Beirut
18°
|
Homepage
إخراج "الشيعة" من الحكم؟
عبدالله قمح | الجمعة 17 كانون الثاني 2025 - 5:03

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

أنها لحظة سياسية حساسة بامتياز. يمكن تسمية النزاع السياسي الجاري اليوم بين فريق الثنائي الشيعي والمناهضين له والذي ولد بعد التغيير في رئاسة الجمهورية و رئاسة مجلس الوزراء، بأنه نزاع على التمثيل والحضور، وعلى الميثاقية، وهو بند حمّال أوجه حيث يقوم كل طرف بتفسيره كما يحلو له.

بالنسبة للوضع الراهن، فإن كتلاً تعتقد أن اللحظة الحالية مناسبة وغير مسبوقة لإحداث تغيير جوهري وعميق في التوازنات السياسية الداخلية، بحيث تُعاد هندسة الحضور والأحجام بالنسبة للقوى وفق مفاهيم سياسية جديدة. ويرتكز هؤلاء إلى نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان لا سيّما من يقولون إنها أخرجت النفوذ الإيراني في لبنان وعرّضت "حزب الله" لضربة أذابت تأثيره السياسي الواسع والدقيق، بالإضافة إلى المتغيرات التي حدثت في المنطقة سيّما في سوريا، ويريدون عطفها على لبنان، من زاوية تشذيب حضور "الثنائي الشيعي" داخل السلطة. بهذا المعنى، يُفهم أن ثمة محاولات حقيقية لإلغاء نتائج إنتخابات 2022 النيابية (أو تجاوزها) التي كرّست الثنائي ممثلاً وحيداً للشيعة في لبنان، وقطع الطريق عليه لدخول السلطة بوزنه الضخم بصفة أنه ممثل لمكوّن أساسي، وذلك من خلال إنتاج مفهوم جديد يقوم على رفض القواعد التي اعتمدت سابقاً في تشكيل الحكومات، بما في ذلك التكتل في مواجهة محاولة فرض الشروط أو الطلبات وتحقيقها بقوة الوزن السياسي. أي أننا أمام إنقلاب يكاد يكون أسوأ من ذلك الذي دون يوم 13 كانون الثاني 2025، حين اتخذ القرار بالإنقلاب على التفاهمات الرئاسية مع الثنائي الشيعي.


ومنذ أن كُلّف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى وما تخلل ذلك من مواقف واحتفالات، إتضح أن ثمة مراكمة على التحول السياسي الجاري وتحويله إلى "تسونامي"، له أن يعيد تركيب المشهد السياسي الداخلي. وعلى الفور، بدأت الشروط تتدحرج على نواف سلام من القوى التي زكّته أو سمّته، في تدخلٍ واضح بمسار التأليف وذلك قبل أن يُعلن سلام نفسه أنه بدأ عملياً ورشة بناء الحكومة. وفهم أن محاولات الضغط مسبقاً على سلام لإرساء وتثبيت قواعد بناء الحكومة، هدفها فرض الشروط على الثنائي الشيعي بشكل أساسي، بحيث لا يدخل الحكومة إلاّ وفق اقتناعه بالمتغيرات الحاصلة، وأنه ليس باستطاعته فرض الشروط سواء في مسألة البيان الوزاري أو الطلب لنفسه حقائب معينة، وهو ما قوّض حركة الرئيس سلام وأخضعه للإبتزاز باكراً من القوى التي سمّته، ومن جهة ثانية وضع الثنائي الشيعي أمام تحدٍ غير مألوف بالنسبة إليه حديثاً، بحيث أصبح يريد الدوزنة بين دخوله الحكومة ووزنه فيها، وعدم قبول التلاعب بهذا الوزن، وجعل هذا الوزن السياسي معياراً لتمثيله القوي في السلطة التنفيذية واستطراداً في التعيينات أصولاً، وصولاً إلى حقه باختيار الحقائب التي يريدها والمفاوضة عليها.

وفي أثناء انغماس الثنائي في فهم التركيبة الجديدة وما تصبو إليه، حيث بلغ حدود رفع السقف ملوحاً باحتمال عدم مشاركته بالحكومة رداً على ما يقول إنه "إنقلاب وطعن" تعرض له مع تكليف الرئيس سلام، إذ كان سبق له أن دخل في سلسلة تفاهمات مع القوى التي دعمت إنتخاب الجنرال جوزاف عون رئيساً للجمهورية، كانت قوى تعمل على مبدأ زيادة الضغط ورفع منسوبه، بما يؤدي إلى وضع حواجز أمام الثنائي الشيعي، تدفعه، في ما بعد، إلى عدم القبول بالمعايير الجديدة المعتمدة في تشكيل الحكومة، وبالتالي إعلان عزوفه عن المشاركة وخروجه منها وتحوله إلى المعارضة مع ما يترتب عنها وعليها، ويبدو أنه هدف يُعمل عليه بقوة، من جهة لرمي التهمة على الثنائي بأنه يستحوذ على قرار الطائفة الشيعية ويرفض المشاركة في الحكم ويريد منذ الآن تقويض حضور العهد ويسعى إلى تفشيله ولا يؤمن بالدولة، ما يفسح في المجال، من جهة ثانية، إلى فتح الباب أمام تعيين وزراء من المعارضين أو الناشطين الشيعة من المقربين للسلطة الجديدة، وهو ما استدركه الثنائي أخيراً، حيث أدخل تعديلات على خطابه السياسي بحيث باتت توضح أكثر بعدم الرغبة من الإنسحاب من المشاركة بالحكومة، إنما تولدت قناعة أكبر لدى الثنائي بضرورة المشاركة في هذه الحكومة بالذات وقطع الطريق على احتمالية إتهام "الثنائي" ومن خلفه الطائفية الشيعية، بأنه طائفة لا تريد المشاركة في بناء الدولة أو أنها لا ترى ضرورة في التزامها فكرة الدولة من الأساس، ما يغذي مثلاً نظرية الإستعداء التي يحاول البعض تكريسها منذ فترة، بغاية الوصول إلى طوائف تقع ضمن الدولة وأخرى على هامشها أو ترفضها، وهو نموذج بدأت طلائعه بالظهور في سوريا تحديداً.

الثابت الآن ان الثنائي الشيعي عازم على المشاركة في الحكومة، ولن يسمح لأي كتلة اخرى بفرض حضوره أو شكله أو حتى قبول رسمه، إنما هذا الملف تتم مناقشته مع رئيس الحكومة المكلف. وعلى أهمية ما تقدم، لكنه لا يعني بالضرورة أن الثنائي سيسير بأي شيء يعرض عليه، إنما هو في وارد الدخول في نقاش سياسي حول شكل تمثيله، ولن يقبله بأقلّ من وزنه الحالي كقوة سياسية فاعلة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
إخراج "الشيعة" من الحكم؟ 9 جنسيتان ممنوعتان من دخول سوريا! 5 نواف سلام يرفض مكرمة الحوت! 1
أول ملف على طاولة مجلس الوزراء! 10 "إن استطاعوا الحكم بدون الشيعة فليفعلوا"... ولكل حادث حديث! 6 تسلم وتسليم في وزارة العدل! 2
صفحة جديدة... والصهر صلة الوصل! 11 خطوة رئاسية "غير مسبوقة" 7 رفض طلباً من الثنائي 3
من سوريا إلى لبنان... إحباط عملية تهريب أسلحة وصواريخ (صور) 12 البيطار يدعي على 10 أشخاص جدد... ويبدأ الإستجواب في 7 شباط 8 إنشاء طريق جوي إيراني "جديد"... لتمويل حزب الله! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر