"ليبانون ديبايت"

لم تهدأ عاصفة المواقف السياسية والمزايدات في ملف النزوح السوري على الساحة الداخلية منذ الإعلان عن هبة المليار يورو من الإتحاد الأوروبي للبنان، ما استدعى دخول المجلس النيابي على خطّ هذا الملف من خلال الدعوة إلى جلسة نيابية عامة لمناقشة موضوع النازحين وذلك تحت مسمّى وقف الإستغلال السياسي على حساب المصلحة العامة، ومن خلال النقاش النيابي تحديد الموقف من هذه الهبة.

إلاّ أنه وعلى المستوى الدستوري، يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك، إنه من الثابت والأكيد أنه سنداً لأحكام المادة 52 الفقرة 2 من قانون المحاسبة الصادر وفق المرسوم 13513/ 63، فإنه يقتضي على الحكومة أن تلتئم وتتدارس موضوع الهبة الأوروبية وأن تصدرهذه الهبة وتوافق عليها بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء.

وعليه، يوضح المحامي مالك في حديثٍ ل"ليبانون ديبايت" أن أي قرار سيتخذه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ما لم يكن قد اتّسم أو ما لم يكن قد ترافق مع مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بقبوله هذه الهبة، هو كلام غير منتج.

وأمّا بالنسبة لآلية الموافقة أو الرفض، يشير مالك إلى أنه يعود إلى مجلس الوزراء، دراسة شروط هذه الهبة وظروفها وخلفياتها فيقرر إمّا قبولها أو ردّها، وبالتالي فإن مجلس الوزراء ليس ملزماً بقبول الهبة الأوروبية إنما يمكن له رفضها، في حال تبيّن له أنها ثمن لتوطين مقنع للنازحين السوريين في لبنان.

وعلى مستوى تأثير هذه الهبة على المسألة السيادية للدولة، فيؤكد مالك أن هذه مسؤولية الحكومة أولاً، حيث عليها أن تتأكد أن هبة "المليار يورو" وإقرارها لن يؤثر على السيادة، وكما أنه من دور المجلس النيابي أن يتابع هذا الأمر عن كثب وأن يراقب ويمارس صلاحيته الرقابية على أفعال الحكومة، حتى لا تؤدي هكذا أفعال أو قبول لهبات أو عينات أو مساعدات، إلى المسّ بسيادة الوطن وباستقلاله.

ويلاحظ مالك أنه لا يمكن القول اليوم إن الهبة الأوروبية تشكل "رشوة" لتوطين النازحين السوريين، ولكن هذا الأمر يطرح أكثر من علامة استفهام، ويُفترض على الحكومة أن تدرك حقيقة وخلفية ما يجري في هذا الخصوص، كما أنه من مسؤولية مجلس النواب أن يتابع هذا الملف بكل دراية ووقاية، لأن دور مجلس النواب هو الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية والحرص على لبنان وعلى سلامه وأمنه وسيادته.