"ليبانون ديبايت" - فادي عيد

للمرة الأولى منذ وقت طويل يذكر الرئيس الأميركي جو بايدن لبنان في خطابه، وقد تزامن هذا الأمر مع الإعلان الأميركي عن مبادرة لوقف الحرب في غزة، وعن صياغة حل للحدود اللبنانية مع إسرائيل. فهل هذه الإشارة الأميركية تمهِّد لنهاية الحرب، ولو أنه حدّد أكثر من 6 أسابيع لإتمام مراحل هذه المبادرة؟ وهل بالإمكان توقّع انسحاب صيغة الحل التي وردت في خطاب بايدن الأخير على الجبهة الجنوبية؟

وتقول أوساط نيابية معارِضة، أن الإتفاق الذي كشف النقاب عن بعض تفاصيله الموفد الأميركي آموس هوكستين منذ أيام، قد يكون هو المدخل إلى اليوم التالي في جنوب لبنان، إلاّ أن هذا السيناريو يبدو مؤجلاً، وربما إلى موعدٍ غير معلوم، نظراً لترابطه مع نقطة الإعلان عن وقف النار في غزة، خصوصاً وأن "حزب الله" أكد مراراً وتكراراً أنه لن يعقد أي اتفاق قبل انتهاء حرب غزة ووقف العمليات العسكرية، وبالتالي، تضيف الأوساط، فإن الموعد قد يكون غداً وقد يكون في الخريف المقبل، باعتبار الربط الواقعي والحاصل بين جبهة لبنان مع جبهة غزة، تحت عنوان مساندة غزة، وبالتالي، فإن إمكانية الفصل بين الجبهة الجنوبية وجبهة غزة غير واردة أبداً، سواء في الترتيبات الأمنية جنوباً، أو حتى الترتيبات السياسية داخلياً، وذلك على الرغم من الحديث عن فصل استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية عن الحرب.

وما يتصل بالمبادرة الأميركية بشأن لبنان، تضعه الأوساط نيابية المعارضة نفسها، في إطار قرار أميركي ثابت بلجم تدحرج العمليات العسكرية ومنع إسرائيل من توسعتها إلى حرب شاملة في لبنان، وبالتالي، فإن النجاح في تمرير هذا الإتفاق بين إسرائيل و"حزب الله" سيكون له ثمن ما، ولكن من دون أن يتضح ما الذي سيطلبه الحزب. ،في المقابل، لا يمكن إغفال نتائج وتداعيات الحزب "الكارثية" كما وصفتها الأوساط المعارِضة، التي تكشف أن "حزب الله" ينتظر اللحظة التي تنتهي فيها الحرب، خصوصاً وأنه لم يكن يتوقع وينتظر أن تطول كل هذه المدة، بعدما دُمّرت قرى بأكملها على الحدود الجنوبية، حيث أن توازن الرعب الذي يتحدث عنه الحزب تحول إلى معادلة خلافية على الساحة الداخلية، لا سيما وأن إسرائيل لم تتردّد عن قصف العمق اللبناني، وهي قصفت في الضاحية وفي بعلبك، وتعمل على تحقيق أمر واقع في الجنوب من خلال تدمير القرى على مسافة تراها ضرورية من أجل تفادي تكرار ما تعرّضت له من نكسة في 7 تشرين الأول الماضي.

وتؤكد الأوساط ذاتها، أن هذه الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا على قاعدتين: خروج "حماس" من جغرافية غزة، وابتعاد "حزب الله" من غلاف الجنوب حتى عشرة كيلومترات، وهذا هو الواقع الذي يكاد يكون محسوماً على الأرض من خلال الدمار الشامل، ولعلّ ما تحدّث به هوكستين يوم الجمعة الماضي هو التصوّر الأميركي لما بعد حرب غزة، ولكن على الجبهة اللبنانية.

فالأوساط المعارضة، تنقل معلومات عن أن خطة هوكستين جاهزة من الناحية المبدئية، وقد طرحها في بيروت وهي تركّز على تثبيت الحدود البرّية مع إسرائيل وفق الزاوية التي تنطلق منها الرؤية اللبنانية، أو بالأحرى "الثنائي الشيعي" من خلال الرئيس نبيه بري، ولكن التعديل قد يكون وارداً في مراحل لاحقة، خصوصاً وأن التطورات الميدانية على الأرض قد تفرض معطيات مختلفة، ولكن لن تخرج خطة هوكستين أو صيغة الحل التي تحدث عنها بايدن عن خطوطها العريضة مهما تأخر موعد وضعها على طاولة البحث النهائي في بيروت، وإلى ذلك الوقت، فإن الحرب مستمرة ولا قواعد اشتباك لها ولا حدود لتطورها واتساع رقعتها.