Beirut
19°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
استقالة "المغضوب عليه" تؤدي الى "خلافات عميقة" في إيران!
المصدر:
الحرة
|
الاثنين
12
آب
2024
-
16:49
عندما انتخب مؤخرا رئيسا لإيران، كان الإصلاحي، مسعود بزشكيان، يأمل في معالجة جملة من المشاكل الداخلية والخارجية للبلاد برفقة معاونيه، وسط اقتصاد متهالك ووضع جيوسياسي معقد بالمنطقة.
ومع ذلك، وجد بزشكيان نفسه في معضلة داخل تياره الإصلاحي عندما استقال أحد أقرب مساعديه، في خطوة يراها محللون أنها تشير إلى وجود "خلافات عميقة" بين المتشددين والإصلاحيين بإيران.
ويعتقد محللون تحدثوا لموقع "الحرة" أن استقالة، محمد جواد ظريف، من منصبه كنائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية بعد 10 أيام على تعيينه فقط، وهو الذي كان مكلفا بالمساعدة في اختيار التشكيل الحكومي الجديد، جاءت لتؤكد على الخلافات التي تعيشها إيران داخليا.
وأعلن ظريف، الذي شغل سابقا منصب وزير الخارجية بين عامي 2013 و2021 في عهد الرئيس الأسبق المعتدل، حسن روحاني، الأحد، استقالته من منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، مبررا ذلك بأسباب عدة أبرزها خيبة أمله من التشكيلة الحكومية المقترحة أخيرا والمؤلفة من 19 وزيرا.
وفي منشور عبر منصة "إكس"، قال ظريف: "أشعر بالخجل؛ لأنني لم أتمكن من تنفيذ رأي خبراء اللجان (المسؤولة عن اختيار المرشحين) بشكل لائق وتحقيق إدماج النساء والشباب والمجموعات العرقية، كما سبق أن وعدت".
وكان ظريف، الذي ينظر إليه باعتباره مهندس الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى الكبرى في عام 2015، أحد أكبر الداعمين لبزشكيان خلال الانتخابات، وقاد جهود لحشد الناخبين لفوز روحاني بالرئاسة.
في هذا السياق، يعتبر الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، محمد عبادي، أن "استقالة ظريف جاءت لتؤكد على وجود خلافات عميقة بين مجموعة الحرس الثوري الإيراني، والمعسكر الإصلاحي بمؤسسة الرئاسة منذ فوز بزشكيان، فيما يتعلق بعدد من الملفات الداخلية والخارجية".
وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يقول عبادي: "كان يظن الإصلاحيون الذين ساندوا بزشكيان في الانتخابات أنهم قادرون على فرض سياساتهم بعد إيصاله إلى منصب الرئيس، لكن ما حدث هو أنهم صدموا بأنهم غير قادرين على فعل أي شيء".
قبل أيام، تحدث تقرير لصحيفة "التلغراف" البريطانية عن "معركة" يخوضها بزشكيان مع الحرس الثوري، لمنع اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل، على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، إسماعيل هنية، خلال تواجده في طهران.
ويسيطر المرشد الإيراني، علي خامنئي، على الحرس الثوري الإيراني، الذي تأسس بعد الثورة الإسلامية عام 1979 لحماية النظام الجديد من المعارضة الداخلية، ليتحول فيما بعد إلى أقوى مؤسسة في البلاد، ويلعب الدور الأساسي بالنسبة لخامنئي في فرض رؤيته في الداخل والخارج، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".
لهذا، يقول عبادي إن "ما حدث من خيبة أمل الإصلاحيين بدا واضحا بعد تقديم بزشكيان تشكيل الحكومة إلى مجلس الشورى من أجل الحصول على الموافقة، وهو التشكيل الذي لم يكن يرقى لتطلعات الإصلاحيين وفي مقدمتهم ظريف".
ويضيف: "أدرك ظريف أنه لا يمكنه أن يغير أو يلعب دورا فاعلا خلف الكواليس في السياسات الإيرانية، كما أيقن بأن الحرس الثوري والمؤسسات العميقة لا تزال تتحكم بشكل واسع في صناعة القرار وستفرض هي كلمتها في النهاية كما حدث مع التشكيل الوزاري الذي جاء بعيدا كل البعد عن الوعود الانتخابية بتعزيز مشاركة الأقليات والشباب والمرأة".
والأحد، قدم بزشكيان تشكيلته الوزارية المقترحة إلى مجلس الشورى، الذي من المقرر أن يقوم بالتصويت على موافقة كل منهم على حدة اعتبارا من السبت المقبل.
وتضمن التشكيل، وفق وكالة فرانس برس، امرأة وحيدة، وهي فرزانه صادقي المجازة، لتولي وزارة الطرق والتنمية الحضرية، التي ستصبح في حال صادق مجلس الشورى على اسمها، ثاني امرأة تشغل منصبا وزاريا منذ الثورة الإسلامية قبل 45 عاما.
وبينما يؤكد بعض المحللين وجود الخلافات بين التيار المتشدد بقيادة الحرس الثوري الإسلامي والجناح المعتدل الذي يقوده بزشكيان، يرى آخرون أن ذلك لا يعدو كونه اختلافات في وجهات النظر.
واستبعد المحلل السياسي الإيراني، حسين رویران، وجود "خلافات في الكواليس بين مؤسسات الدولة، لتقف وراء استقالة ظريف من منصبه".
ويقول في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" إن "الاستقالة جاءت بسبب اختلاف في وجهات النظر بين ظريف وبزشكيان حول أسماء بعض الوزراء في التشكيل الحكومي".
ويضيف: "الرئيس بزشكيان قدم أسماء وزراء مختلفة عما جرى الاتفاق عليه مع مساعده السابق، وهذا من حقه الطبيعي كرئيس للجمهورية. لهذا يمكن القول إن ردة فعل ظريف مبالغ فيها".
وفي الاتجاه ذاته، يقول الباحث السياسي الإيراني، سعيد شاوردي، إنه لا يعتقد "أن هناك خلافات حقيقية بين مؤسسة الرئاسة والحرس الثوري؛ بل على العكس من ذلك هناك دعم قوي للرئيس بزشكيان".
ويضيف لموقع "الحرة" أن "الحرس الثوري يدعم بزشكيان على عكس الاتهامات التي نسمعها في الخارج بأنه يعرقل مجريات الأمور أو يضغط على بزشكيان. وهو نفسه يشعر أنه سينجح في المستقبل بسبب هذا الدعم القوي الذي بات يحصل عليه بتوجيهات من القائد الأعلى".
ومؤخرا، شكل ظريف بتوجيهات من بزشكيان ما بات يعرف بـ "المجلس التوجيهي"، وهو عبارة عن مجموعة من اللجان تهدف للبت في ملفات وخلفيات عدد من الأسماء لاختيار الرئيس منها ما يراها مناسبة للمناصب الحكومية، بما في ذلك الوزراء والمناصب الأخرى، وفق شاوردي.
ويقول إن "التشكيل الوزاري لم يضم سوى 3 أشخاص في مناصب وزارية من القائمة التي قدمتها لجان المجلس التوجيهي إلى الرئيس، وكانت تتضمن تقريبا 1000 اسم".
في منشوره عبر منصة "إكس"، لفت ظريف إلى أنه واجه ضغوطا بعدما عُين في منصبه الجديد؛ لأن أولاده يحملون الجنسية الأميركية، وهو ما يؤكده المحللون والخبراء خلال حديثهم لموقع "الحرة"، إذ يقول عبادي إن "ظريف ضمن الشخصيات المغضوب عليها من قبل الحرس الثوري الإيراني، وكانت هناك تلميحات في وسائل الإعلام باعتباره خائنا وعميلا للغرب".
ويؤكد هذا شاوردي، الذي يقول إن المحافظين يتهمون ظريف "بتقديم تنازلات كبيرة للولايات المتحدة في المفاوضات النووية دون الحصول على الضمانات اللازمة لعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الذي وقع عام 2015".
ويتابع: "خصوم ظريف يقولون إنه تسبب في تكبد البلاد خسائر اقتصادية وسياسية كبيرة بسبب الاتفاق النووي الضعيف الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بعد 3 أعوام".
وتمتع الإصلاحيون بنفوذ كبير في إيران بعد الاتفاق النووي الذي قاده ظريف وأبرمته طهران في 2015 بهدف تخفيف العقوبات المفروضة عليها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، وفق تحليل سابق لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية.
لكن في أعقاب انهيار الاتفاق عام 2018 عندما انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، وإعادة فرض العقوبات، تغير المشهد السياسي بشكل كبير وأصبحوا مهمشين داخل المجتمع، كما تم إبعادهم تماما من الحكومة في أعقاب فوز رئيسي بالانتخابات الرئاسية لعام 2021، بحسب "فورين بوليسي".
وهنا يقول عبادي: "الآن لا يوجد إصلاحيون في البلاد، هذا التيار تم تهميشه منذ سنوات عدة، والسماح لبزشكيان بالفوز بالانتخابات جاء لتهدئة غضب الشعب".
ويضيف: "من يتحكم في السلطة بإيران هو المرشد الأعلى ومن بعده المؤسسات المتشددة وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني؛ وبالتالي لا يمكن اعتبار ما حدث بأنه صراع أجنحة داخل النظام الإيراني. بل هناك جناح واحد فقط يسيطر على المشهد برمته".
ويتابع: "المحافظون سمحوا لتيار الإصلاح بالعودة للرئاسة من أجل تهدئة الداخل وتخفيف حدة التوترات مع الغرب، وهذا يعني أن التيار المتشدد وظف الإصلاحيين لخدمة أجندته أيضا".
في اتجاه مخالف لهذا الرأي، يرى المحلل الإيراني، رویران، أن "بزشكيان بطبيعة الحال هو رئيس وسطي لا يحب أن يكون متحيزا إلى طرف على حساب الآخر على عكس ظريف الذي يرى أن الأمور يجب أن توضع في إطار التحدي دائما".
ويقول: "حتى لو افترضنا أن هناك تدخلات من جهات فاعلة أخرى في السياسات أو لتغيير أسماء أعضاء الحكومة، فأعتقد أن موافقة رئيس الجمهورية على هذه الأسماء جاءت بناء على قناعات؛ لأنه في الأخير هو صاحب القرار".
بدوره، يتوقع شاوردي أن يدعو "بزشكيان ظريف في وقت لاحق للانضمام أو القيام بدور فاعل في الحكومة وهو ما قد يوافق عليه، خصوصا أن وزير الخارجية الأسبق اعتاد الاستقالة من المناصب التي أوكل إليها، فمثلا قدم استقالته 4 مرات تقريبا خلال حكومة حسن روحاني قبل أن يعود مجددا".
ويضيف: "ظريف يرى أن الأوضاع الحالية قد لا تزال غير مهيأة أمام طموحاته ومشاريعه، لكن هذا لا يمنع أنه قد يواصل دعم بزشكيان على الأقل خلال هذه المرحلة".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا