"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من المرتقب أن يُعلن، اليوم، وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض عبر مؤتمرٍ صحفي يعقده في وزارة الطاقة، منح رخصة استطلاع للقيام بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد في الرقعة رقم 8 في المياه البحرية اللبنانية قبالة فلسطين المحتلة، أي في الرقعة التي أثارت سابقاً، شهوات الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين، ومن خلفه العدو الإسرائيلي، ما جعلهما يسوّقان ما سُميَ زمن التفاوض "الجوال" حول الحدود البحرية بـ"الخط المتعرّج" الذي كان سيقضم جزءًا من البلوك رقم 8، ويتخطّاه إلى الشمال من "خط هوف" البائد، فيما لو جرت الموافقة عليه وقتذاك.

علم "ليبانون ديبايت" من مصادر وثيقة، أن الشركة التي ستتولى إجراء المسوحات ثلاثية الأبعاد في البلوك رقم 8، أوروبية - عربية. ورجحت المصادر أن يكون النصف العربي من الشركة قطرياً ربطاً بانخراط الدوحة في كونسورتيوم "توتال" الفرنسية و "إيني" الإيطالية العامل حالياً في البلوك رقم 9 الواعد، فيما قالت مصادر أخرى أن الشركة قد تكون إماراتية.

ومن المعلوم أن المسوحات الزلزالية، الثنائية والثلاثية الأبعاد، التي نُفذت في المياه اللبنانية على مراحل منذ تحرير عام 2000 ولغاية 2013، لم تشمل في أي منها مسحاً زلزالياً ثلاثياً للقسم السفلي من البلوك 8 المحاذي للخط رقم 23، بل انحصرت في الأجزاء العلوية منه، ما جعل من الضروري الآن، فتح الصندوق الأسود للبلوك 8 لاسيما وأن البلوك المذكور شكل اهتماماً إستثنائياً للعدو الإسرائيلي، وطمح في أكثر من مناسبة للإستيلاء على أجزاء منه لاسيما السفلية.

وعليه، يكون إطلاق لبنان ورشة المسوحات في البلوك رقم 8 مرتبطاً بكشف ما يختزنه، والهدف الأهمّ، محاولة اكتشاف مدى وجود هياكل جيولوجية ممتدة أسفل الخط 23، بالإضافة إلى تحضير البلوك 8 لجولة تراخيص محتملة مرتبطة بنتائج التنقيب في البلوك رقم 9.

وللعلم، فإن العدو الإسرائيلي الذي سعى سابقاً للإستحواذ على قسم من البلوك 8 من خلال "الأفكار" التي تقدم بها سابقاً عاموس هوكشتين خلال توليه مسألة المفاوضات "الجوالة" وطرحه الشهير المرتبط بالخط المتعرّج، فتحت شهية "الباحث اللبناني" من اجل اكتشاف "الشيء الفريد" الذي دفع بالطرفين إلى إبداء هذه الدرجة من الإهتمام في البلوك 8. وثمة وجهة نظر تقول أن سرّ هذا الإهتمام يمكن اكتشافه ضمن مستويين:

الأول، إنجاز العدو منذ مدة طويلة مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد للمنطقة المتواجد فيها البلوك 8، أعطته صورة واضحة حول ما يوجد تحت المياه، وفضّل أن يبقيها لنفسه من دون مشاركتها مع شركات أخرى. هذه النظرية يمكن تأكيدها من خلال تسريع العدو وتيرة التلزيمات ضمن الرقع الخاصة به وهي 4,6,7,8 المتواجدة في محاذاة البلوك 8 اللبناني والتي تعتبر إمتداداً له حيث انتهى منها منذ قرابة الشهرين. ويتوقع أن يذهب التلزيم لمصلحة شركة "إنرجين" اليونانية – الإسرائيلية، والتي أبدت سابقاً إهتماماً "بالعمل ضمن المنطقة اللبنانية"!

تسريع العدو لوتيرة تلزيماته في المنطقة التي يحتلها، دفع الجانب اللبناني بدوره إلى تسريع "جدول أعماله"، إستلحاقاً لما يحضّر له العدو، لاسيما إكتشاف مدى إحتمال وجود مكامن غاز عابرة للخط 23 تُشبه بوضعيتها "حقل قانا" الحالي المتواجد في البلوك رقم 9، وهو ما يسعى العدو جاهداً إليه، مستغلاً عدم وجود دراسات واضحة لدى الجانب اللبناني معتقداً أن ذلك سيسهم بتأخير أي مشاريع لبنانية حقيقية ضمن الرقعة، ما يسهّل له في المستقبل فرض أمر واقع، قد يأتي مشابهاً للوقع القائم في "حقل قانا".

ولا بدّ من الاشارة، إلى أن خرائط المسوحات الزلزالية ثنائية الأبعاد الموجودة لدى "هيئة إدارة قطاع البترول" والمنجزة منذ سنوات، تشير إلى احتمال وجود هياكل جيولوجية ممتدة أسفل الخط 23، وأحدها يشبه بوضعيته التكوينية "حقل قانا"، وهو ما اصطُلح على تسميته سابقاً بـ"حقل قانا" الغربي. لذلك لا بد من التوسع في أعمال المسح.

غير أن ذلك، وعلى أهميته وضرورته، سيفتح باباً جديداً للنزاع مع العدو الاسرائيلي، او ما يصطلح على تسميته بـ"السباق على حقول الغاز في المتوسط"، وقد نكون، لاحقاً، في حال حصول اكتشاف لأي آبار جديدة، أمام تجدد واقعي لمسار التفاوض غير المباشر مع العدو، لاسيما وأن "اتفاقية الترسيم" المعمول بها أميركياً، أدرجت بنداً يتيح للأميركيين أن يتولوا أي وساطة مستقبلية بين لبنان والعدو الإسرائيلي في حالة اكتشاف مكامن طبيعية مشتركة أخ