Beirut
13°
|
Homepage
حكومة الامر الواقع او لا حكومة!
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | السبت 25 كانون الثاني 2025 - 7:04

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضح أننا دخلنا، أو نكاد، في أزمة تأليف للحكومة، والسيء أن أحداً لا يجرؤ على ذكر الأزمات التي تواجه التأليف، ظناً منه أنه بذلك يحمي المسار، لكنه في الواقع يكدّس الأزمات فوق بعضها البعض بما يؤدي إلى تراكمها، ما قد ينجم عنه، في ما بعد، إنفجار المسار برمته، ولن تعفي الشظايا المتطايرة بنتيجته أحداً من المعنيين بالتأليف. ويبدو أننا قد دخلنا في سلسلة شروط تكاد تكون أكبر من أن يتحملها الرئيس المكلف.

هذا الواقع يطغى اليوم على مداولات التأليف، وسط شبه قناعة أن رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، بات يرزح تحت ضغوطات معينة، خارجية الطابع بأدوات تنفيذية داخلية، تريد حياكة التأليف وفق قواعد جديدة غير مسبوقة بما يشمل تحييد الآليات التقليدية المعتمدة. وتظهر طلائع هذا المسار في إبداء الرئيس المكلف، من على منبر قصر بعبدا، تراجعه عن تفاهمات كان قد توصل إليها مع الثنائي الشيعي، بحيث قبل منحه حقيبة المال، وتفاهم معه على حقائب أخرى، قبل أن يعود وينقلب عما اتفق عليه، فيما "الثنائي" ما زال يرفض تراجع الرئيس سلام، مؤكداً أن الإتفاق معه ناجز، وهو كلام يفهم منه مسألتين: إمّا أن "الثنائي" يرفض تراجع سلام عما اتفق عليه معه، أو أنه يتعمّد زركه وإحراجه.


على أي حال، ما فُهم أن سلام، قد أحيط علماً، بأنه أتى لتحقيق هدف يتمثل بإنجاز تغيير عميق وواضح ليس في مسار تأليف الحكومات وحسب وإنما في شكل الإدارة أيضاً، وأنه ليس عليه العودة إلى الأساليب التقليدية التي كانت تُعتمد في تشكيل الحكومات، إنما عليه العودة إلى ما يقال إن الدستور يفرضه، بمعنى أن يتمتع رئيس الحكومة بحق تسمية الوزراء بالتنسيق مع رئيس الجمهورية.

ويفهم أن ما بدأ مع رئاسة الجمهورية لن ينتهي عند حدود تأليف الحكومة، بمعنى أن التغييرات تدخل بالتدرج، وإن ما لم يستطع تحقيقه في محاولة التغيير عبر الإنتخابات كاستثمارٍ لظاهرة 17 تشرين، يُراد تكريسه الآن في ظل التطور الذي طرأ على رئاسة الجمهورية. ولا بدّ أن يشمل التغيير المطلوب، قضيةً جوهرية تتمثل بالخروج عن قاعدة تقول إن الحكومة لا بدّ أن تترجم التوازنات في مجلس النواب.

وهنا تبرز قضية جوهرية غير عرضية ولا يمكن أن تكون كذلك، حين يتم الحديث عن تأليف حكومة من خارج هذه المعايير، بما يوحي ضمناً أننا أمام احتمالية جدية لتشكيل حكومة أمر واقع، يتولى رئيس الحكومة تأليفها، بمعزل عن النقاشات والمفاوضات الداخلية الجارية مع الكتل والأطراف. هنا يمكن الربط بين كلام الرئيس المكلف حول صلاحيته الحصرية في التأليف والإشارة إلى هذا المسار. أي أننا أمام احتمالية جدية لصيغة حكومية يتم عرضها على رئيس الجمهورية بمعزل عن تدعيمها بتفاهمات نيابية، فيما يبدو واضحاً أن رئيس الجمهورية نفسه ليس خارج هذا المسار، بدليل التمنيات التي عبّر عنها أمام الرئيس المكلف + رغبته في الإستحواذ على مجموعة من الحقائب السيادية الأساسية، الأمنية – القضائية والمالية بحيث ينتزعها من القوى السياسية ويستثمرها في ما يقال إنه إعادة صيانة الدولة، حيث كان قد عبّر عن معايير واضحة في هذا الصدد على هامش لقائه مع الجسم القضائي منذ يومين.

كل ذلك، يوحي بأن الرئيس، قد يكون بصدد رفض أي تشكيلة لا تأخذ بمطالبه.

من الواضح أن بعض النواب الذين يعتقدون أنهم مؤثرين على رئيس الحكومة، يدفعونه في هذا الإتجاه، ولا بدّ أن اللاعبين الخارجيين في مسار بناء المنظومة الحاكمة الحالية، يشاطرونهم النظرة، بضرورة أن يتم إنجاز وتركيب الحكومة الحالية من خارج المفاهيم السائدة، أو بشكلٍ أوضح، من خارج التوازنات الناجمة عن الإنتخابات النيابية الأخيرة، وهذا يعني ضمناً أن الهدف الصريح الآن يكمن في إلغاء نتائج الإنتخابات وإحلال بدلاً منها، قواعد جديدة تأتي بنتيجة التغييرات التي حصلت عقب عدوان أيلول الإسرائيلي مروراً بانتخاب رئيس للجمهورية، إذ باتت تخرج أصوات نيابية تتحدث بوضوح عن مسار الفرض والضغط الذي اتُبع مع النواب آنذاك، وصولاً لتسمية رئيس الحكومة المكلف في الإستشارات والتي جاءت وفق الطريقة ذاتها في الإملاء والفرض.

تأسيساً، يُراد أيضاً تأليف الحكومة وفق الطريقة نفسها، مع مراعاة التوازنات الطائفية الداخلية، بحيث يكون للرئيس المكلف الحقّ في تسمية الوزراء بالتشاور مع رئيس الجمهورية، بعد الإستماع إلى الكتل طبعاً، وليس شرطاً الأخذ بمعاييرها أو الوقوف عند رأيها. والقضية الحساسة هنا في ما لو تمّ المضي بحكومة على هذا القياس، أي عملياً حكومة أمر واقع تتشكل من غالبية معارضة صريحة ضمن ما أفرزته لعبة الضغط الخارجية.

ثمة قضية خطيرة يتناولها بعض النواب من "السياديين" الجدد الذين يتقبلون التدخلات من بعض الخارج فيما لو صبّت ضمن قناعاتهم في الإنقلاب على المنظومة الحالية أو إخراجها من السلطة أو تحجيمها أو مقارعتها، حيث يعتبر هؤلاء أن ما تمّ تسجيله خلال الإنتخابات الرئاسية ومن ثم إستشارات التكليف من ضغوطات مورست على النواب وكلمات سر أتت في لحظة معينة، يمكن تكراره كعامل مساعد في تأليف الحكومة بحيث يقمع المعارضين، ويمكن أيضاً استتباعها ضمن مسار توفير الثقة لحكومة من هذا النوع، وفق آلية الفرض والطاعة ذاتها على النواب الذين لا بدّ أن يسيروا كما ساروا في المرة الأولى!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
حليف "مش حليف" للرئيس جوزاف عون 9 أربيل يهود... قصة المختطفة التي فجّرت الخلاف بين حماس وإسرائيل 5 تسريبات صوتية تضع بعلبك على فوهة بركان وتُثير الذعر: كلّ سُنّي يدخل منطقتنا هدف لنا! 1
تقلبات جوية وأمطار غزيرة تسيطر على لبنان 10 في الجنوب... إصابة ضابط وجندي إسرائيلي 6 "إدارة الأمن" تكشف حقيقة العثور على جثة الأكاديمية السورية 2
"كلام مشرّف ولكن"... توضيحٌ من الموسوي 11 اجراءات لقوى الامن والجيش...ماذا يجري في الضاحية؟! (فيديو) 7 "مقطوعة الأصابع ومنكل بها"... أنباء عن مقتل الأكاديمية السورية بعد اختطافها 3
لا حاجة لنا لأي "حكيم"... حركة أمل ترد على "القوات" 12 التحضير لتحركات في وجه هؤلاء النواب! 8 إثارة مشبوهة لملف قضائي... ما علاقة باسيل؟ 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر