Beirut
19°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
حزب الله يبدأ الورشة... "على إجر ونص"
عبدالله قمح
|
الاثنين
26
آب
2019
-
3:00
ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
الحدث الاستثنائي الذي طبع المشهد ليل السبت - الأحد في الضاحية الجنوبية جرّ خطاباً استثنائياً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في بعلبك. قبل ساعات، كان السيّد يعمل على تدقيق خطابه الذي لامس مستوى الهدوء في شقه الداخلي، حيث غابت الاشتباكات السياسية في ظل قطع الجميع لتأشيرات دخول موسم المصالحات، قبل أن ينزل الاسرائيلي حمولته ويستعيد خشونته ويستخدمها على شكل اعتداء "مسيّر" في الضاحية.
في ذروة دوران الحرب الصامتة ذات الإحداثيات الامنية بين حزب الله واسرائيل، لم يكن أحد ليظن ان تقدم الدولة العبرية على مغامرة عبثية أو ان تمارس فعلاً أمنياً من النوع الثقيل في عمق بيئة حزب الله. للوهلة الاولى، كان الاحساس ان العدو يكتفي باستنشاق اوكسجين "معارك الوكالة" والضربات البعيدة عن الصلب اللبناني، بحيث لا يترك لحزب الله مجالاً لاجراء تعديل على قواعد الاشتباك المعمول بها.
بعيد عام 2006، فرض الحزب نمطاً حديثاً من قواعد الاشتباك بني على أساس قدرات الحزب المتراكمة من تجربته خلال تلك الحرب والتي اوصلته لفرض توازن رعب على اسرائيل جعلها تفكر مرتين قبل اية اغارة عليه، وهذا بالفعل أسس الى حالة هدوء امتدت منذ ذلك العام وحتى الآن.
القواعد تلك جرى تعديلها وبشكلٍ متسلسل خلال سريان مفاعيل الحرب السورية، اذ فرض ما يصطلح تسميته "تفاهم غير مباشر" قضى بأن لا يرد حزب الله إنطلاقاً من لبنان على اي استهداف يحصل في سوريا.
لكن خيطاً رفيعاً ربط تلك المرحلة، بحيث فرض الحزب على دولة العدو عدم استهدافه بشكل مباشر، لا في سوريا ولا في لبنان، لا بل ان بعض الماكرين في السياسية، ذهبوا الى حد الظن بوجود اتفاق ترعاه مصالح دولية يفرض على اسرائيل الابلاغ عن اي ضربة في سوريا، وهو ما كان يستفيد منه حزب الله بشكل او بآخر.
وعلى سبيل المثال، لمس الحزب خلال وجوده في الميدان "حرصاً اسرائيلياً" -إن صح التعبير- على عدم تعريض عناصره للاستهداف المباشر او الموت خشية من ردات فعل المقاومة. هذا الأسلوب شعر باعتماده بعيد إغتيال الشهيد عماد مغنية ورفاقه في القنيطرة، حيث كان العدو وخلال استهدافه لمنشاءات او صواريخ -كما يزعم-، يعمل على تحييد العناصر البشرية اللبنانية عن دائرة الاستهداف.
لكن حادثة الاستهداف التي جرت في بلدة عقربا جنوبي دمشق ليل السبت - الاحد قلبت كافة الموازين ومثلت تغييراً في البنية القواعدية للفكر العسكري الاسرائيلي تجاه المواجهة، ما أسس لنمو تعديل على قواعد الاشتباك المعمول بها، وقد تزامن ذلك من تجديد بنك الأهداف الإسرائيلي الذي بدأ يطال العراق، وهو ما التفت اليه الحزب جيداً وبدأ يتعامل معه على اساس انه انتقال جديد في جيل الحرب.
استهداف عقربا الذي، ووفق المعلومات، قصف مجمع بنائي خاص بحزب الله وذات اهمية بالغة بالنسبة إليه، ادى الى سقوط شهيدين، وهو ما اعتبر في بيروت انتقالة نوعية واسقاطاً لقواعد الاشتباك المعروفة، لا بل أن جانباً، بدأ يظن ان إسرائيل تعمدت قصف ذلك الموقع، بما يشبه عملية اغتيال لا تزال دوافعها قيد الدراسة.
وبينما كان حزب الله يعمل على إحصاء الأضرار في الموقع المذكور، دخلت، وليس صدفة، مسيرات اسرائيلية الى عمق الضاحية الجنوبية، في حي معوض، وتحديداً الى تكتل ابنية تتبع بشكلٍ مباشر لحزب الله وفيها مكاتب اعلامية وغير اعلامية، علماً ان هذا الاستخدام لم يكن يندرج ضمن دائرة التوقعات.
يقول السيد حسن نصرالله ان استخدام هذه المسيرات المفخخة كان يرمي الى تنفيذ عمل ما، حيث أوكلت المهمة الى طائرة حلقت على علو منخفض جداً وبين الابنية، وهذا يعني عسكرياً انها كانت تبحث عن هدف لتصويره، وهذا عادة يكون مقدمة لتأمين حضور ميداني لاجراء استهداف لاحق، لا تزال المعطيات عنه في حكم التحليل وتتراوح بين عدة فرضيات وشخصيات، اعلامية وسياسية.
بعيداً عن تحديد أسباب سقوط المسيرات، هل هي عرضية نتاج خلل او نتاج رواية حزب الله الرسمية حول استهدفها بالحجارة او غير ذلك، هذا كله لا يخفي حقيقة ان ثمة ثغرة سعى العدو لامتلاكها وبحث من خلالها على استهداف ضمن درجة عالية من الدقة. والاكيد ان نجاحه بالتنفيذ لو كتب له التحقق، كان سيضيّع الادوات المستخدمة او يخفيها، لذا ثمة حكمة في سقوط المسيرات و انكشاف المخطط وإظهار ما كان يرتب في الخفاء.
في عقل حزب الله، ان تجاهل الحادثة قد يؤسس الى مسار جديد ستدخله المعركة، لذا يتحتم عليه التعامل مع تغيير قواعد الاشتباك الحاصل بإطلاق ورشة تعديل على مستوى قوة الردع وبالتالي إجراء تحسينات على قواعد الاشتباك تراعي النفس المعمول به. بمعنى آخر، يصبح الحزب في حلٍ من أي "التزام" تجاه تحييد الرد من الجبهة اللبنانية بعد القرار المتخذ اسرائيلياً.
ما جرى في الضاحية يصوره بعض العارفين على أنه محاولة اغتيال ثانية استتبعت الأولى التي جرت في عقربا، معنى ذلك ان مستوى المواجهة دخل افقاً جديداً، وان المقاومة بالتالي او لبنان ككل دخل مرحلة مواجهة جديدة، من الضروري ان يخوضها حزب الله سعياً وراء سد الثغرات، والحديث لا يدور حول حرب بل "ميني حرب" ربما تأخذ في الحسبان ضرب نقاط الضعف تمكيناً لـ"معادلة الردع" الممنوع اهتزازها مهما بلغ الثمن.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا