسال أحد صقوره وإضطرار سامي الجميل بالإلتحاق به مرغما، علما أن الجميل لم يكد يهضم بعد ضربة سمير جعجع له، عندما سرق منه فكرته وذهب فيها بإتجاه إتفاق معراب، وهذا إثبات إضافي على إضطرار الجميل مرغما للركض دائما خلف جعجع.

وأما العنوان الثالث الذي سرق الأضواء هو غزل فرنجية - باسيل أمام الصورة، الأمر الذي قد لا يحمل جديداً رئاسياً هذا الغزل لكنه بالتأكيد يحمل رسالة لسمير جعجع.

وعن الحصيلة السياسية لزيارة بارولين؟ يرى بزي أنه من الواضح أن حدود الإنجاز لا تتجاوز حيوية فاتيكانية في لحظة حساسة من واقع لبنان الداخلي والخارجي ولقاءات منظورة مع بري وميقاتي وتكريم ميقاتي لبارولين ،ولكن النتيجة السياسية بما يتجاوز هذه الظواهر تساوي صفر، سواء على صعيد وحدة الموقف المسيحي أو واقع أزمة الرئاسة لكن الأكيد أن بارولين أجرى ربط نزاع مع رؤية أفضل لواقع لبنان وتوازناته، ستسمح لاحقا للفاتيكان بنظرة أكثر دفعا وتفصيلا لواقع لبنان الداخلي وللتحديات الآتية من الخارج.

ويلفت بزي إلى أن الفاتيكان دائما يمثل أحد الضمانات غير المنظورة التي تحمي لبنان من المخاطر الخارجية وبخاصة ما يتعلّق بالتهديد الإسرائيلي والفاتيكان على تواصل وثيق مع الإيرانيين وكذلك مع بايدن الكاثوليكي وماكرون الكاثوليكي.

ويكرّر أن أساس الزيارة هو تكريم منظمة مالطا إضافة إلى سبب جوهري هو الإنفتاح على سوريا وحماية مسيحيي الشرق.