Beirut
21°
|
Homepage
صالات السينما مهجورة... وسفير لبنان الى العالم مُهمّش!
كريستل خليل | الخميس 23 آب 2018 - 0:00

صناعة السينما هي اقتصاد قائم يساهم في الناتج المحلي

تقصير بحق السينما اللبنانية تتحمل مسؤوليته اكثر من جهة

صالات سينما أقفلت أبوابها وأخرى بدأت تتقلص

افلام لبنانية لا تحظى بالاهتمام الكافي من المعنيين

يجب اعادة احياء "سفير لبنان الى العالم" ودعمه


"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:

تشير الأرقام والاحصائيات العالمية الى ان صناعة السينما هي اقتصاد قائم بذاته ويساهم بنسب كبيرة في الناتج المحلي الاجمالي. كما وأن رواد السينما والمسرح والحفلات يشكلون حوالي 60% من المواطنين، ويتوزعون بين الجمهور مع تنوع الأفلام سواء كانت روائية عاطفية، ام تاريخية، ام وثائقية، ام هزلية، ام بوليسية، ام درامية ام غيرها. الّا ان الصادم، بحسب ما أشارت اليه الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مركز "سمت" للدراسات ان صناعة السينما في أغلب الدول العربية لا تتجاوز 0.1% من الناتج المحلي. وحتى هذه النسبة ليست موجودة في لبنان اذ يُعتبر هذا المجال استثماراً خاسراً!

على الرغم من وجود أضخم صالات السينما وأفخمها وأحدثها في لبنان، ومع وجود أهم وأنجح المخرجين والمنتجين والممثلين والفنانين العاملين في هذا المجال، لا ازدهار في صناعة السينما حتى اليوم، ولا جمهور يحوّل هذه الصناعة لمحرّك اقتصادي يرفع الناتج المحلي. في التقصير الحاصل بحق السينما اللبنانية قد لا يحدد توجيه اللوم الى جهة واحدة وحسب، بل على أكثر من جهة وأكثر من عامل وسبب يقف عائقا أمام ازدهارها ونجاحها.


في احدى صالات السينما في شمال لبنان يبدو الإهمال الذي حل على صالات العرض ظاهرا، منذ لحظة دخولك الى السينما من باب حيادي كون باب المدخل الأساسي معطّل، مرورا بشباك التذاكر، وصولا الى الصالات التي لا يعمل منها سوى ثلاث. أضف الى ان رغيتك في مشاهدة احدى الأفلام بتقنية ثلاثي الأبعاد ستبوء بالفشل لتردي نوعية الشاشة والنظارات الخاصة بالأفلام من هذا النوع. وناهيك عن الصالات التي أقفلت أبوابها نهائيا، بدأت بعضا منها تتقلّص وتقتصد قدر الإمكان في ظل تراجع الحركة فيها. وفي حال قصدت مشاهدة فيلم, نادرا ما تجد اكتظاظ في الصالة حتى في الأيام الأولى لعرض الفيلم.

وسط أكثر المناطق نشاطا في كسروان، تحوّلت سينما اعتادت ان تكون مقصدا للشباب والعائلات والأطفال الى "شبه سينما" بعد ان بدأت تتآكل منها الأقسام. وتلا توقف صالة الألعاب فيها عن العمل، اغلاق شباك التذاكر وتحويل هذه المهمة الى الجهة نفسها المسؤولة عن بيع الفشار والمشروبات والطعام الى ان توقفت بعضا من صالاتها عن عرض الأفلام. وعند استفهام المواطن عن سبب هذه التراجع في المرفق الذي لطالما كان يعج بالنشاط بموظفيه وزبائنه، يأتيك الجواب "ما في شغل، هيك منقتصد ومنقلل موظفين".

وفي ظل نجاح عدد من الأفلام الأجنبية خصوصا الأميركية المعروفة بـ "الهوليوودية", ظهر رواج بعض الأفلام المصرية التي قدمت في الآونة الأخيرة أعمالا توازي بضخامة انتاجها واخراجها ومحتواها أفلام هوليوود. وبدأ اتجاه رواد السينما، الى تلك الأفلام واهملوا تشجيع الأفلام اللبنانية التي وصل بعضها الى اهم وأعلا المراكز العالمية ونال جوائز تستحق تسليط الضوء عليها والتساؤل عن سبب اهمالها من المواطن اللبناني.

لا يثق المواطن بالأعمال اللبنانية، ويفضل اللجوء الى مشاهدة فيلم أجنبي في اغلب الأحيان، ومرد ذلك الى أكثر من سبب مثل ضعف الحملات الدعائية الداعمة للفيلم، والبرامج التلفزيونية المروجة للأفلام اللبنانية، والثقافة المكتسبة منذ الصغر في مناهج الدراسة، بحسب ما أشار اليه الخبير التلفزيوني أنطوان كاسابيان في حديثه لـ"ليبانون ديبايت". أسف هذا الأخير من الحال الذي وصلت اليه السينما اللبنانية وتخلّي الجمهور عن السينما بالإجمال، رغم انه لا يزال من مدرسة الدعم للسينما اللبنانية وأول الحاضرين لمشاهدة كل فيلم لبناني جديد.

وعن الاهمال والتقصير الذي يطاول صالات السينما، والحملات الدعائية، والأفلام اللبنانية، والانتاج، علّق كاسابيان قائلا "الفيلم الأميركي إذا بس انعرض بالولايات المتحدة بطلّع مصرياته وبيربح قدّن إذا مش أكثر. بينما في لبنان انتاج الأفلام لا يجني ارباحا، وينتظر المخرجون دعما من هنا وهناك لتأمين كلفة الانتاج بالجودة المطلوبة مرفقا بحملة دعائية مشجعة وضخمة. وان تأمنت لا يمكّن عدد المواطنين عموما ورواد السينما منهم خصوصا تحقيق ارباحا مادية بقدر ما يحتاج لاسترداد المبالغ المدفوعة". واستشهد بفيلم "اسمعي" الذي وصفه بالرائع، لما يحمل معه من محتوى جديد وفريد من نوعه يدرّس اليوم في الجامعات الأجنبية ومع ذلك لم ينل ما يستحقه أثناء عرضه في الصالات اللبنانية واعتبره البعض مملّا.

مدارس ذات مستويات مختلفة حاولت ادخال الفنون الى مناهجها وادراج السينما ضمن دروسها في محاولات لإعطائها حقها في لبنان، قال الخبير التلفزيوني. الا ان زيادة التكاليف والأعباء على تلك المدارس حالت من دون استمرار هذه المبادرة أو انجاحها، بالتالي تغيب من جديد الاضاءة على أهمية السينما اللبنانية المعروفة بكونها أهم سفير للبنان. ونقل كاسابيان جواب المؤلف الموسيقي اللبناني غبريال يارد بعد نيله جائزة الأوسكار عما تغيّر في هذه الليلة، اذ قال يارد "اليوم تعرّفت هوليوود على لبنان، ونص هوليوود عرفت وين لبنان."

في خطوة تحمل الجانبين السلبي والايجابي قرر أحد المخرجين والمنتجين لمسلسل لبناني صُنع وصُوّر بدقة وحرفية حاملا قصة محتوى جديد، حمل نجاح المسلسل الذي انتهى ببعض من الغموض الى صالات السينما. الا ان هذا المسلسل الذي لم تكن ارباح عرضه على الشاشة الصغيرة بمستوى التوقعات، لم يُستكمل بالفيلم بل تم اعادة اخراجه واضافة بعض المشاهد عليه وتغيير تفاصيل بسيطة في الحبكة. اذ اشار كاسابيان الى ان هذه الخطوة هي محاولة استقطاب الجمهور اللبناني في السينما لاسترداد بعضا من الأرباح.

يحاول البعض بشتى الطرق إنجاح السينما اللبنانية عبر صب كل الطاقات والقدرات واستخدام أحدث التقنيات وتتنافس بعض الشركات المنتجة وبعض شركات السينما على تقديم جودة أفضل وخيارات أكثر. في المقابل يستسلم البعض لعدم وجود جمهور كاف يعوّض خسائر المنتجين في السينما اللبنانية، وهذا ما بدا واضحا ازاء رضوخ بعض صالات العرض وبعض المنتجين وغيرهم للأمر الواقع. لهذا دعا كاسابيان الى ضرورة اعادة احياء "سفير لبنان في العالم" ودعمه بالإمكانيات اللازمة دعائيا وماديا ومعنويا وتثقيفيا، خصوصا من قبل الأخ الأصغر للسينما أي التلفاز الذي لطالما كان من عشرات السنين السبب الأبرز وراء نجاح السينما.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
9 5 تطور عسكري ينهي الحرب 1
10 6 2
11 7 3
12 8 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر