Beirut
30°
|
Homepage
بعد العسكري... المقاومة تضرب سياسياً: التنقيب والغاز وتثبيت الحدود
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 22 أيار 2024 - 7:01

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

إقتنعت أميركا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وقبلهم إسرائيل، أن "حزب الله" لن يخرج مهزوماً من المعركة التي افتتحها في الجنوب تحت عنوان إسناد المقاومة في قطاع غزّة. لذلك، مثلاً، لا يُقرأ قرار الولايات المتحدة تجميد حراك موفدها إلى المنطقة عاموس هوكشتين إلاّ من خلفية إدراك واقعي من جانب الأخير وإدارته بأن تل أبيب في حالة ضعف وينتابها قلق شديد حول المصير، وأن أي اتفاق محتمل مع لبنان في مثل الظروف الحالية سيأتي على حسابها، وأنه ليس في وسع الولايات المتحدة تطمينها بعد، ببساطة لأنها توصلت أخيراً إلى إستنتاج مفاده أنها غير قادرة الآن على تحصيل امتيازات من جانب لبنان وعبره من الحزب. لذلك يفضلون تجميد الوساطات الأمنية راهناً ريثما تتعدل الشروط، والتفرغ في هذا الوقت لإنضاج ظروف مختلفة، والعمل على خلق خطط التفاف بديلة و "الركّ" على أداء السفيرة ليزا جونسون وتركها تملأ الوقت في ملف الرئاسة.

في المقابل هناك أشخاص لا يقتنعون أبداً بأن العالم يتغيّر، لا في المعطيات ولا من خلال كل التطورات أو ما يجري من حولهم. من بينهم رئيسا "القوات اللبنانية" والكتائب سمير جعجع وسامي الجميل. رغم كل ما حصل ويحصل، ما زال الأول يُراهن على ضربة تحدّ من قوّة "حزب الله" وتأتي بنتائج سياسية. ولأجل ذلك ما زال "يتبجّح" أمام من يقابلهم أن في استطاعته "إمساك الشارع" المسيحي والتمهيد لتغيير مصدره الأرض. الثاني ما برح يُراهن على قرارات دولية تؤثر في حضور الحزب داخلياً. لذا، يبادر إلى رفع صوته في كل مناسبة وعندما تسمح الفرصة.


على الجبهة نفسها ثمة كثر يرتفع صراخهم في محاولة منهم لإظهار وجودهم ولتدارك الأسوأ. والأسوأ بالنسبة إليهم أن يخرج الحزب "من المطحنة" متقدماً في النقاط على الجميع ما يصلح لتقريشه في الداخل؛ وحيث أنهم يحسبون أن هذه النتائج ستأتي على حسابهم بالدرجة الأولى، كبقايا نواب "التغيير" ومن صَفِيَ من "السياديين" وليس بعيداً عنهم "تريو" فؤاد مخزومي – أشرف ريفي – ميشال معوض. وعلى مبدأ أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، قام هؤلاء كلّهم أخيراً بـ"تشغيل" مجموعة من الإعلاميين والناشطين بهدف "الركّ" على مسألتين داخليتين لا ثالث لهما: فتح النقاش في ملف الدمار نتيجة الإعتداءات في الجنوب والتصويب عليه إعلامياً وعبر مواقع التواصل، وتحميل مسؤوليته إلى حزب الله، واللعب على وتر الأرقام وتكلفة إعادة الإعمار، وإشاعة جو من الخوف على المصير، والغمز بأن الحزب لن يستطيع إعمار ما دُمِّر من دون وجود مانحين ودول. المسألة الثانية التركيز على احتمال توسّع الحرب، وما سينتج عنها من تكلفة، وإخافة اللبنانيين من أن البيوت إذا ما دُمِّرت فلن نستطيع إيجاد من يعيد بناءها أو ترميمها.

على المقلب الآخر، يتصرّف "حزب الله" بكثير من "الأدب" مركزاً على الأساس، أي الجنوب، رافضاً التعاطي في أمور يراها "هامشية" مقارنة بأهمية الجبهة. فمثلاً وعندما استعيدت قبل أسابيع "نغمة" الموفدين الدوليين والطلبات المستمرة الأميركية والفرنسية لإبعاد "قوة الرضوان" عن الشريط الحدودي، مترافقة مع كلام منسوب إلى "أشخاص" حول أن الحزب قد تراجع فعلاً عن الشريط أو أنه في هذا الوارد، جاءهم الإعلام الحربي بشريط يوثِّق قيام مقاومين يتمركزون على بعد أمتار من الشريط في القطاع الغربي، بنشاط حربي تخلّله قصف لموقع "راميا" بالصواريخ، وكأن الحزب ينشر رسالة مفادها "إننا ما زلنا هنا". أكثر من ذلك، أخذ الحزب يتصرّف خلال الفترة الأخيرة على أن كل قواته هي "قوات رضوان"، وأخذ يوسّع حضوره العسكري والميداني، وينفِّذ ضربات ويتوسّع في تنفيذ ضربات. من يتصرّف على بعض الشاشات وعلى المنابر موحياً أنه العارف بكل شيء، يسقط في دوامة الخطأ في تقدير ما لدى الحزب على الأرض، ويغيب عنه أن المقاومة، مثلاً، ما زالت منذ 7 أشهر غير مستنفرة بكامل قوتها، وتمنح أولوية العمل عند الحافة إلى أفواج التشكيلات العسكرية التقليدية المنتشرة في المناطق الحدودية من خارج تشكيلات "الرضوان"، من ضد الدروع إلى الدفاع الجوي والسلاح المسيّر والهندسة والإشارة والمشاة...ألخ، وإن الحزب في قاموسه، تجاوز منذ زمن بعيد شيئاً إسمه "قوة الرضوان" فقط عند الحافة الأمامية، وبات بنظره كل الحزب "قوات الرضوان".

عملياً، يحتل عقل "حزب الله" العسكري أن المعركة الحالية هي أفضل وسيلة أو فرصة ممكنة للتحصيل من الإسرائيلي وأظهار ضعفه البنيوي. ويصبح أن مشروع الحزب يتعدى، في البعد الإستراتيجي، "إسناد غزة" وصولاً لإحداث تغيير نوعي عند الحدود.

من هذا المنطلق، لا يغيب عن بال المقاومة أنه، ومن بين الأهداف التي سعت إليها خلال المعركة الجارية، إفقاد الإسرائيلي عناصر القوة والتوازن. لذلك ضربته في تفوّقه الجوي وحضوره البري، واستهدفت ودمّرت منشآت ومستعمرات ومنازل ومواقع. والمقاومة في تقديرها، تجد أن الفرصة مؤاتية لإدخال تغييرات تصب في عمق أهدافها، في البرّ والبحر، وعلى النقاط الحدودية المتحفّظ عليها، وفي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلّتين والجزء الشمالي من بلدة الغجر. ويمثل الوضع الحالي أفضل مناسبة للتحصيل في السياسة الكبرى وليست تلك المحصورة في لبنان. لذلك، يراهن هوكشتين على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ومن ثم يأتي لبحث الملف اللبناني بشكل منفصل. وما يفهم، أن الوسيط الأميركي الذي يتصرّف ب"مكر" شديد حيال الظروف ويعرف كيف يقرأها جيداً، يعيد نظرياً إنتاج الأسلوب الذي انتهجه زمن وساطته في الحدود البحرية تصرّف حياله بدهاء شديد. وحينما كان يفترض أن لبنان كان يحمل ملفاً قانونياً قوياً مدعوماً بملف عسكري أكثر قوة، إبتكر هوكشتين نموذجاً تمكّن خلاله من تفريغ عناصر قوة الملف اللبناني، وشتّتَ المفاوضين وتفريقهم، ومن ثم إلتف علينا، وتمكّن عبر إقناع كبار الساسة من التوصل إلى مشروع ترسيم تبيّن لاحقاً أنه حصل بموجب تفاهمات أتت على حساب مصلحة لبنان، إلى درجة أن المشروع لم يتضمن أية آليات تحفظ الحق اللبناني، أقله في ضمان مسار التنقيب عن الغاز والنفط في البحر، أو تلزيم البلوكات. ما يسعى إليه الحزب إذاً يتجاوز كل ما سبق، ولا يترك تفصيلاً صغيراً خارج المناقشة. فكما أن هوكشتين في جديده يطرح تثبيت الحدود البرية عند "الخط الأزرق"، متجاهلاً نصوصاً دولية كاتفاقية بوليه – نيو كامب عام 1923 و اتفاقية الهدنة عام 1949، ويريد من وراء التوصل إلى أي "مشروع اتفاق" مع لبنان ضمان عودة المستوطنين إلى منازلهم في الشمال، وأخذ ضمانة من "حزب الله" يقوم خلالها بسحب قواته المسلّحة بالحد الأدنى إلى الحدود التي كان متواجداً عليها ما قبل 8 تشرين (ويلاحظ هنا خشية تل أبيب من تقدم الحزب نحو مناطق أخرى)، بينما الحزب بدوره أصبح في باله اليوم تأمين عدة أهداف، بما في ذلك تلقي ضمانات لمصلحة الدولة، لن يكون فيها ملف التنقيب عن الغاز والنفط بعد اليوم خاضعاً للإملاء الأميركي والمزاجية الإسرائيلية، ولا يكون خط الطفافات ونقطة الـB1 وما تبقى من نقاط متنازع عليها من ضمنها تحديد مصير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من الغجر وتثبيت الحدود البرية، ومستقبل الإعتداءات الإسرائيلية، بما فيها الطلعات الجوية معزولة عن أي اتفاق.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
سفارة إرهابية داخل مديرية الأمن الداخلي وضباط لبنانيون برتبة "أمراء": اتهام خطير للواء عثمان! 9 "عدم الاقتراب"... طلبٌ من "قوى الأمن" إلى المواطنين! 5 باسيل ضيف الشاغوري في موناكو! 1
"الوجع ما بقى ينحمل"... رسالة تستدعي التحرك سريعًا وإلّا! 10 مخطط "نهب" بملايين الدولارات 6 عصابات تسعى لإغتيال رياض سلامة.. مصطفى علوش يكشف تفاصيل الصفقة الأضخم والرعب القادم! 2
بالفيديو والصور: جرحى إثر اصطدام بين شاحنة وباص يقلُّ عسكريين 11 لبناني يفقد حياته في غانا 7 قائد جديد للجيش بين بري وباسيل؟ 3
"تخوّف من إغتيال قيادات لبنانيّة"! 12 بعد أن فضح علاقتهما الغرامية... تركية تطلق النار على رجل بمقهى (فيديو) 8 "بلبلة وأزمة حادّة"... نقيب المحامين يتمرّد على مجلس النقابة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر