دفعت قدرات حزب الله وإيران في نوعية المسيّرات التي يمتلكانها، والنجاح في إصابة الأهداف بدقة عالية وتدمير كبير، خبراء الأمن والعسكر في إسرائيل إلى الإسراع في تبنّي استراتيجيات عالمية لمواجهة تهديد المسيّرات، خاصة بالنظر إلى التجارب الميدانية في الحرب الأوكرانية الروسية.

وبحسب ما ذكره عامي روحاكس دومبا، المراسل العسكري لمجلة "يسرائيل ديفينس"، فقد أظهر الرصد الإسرائيلي أن الصين أصبحت خلال العقد الأخير لاعباً رئيسياً في صناعة المسيّرات، في وقت تعمل الدول الغربية على تقليص اعتمادها على هذه التقنية، فيما تحظر الهند دخول الطائرات الصينية إلى أراضيها. أما أوكرانيا، في ظل المعارك المستمرة، فتستعين بشكل مكثف بمسيّرات منخفضة التكلفة، مما يحوّلها إلى أداة فعالة وسهلة المنال للحرب الحديثة.

وفي تقرير نقلته "عربي21" عن روتيم مي-تال من شركة "Asgard Systems"، أوضح أن أوكرانيا اعتمدت على المسيّرات في المعارك اليومية، مفضّلة إياها كبديل عن القذائف المدفعية باهظة الثمن، حيث يمكن إنتاج مسيّرة بقدرات هجومية دقيقة بتكلفة تصل إلى 340 دولارًا فقط، ما يجعلها أداة حرب منخفضة التكلفة ويمكن للجميع الوصول إليها.

وأضاف التقرير أن إسرائيل بدأت باعتماد نماذج مماثلة لما يحدث في أوكرانيا، حيث تسلحت فرق الدفاع الإسرائيلية في كيبوتس "دوروت" بمسيّرات وأسلحة صغيرة استعدادًا للتعامل مع تهديدات المسيّرات المتزايدة. وبيّن التقرير أن إسرائيل باتت تتجه نحو تعبئة صناعاتها العسكرية بشكل سريع وتخفيف القيود الجمركية، لتسهيل تصنيع المسيّرات الدفاعية.

وأشار التقرير إلى أن التكنولوجيا العسكرية الحديثة لم تعد تعتمد فقط على الأنظمة التقليدية مثل الأسلحة وأشعة الليزر، بل توسعت لتشمل "الدفاع الناعم"، كالتشويش والهجمات السيبرانية والنبضات الكهرومغناطيسية التي تستهدف نظم الملاحة عبر الأقمار الصناعية، إلى جانب التحديات المتزايدة التي تستدعي ما وصفه بـ"صراع الأدمغة".

من جهته، قال إيتي ثورن من شركة "Steadicopter" إن أوكرانيا تستخدم المسيّرات رخيصة الثمن في مراقبة المواقع الميدانية، مما يجعلها جزءًا من استراتيجيتها القتالية، حيث تمكّن قواتها من تنفيذ هجمات من مسافات آمنة، بما يحد من المخاطر ويقلل من الأضرار البيئية.

في هذا السياق، بات سلاح الجو الإسرائيلي يعتبر المسيّرات أداة تكتيكية مثالية للمعارك الحديثة، لكونها تجمع بين المرونة والكفاءة وتحمل أحمالاً كبيرة بمرور الوقت، مما يجعلها فعالة في عمليات الاستطلاع وتحديد الأهداف بدقة.

وأشار التقرير إلى أن بعض نماذج المسيّرات مزودة بأسلحة هجومية، مثل بنادق عيار 5.56 ملم، بنادق قنص عيار 7.62 ملم، وقنابل عيار 40 ملم، كما تعمل شركة "Smartshooter" بالتعاون مع "رافائيل" على تطوير مسيّرات تحمل صواريخ متطورة لتنفيذ هجمات بعيدة المدى تصل حتى 6 كيلومترات، مما يوفر بديلاً فعّالاً وأكثر أمانًا من المروحيات التقليدية.

وختم عومار شاحار من شركة "Infinidom" بأن إسرائيل أصبحت تدرك حجم التهديد الذي تمثله المسيّرات على أنظمة الملاحة والأقمار الصناعية، مشيرًا إلى أن الدولة تخوض مع خصومها "لعبة القط والفأر" لإسقاط عشرات المسيّرات المهاجمة بشكل مستمر.