Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
"قلق" من استجابة الحكومة للمطالب الأميركية... المقاومة تتلاعب وتلهي العدو جنوباً
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الجمعة
13
تشرين الأول
2023
-
7:13
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
إلى حدٍ ما، يمكن القول إن الضغوطات الأميركية التي مورست عبر سفارتها في بيروت، ومن خلال مسؤولين أميركيين على حكومة تصريف الأعمال ورئيسها نجيب ميقاتي، طوال أيام، لاقت تجاوباً بنسبةٍ ما. إذ امتنعت الحكومة بعد اجتماعها المخصّص لمناقشة ما يجري عند الحدود الجنوبية، عن إصدار مواقف واضحة، سواء إزاء الإعتداءات الإسرائيلية جنوباً، أو ما يجري من اعتداءات ومجازر في قطاع غزّة، أو بالنسبة إلى أدوار المقاومة الدفاعية. وتناولت ما يجري عند الحدود الجنوبية بنوعٍ من البرودة الأشبه بـ"الخجل".
ولجأت إلى اختيار كلمات من موسوعة المواقف الكلاسيكية، كـ"لدينا قلق"، "نستنكر"، "نُدين"، أو ندعو لـ"ضبط النفس"، وهي مواقف بمجملها، لا ترتقي إلى مستوى الحدث أو حجم الإستفزاز أو الإستنفار الإسرائيلي الممارس جنوبي البلاد، تماماً كاللجوء إلى أنماط من مواقف مستهلكة مرّ عليها الزمن، كالدعوة إلى "حل عادل للقضية الفلسطينية" أو العودة إلى "المبادرة العربية في بيروت عام 2002"، التي جرى أكلها على أيدي من أنتجها أولاً من أنظمة مهرولة نحو التطبيع.
وهكذا، ظهرت الحكومة اللبنانية كأنها تعيش على كوكبٍ آخر. تجترّ مواقف وتخاطب ضمائر ميتة، وتتجنّب الخوض في مواقف واضحة، على الأقل إحتراماً لدور المقاومة. فعل الحكومة بهذا الشكل، أدى لانزعاج بالغ من جانب وزراء "الثنائي الشيعي" في الحكومة، الذين شنّوا عاصفة من الردود والمداخلات خلال الجلسة بفعل غياب الموقف الواضح من جانبها، وظهورها في نمط يعود بنا إلى زمن "النأي بالنفس" الأقرب إلى الحياد الإيجابي.
وما دفع عدداً من الوزراء إلى التعبير عن الإستياء الشديد، ما يتصل واقعاً بامتثال الحكومة للضغوطات الأميركية التي حدّت من إمكانية اتخاذها موقفاً واضحاً، فيما بدا أنها واقعة فعلياً تحت سيطرة "غرفة عمليات" السفيرة الأميركية دوروثي شيا في عوكر، التي أُنشئت لغرض ابتزاز لبنان وإشاعة أنباء حول المخاطر التي قد يقع فيها في جراء انخراط "حزب الله" في الحرب. وللعلم، عادت شيا بشكل عاجل إلى بيروت وعلى وجه السرعة إمتثالاً لأوامر واشنطن، ولشنّ "غارات وهمية" فوق رؤوس السياسيين، تحذرهم من العواقب والنتائج والصمت، وهو ما وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري في موقفٍ واضح حين عبر عن انزعاجه "بطريقة دبلوماسية" من "الغارات "التي تنفذها السفيرة.
على أي حال، الأميركيون والحكومة اللبنانية ومن معها في مكان، والمقاومة في مكان آخر. حيث بات واضحاً أنها تتجاهل وترمي خلف ظهرها كل التحذيرات الأجنبية. وخلال الأيام الماضية تحرّكت إتصالات داخلية وعلى مستوى خارجي، تبين أنها جاءت نتيجة للضغط الأميركي، أرادت الإستفهام من "حزب الله" عن علاقته بما يسمى "منح حرّية" لعمل مجموعات المقاومة الفلسطينية عند الحدود الجنوبية.
وعلى ما يتبيّن، رفض الحزب الإجابة على أسئلة يعتبرها "في غير مكانها وزمانها أمام واقع الإعتداء على شعب تجري إبادته بصورة واضحة". في ما بعد، جاء وسطاء يستفسرون من الحزب حول مدى جهوزيته لـ"أيام قتال" عند الحدود الجنوبية، والمدى الذي سيبلغه إن تدحرجت الأمور في غزّة. وعلى المعيار نفسه، رفض الحزب إعطاء إجابات أو تقديم تفسيرات لأي أحد، لا حول نواياه ولا إجراءاته. كذلك فضل عدم نقل الرسائل إليه بشكل أوحى بأنها "لا تعنيه"، كما أنه استهجن استفساره مثلاً عن "الخطوط الحمراء" التي وضعها لأي تحرّك مستقبلي.
في مقابل ذلك، أبدى "حزب الله" جهوزيةً واضحة، وعمل على إظهارها بشكلٍ دقيق لا سيما عند الخط الحدودي الفاصل مع فلسطين المحتلة، ونفذ مناورات سريعة وشاملة لإشغال العدو على طول خط الحدود وفي أكثر من نقطة، وفي بعض الحالات حاكت جهوزية عملانية لتنفيذ أوامر، فيما ثمة من لم يعفِ ضلوع المقاومة في خلق أجواء أوحت بحصول إختراقات لكيان العدو، برية وجوية، ما كان يدفعه إلى التأهب باستمرار وإرسال إنذارات خاطئة إلى "سكان الجليل"، وعلى الأكيد كان ينتج عنها مزيد من الضغط عند الحدود، ودفع أرتالاً أخرى من الجنود إلى الجبهة الشمالية، وأزاحَ قسطاً من تركيز العدو على جبهة غزة وغلافها.
ونموذج "الإلهاء" باعتراف محللين إسرائيليين، نجح في إرساء مزيدٍ من الضغط على جيش العدو، الذي انبرى إلى توزيع جنوده على أكثر من جبهة، وليس وضعهم في جبهة واحدة، وفرض على قيادة العمليات في تل أبيب، درس أكثر من سيناريو. ويبدو أن المقاومة من خلال إجراءاتها عند الحدود، تبلّغ العدو رسائل متعلقة بحدود اللعبة الجارية على الأرض، والمدى الذي قد تبلغه الأمور في حال فكر باجتياح بَرّي واسع النطاق لقطاع غزّة، أو فكر في محاولة تهجير سكان القطاع كما يفكر.
وفي صورة أركان المقاومة، أن ما عمل على تطبيقه في لبنان عام 2006، تُعاد محاولة تحقيقه، بصورة ما، في غزّة. نتحدث عن صياغة شرق أوسط جديد لا تكون "حماس" موجودة فيه ويشمل تهجيراً غير محدود لسكان القطاع إلى سيناء في محاولة للإستفراد به وبالمقاومة، وربما خلق منطقة عازلة على الأقل على طول الحدود. وهذا النموذج يُنظر إليه على أنه محاولة لإجراء عمليات فصل على الساحات. وبالتالي، إن تحقيق العدو مشروعه في غزّة يريحه ويدفعه صوب التفرغ لعمليات على ساحات أخرى.
هذا المعطى حتّم على المقاومة أعلى درجة من الجهوزية. والوضع في الحدود الآن يشبه حالة حرب عام 2006 من ناحية الجهوزية وطبيعة الإنتشار والوحدات المنتشرة على الأرض وظروف عملها وطبيعته، وهو الغرض الذي اندفعت الولايات المتحدة تحت تأثيره، المدركة أن حدود اللعبة قد تتجاوز ما يجري في غزّة نحو فتح ساحات مواجهة أخرى.
وينظر إلى دفعه بأكبر حاملة طائرات لديه ومجموعة من المدمرات الأميركية، على أنها تتجاوز الرسائل إلى حدود منح عنصر قوة عملاني للقوات الإسرائيلية المربكة فعلاً، كما أنه يصنّف من ضمن "البدائل" عن المطارات في حال جرى استهدافها، وهو تقدير عسكري أميركي بالضبط، في اعتقاده أنه بمجرد بدء المعركة من جنوب لبنان، فإن أول ما سيجري استهدافه هي المطارات العسكرية التي ستخرج عن الخدمة.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا