ماذا إذا ثبت تورط فريق لبناني في أحداث سوريا؟
عاشت الساحة اللبنانية مرحلة من حبس الانفاس على خلفية الاحداث التي شهدتها سوريا في الآونة الأخيرة، والتي تداخلت فيها عناصر داخلية وخارجية، في ظل مؤشرات بدأت تتوالى حول امكان تورط «بعض اللبنانيين» سريعا ورهانهم على أن يكون لهم «قرصهم» في الأحداث التي شهدتها سوريا من درعا الى اللاذقية والتي تمكنت القيادة السورية في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بتجاوزها، في ظل اشارات داخلية سورية من قوى اصلاحية تربط حركتها بالحرص على استقرار سوريا وتثبيت موقفها وموقعها الوطني من جهة وترجمة الاصلاحات من خلال حوار وطني شامل من جهة ثانية، فيما برزت اشارات عربية واقليمية ودولية واضحة بالوقوف الى جانب الاستقرار في سوريا.
ويقول مصدر ديبلوماسي عربي «أنه إذا ثبت أنه تمت مصادرة سبعة مراكب محملة بالاسلحة قادمة من شاطئ لبنان الشمالي، ودخول عناصر سورية معارضة ولبنانية عن طريق البقاع وبعض النقاط في الشمال الى الأراضي السورية ومشاركتهم في عمليات أمنية (قنص وإطلاق النار كونهم مزودين بمناظير ليلية وقناصات متطورة)، معطوفة على الاعتداءات التي تعرض لها سوريون خلال التظاهرات المؤدية للنظام السوري في بيروت وعدد من المناطق، والحديث عن سعي البعض لتنظيم تظاهرة في طرابلس ضد النظام السوري، في الساعات المقبلة فإننا نصبح أمام معطى أمني خطير يمكن وصفه بالبنيوي كونه يحول لبنان وحدوده ممراً للتآمر على سوريا واستهداف الاستقرار فيها».
ويضيف المصدر «أنه إذا أثبتت التحقيقات السورية تورط جهات لبنانية، فإن ذلك يناقض الاتفاقات الثنائية المعقودة بين لبنان وسوريا والتي لا تزال قائمة، كما يناقض الدستور اللبناني الذي أقِر استناداً الى وثيقة الوفاق الوطني وفق اتفاق الطائف وتحت بند العلاقات اللبنانية ـ السورية ومما جاء فيها أنه: «يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسوريا لأمن لبنان في أي حال من الاحوال، وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً او مستقراً لأي قوة او دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه او أمن سوريا وأن سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقراره ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته».
ويوضح المصدر «أنه اذا تم تثبيت المعطيات المتواترة عن تورط لبنانيين، فان من شأن ذلك أن يؤدي الى توتر العلاقة مجددا بين سوريا وبعض الاطراف اللبنانية، علما بأن دمشق تنتظر من الدولة اللبنانية اتخاذ الاجراءات المناسبة عملاً بأحكام الدستور والاتفاقيات الامنية المعقودة بين البلدين».
واشار المصدر الى أنه «في حال ثبوت المعلومات عن تورط فريق لبناني معين في هذا الامر، فإن النتيجة التي يمكن استخلاصها أن هذا الفريق يملك قرار تخريب العلاقات اللبنانية ـ السورية، أي قرار الحرب والسلم مع سوريا وهو خارج الدولة، في الوقت الذي ينادي بحصر قرار السلم والحرب مع العدو الاسرائيلي بيد الدولة اللبنانية، والحري بالذين يتحدثون دائماً عن السيادة أن يعطوا المثل في احترام سيادة الدول الاخرى قبل مطالبة هذه الدول باحترام السيادة اللبنانية».
ويلفت المصدر الانتباه الى أنه، لا يمكن فصل عملية خطف الاستونيين السبعة عن هذه التطورات الحاصلة، فهذا العمل هو جزء من اعادة الاعتبار الى بعض المجموعات الاصولية في احتلال حيّز مما يجري على الساحة العربية، ولبنان هو الساحة الأضعف، مما يعني أن هذا التحرك له بعدان، الاول، قربه من الحدود السورية، حيث ينشط العديد من القوى الاصولية هناك. الثاني، وجود بيئة حاضنة سياسياً وشعبياً لهذه القوى، بعدما أمكن من خلال الكاميرات حصر احتمال وجود المخطوفين السبعة في بيئة من لون معين وعلى الأرجح تحت غطاء سياسي معروف في منطقة البقاع الغربي».
واعتبر المصدر «أن استهداف الكنيسة في زحلة ليس بعيداً أيضاً عن هذا الاتجاه الاصولي، بعدما أخذ تخريب الامن في الخاصرة السورية وجهين، الاول استهداف الاجانب، والثاني إثارة النعرات الطائفية».
ورأى المصدر أنه «باعتبار المرحلة تتطلب وجود حكومة فاعلة وقادرة على ضبط هذه التجاوزات وتجنيب لبنان هكذا مغامرات، أصبح من الواجب والملحّ على وجه السرعة أن يشهد الوضع السياسي انفراجات كبرى في مقدمها الاسراع بتشكيل حكومة جديدة والخروج من دائرة المراوحة والانتظار لكي تتصدى للمهام الداهمة داخلياً وخارجياً وتتحمل مسؤولياتها تجاه شعبها أولا وتحصين الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني وكذلك تحمل مسؤولياتها ازاء الاشقاء والاصدقاء وفق المعاهدات والاتفاقات الثنائية المعقودة خاصة وأن المنطقة العربية تمر بلحظات تاريخية يفترض أن تعيد رسم خارطة المنطقة وأدوارها من جديد».