Beirut
28°
|
Homepage
"حزب الله" يقطع العلاقة مع بكركي
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 28 حزيران 2024 - 7:13

أخفقت حتى الآن جميع المحاولات والوساطات الجارية منذ الأحد الماضي لرأب الصدع بين بكركي و"حزب الله". في الأساس لم يكن البطريرك بشارة الراعي مضطرّاً لنعت عمليات المقاومة في الجنوب بـ"الإرهابية" في أثناء الإشتباك العسكري وسقوط الشهداء، ما يظهر بأنه أضحى طرفاً في صراع سياسي، يترتب عليه ما يترتب على غيره.

ما يدل على انزعاج "حزب الله"، أنه ذهب إلى تطبيق خطوات غير مسبوقة رداً على العبارة الشهيرة.

المرحلة الأولى تضمنت جواباً فورياً إلى الوسطاء الذين تواصلوا معه، رافضاً أي محاولات لمعالجة الأمور مع الصرح البطريركي.


في المرحلة الثانية قرّر الحزب، بالتفاهم مع شريكه حركة "أمل" والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أن يتولى الأخير التعبير عن الموقف الشيعي الرافض من خلال مقاطعة اللقاء الروحي الموسّع الذي دعت إليه بكركي مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين. ولا بد من الإشارة إلى أن الحزب، تولى في محاولة منه لقطع الطريق على أي تفسير خاطئ، إبلاغ السفارة البابوية بطريقة مباشرة وعبر شخصية رسمية، أن المقاطعة لم تكن موجهة إلى بارولين. على الأرجح، فهم الفاتيكان الرسالة وسيبني تقييمه على أساسها.

في المرحلة الثالثة إتجه الحزب لاتخاذ قرارات أوسع نطاقاً من بينها قطع العلاقة مع بكركي.

المرحلة الرابعة تتعلق بالرئيس نبيه بري وبحركة "أمل". وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، سوف تسير الحركة على المنهج نفسه، ببساطة لأن توصيف "العمليات الإرهابية" ينطبق عليها أيضاً طالما أنه طرفاً يشارك في الجبهة ولكون الراعي طرح توصيفاً عاماً.

بكركي تتحرك في الخطوط الخلفية

خلال المحاولات التي جرت لرأب الصدع، سُئِلَ "حزب الله" عن الطريقة الأفضل التي تعطي مفعول تجاوز الأزمة. لم يعلِّق. فهمت الإشارة إلى كونه مستاء بشدة وأنه ليس في وارد المبادرة. سريعاً وضعت بكركي في الأجواء. في هذا الوقت كان وسيط أساسي يدوِّن ملاحظاته ويرسلها إلى الصرح، فهم منها أن تصرّف الحزب اليوم سيكون مردوده مختلفاً.

مع رفض الحزب أي دور للوسطاء، حاولت بكركي التحرّك بشكل مباشر. في المحاولة الأولى كلّفت مدير المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبدو أبو كسم تمثيل بكركي في الندوة الثقافية التي استضافها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في يوم "عيد الغدير" منذ يومين.

وعلم "ليبانون ديبايت" أن أبو كسم حاول تقديم تفسير إلى نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب حول مضمون ما قصده الراعي من خطابه بالضبط، لكن الأخير استمع دونما تعليق. في الثانية، حاول أبو كسم توسيط الشيخ الخطيب مع قيادة الحزب، أو أن يتولى الأخير نقل رسالة، لكنه اعتذر مفضِّلاً عدم فتح الموضوع الآن.

ما عناه الخطيب وفهمه أبو كسم جيداً، أن الحزب ليس في وارد فتح نقاش، إنما قراره يقوم على التدرّج في المواقف والخطوات، ببساطة لأن ما تطرّق إليه الراعي يُعدّ من المحرمات ويجعله في موقع الخصومة، وما كان يصلح بالأمس في العلاقة لم يعد صالحاً اليوم. هذا تماماً ما فهمه الوسطاء التقليديون.

الوسطاء "خارج الخدمة"

إحدى الدلالات على عمق الفجوة، ما صرّح به وسيط مركزي لـ"ليبانون ديبايت"، ومفاده بأنه لم يعد في الوسع عمل شيء. تقريباً العلاقة دخلت مرحلة حساسة. هذه المرّة يتصرّف "الحزب" بطريقة مختلفة، وكأنه أقرب إلى "زوج مطعون من رفيقته". ليس في قاموسه (إلى الآن) أي اتجاه للمسامحة.

في هذه اللحظة الحساسة، يفتقد تأثير الوسطاء، على رأسهم النائب فريد هيكل الخازن الذي شغل منصب "الوكيل الحصري" لحل النزاعات بين بكركي والحزب. بحسب المعلومات، قرّر الخازن إلتزام الصمت والبقاء بعيداً. تموضع الخازن يستبطن خير تعبير على موقف الحزب العميق.

وسيط ثانٍ يقول إن الموضوع برمته خطأ. فما كان على "غبطته" طرح هذا الموضوع المستفز في غمرة انغماس الحزب في القتال جنوباً، ولم يكن من الصواب أن يتولى الشيخ أحمد قبلان الرّد عليه. على أي حال لا تصلح المعالجة الآن. يجب أن تبرد القلوب، أو عملياً أن نعمل على تبريد القلوب أولاً وقبل أي خطوة. الآن لا إمكانية لذلك. إخترنا أن نجلس جانباً، لكنني خلافاً لغيري، أعمل على مبادرة لم تكتمل عناصرها، كما أن وقتها لم يحن بعد. الآن يجب العمل سريعاً على احتواء تبعات ما قد يحصل.

"حزب الله" قطع العلاقة

ما قد يحصل أو عملياً ما يتخوف من حصوله، حصل فعلاً. يوم أمس أبلغ "حزب الله" إلى مقرّبين منه مضمون قرار صدر عن أعلى مرجعية فيه، تمثل بقطع أي نوع من الإتصالات مع بكركي سواء المباشرة أو غير المباشرة، بما في ذلك التواصل بينه وبين الوسطاء والإجتماعات سواء العامة أو الخاصة. بحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، أبلغت بكركي بفحوى قرار الحزب عبر أحد الوسطاء.

عملياً، لو أراد الراعي تصحيح الموقف فعلاً، لكان أشرف على إصدار بيان توضيحي بعد الضجة التي أثارها كلامه. لكن بدلاً من حل الموضوع، وبشكل صريح ومباشر كما جاء في العظة، تولى مقرّبون من الصرح توزيع أخبار إلى الإعلام، تارة بادعاء أن الراعي "لم يكن يعلم بكامل مضمون الخطاب، وإن معاونيه تولوا تنقيحه"، وتارة أخرى بأنه لم يكن يقصد الحزب بعبارة "العمليات الإرهابية" إنما "أطرافاً أخرى".

بالنسبة إلى الضاحية، ليس مطلوباً أو لم يكن مطلوباً من بكركي تصحيح الخطاب، أو اتخاذ موقف مختلف، أو تبرير أو تفسير الدوافع التي أملت صدور مثل هذا الموقف. ببساطة لم يكن من داعٍ أن يتموضع الراعي على طرف خصومة.

ما يمكن فهمه الآن، أن موقف الراعي جاء استكمالاً لمسار سبقته مقدمات، ولا يأتي معزولاً عن دور سياسي يبحث عنه بين فلتات صراع أقطاب الموارنة. يستهوي الصرح استقطاب السفراء ولم لا؟ تكرار محاولة إنتاج الدور القديم لبكركي والحديث بإسم المسيحيين في ظل غياب رئيس الجمهورية.

أيضاً في لغة الراعي تحضر أسباب أخرى تدفع نحو التسريع من وتيرة مواقفه، أو عملياً إنجاز تموضعه السياسي المضاد ل"حزب الله". من يبحث في عمق تصرف سمير جعجع وسامي الجميل في مقاطعة الزائر البابوي ليس صعباً عليه العثور على آثار للتخريب على دور الفاتيكان واعتراضاً عليه، تماماً كاعتراض بكركي على الدور نفسه وعلى محاولة "روما" أخذ قسط من أدوار لبنانية يتولاها بطريرك الموارنة عادة، لا يبدو "حزب الله" بعيداً عنها أو بعيداً عن انفتاح الفاتيكان وعن مسعاها لتوسيع دائرة التواصل مع الحزب بعيداً عن دور أو تأثير بكركي.

ما سبق هو أساس المشكلة، وما سوف يلي سيفصح عنها أكثر.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
جلسة "ودّ" في عائلة الحريري! 9 من أعلى الجسر... سقطت وتوفيت! 5 سقط عن الجبل وتوفي... حادثة تُفجع آل "الخازن"! 1
الفاتيكان ونبيه بري 10 "إبن الشهيد".. له الحق في أن يقول ويفعل ما يريد 6 "هدايا مجانية"... السنيورة يُعلق على إزالة صفة الإرهاب عن حزب الله! 2
جثّة مجهولة الهويّة في حالات... هل من يَعرف عنها شيئًا؟ 11 "كيف ستأتي؟"... باسيل: هوي أساسًا مش طالع بإيدو شي! 7 بسبب حزب الله... نصيحةٌ من مدير شركة الكهرباء: "لا تشتروا مولدات"! 3
على شاطىء البترون... سيناريو الغرق يلاحق 4 شبان! 12 بهاء "ما غلط" 8 "كارثة على كل اللبنانيين"... أحمد الحريري يحذر من استسهال عدم وجود رئيس للجمهورية 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر