"ليبانون ديبايت"
قبل التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي يسمح للبنان التنقيب عن النفط والغاز في بلوكاته بدأ الكلام من اعلى المستويات لضرورة تشكيل صندوق سيادي لإدارة هذا المرفق كما في معظم دول العالم، لا سيما أن التجارب اللبنانية في الفساد على مستوى الصناديق التي انشئت في الحقبات الماضية غير مشجعة، في ظل شائعات تتحدث عن تأسيس شركات لبعض من في المنظومة تحت أسماء شركات اجنبية للإستثمار بالقطاع.
فما هو هذا الصندوق وكيف يتم تأسيسه ومن المولج بإدارته وهل هو هيئة مستقلة تابعة للدولة، وأين توظف استثماراته؟
يوضح الخبير القانوني رئيس مؤسسة جوستيسيا الدكتور بول مرقص لـ"ليبانون ديبايت" أن الصندوق السيادي المقترح هو عبارة عن مبدأ أرساه قانون الموارد البترولية الذي أقره مجلس النواب عام 2010 وعملت عليه وزارة الطاقة آنذاك و يومها أبدت "JUSTICIA" عليه ملاحظات لم يؤخذ الكثير منها بالحسبان، ويقوم على تحويل الثروة النفطية الى ثروة مالية متجددة للحفاظ عليها لخدمة جميع الأجيال اللبنانية الحالية والمستقبلية.
توضع هذه الواردات النفطية في صندوق ثروة سيادية بشرط عدم استعمالها لا في المالية العامة ولا لتغطية اي عجز في الإنفاق، وبالتالي لا يستهلكها جيل واحد من اللبنانيين. اعتمدت هذه الفكرة بموجب القانون رقم 132/2010 والذي أسس لإنشاء الصندوق السيادي اللبناني.
ويضيف: يتم انشاء هذا الصندوق بموجب مشروع قانون أحيل الى المجلس النيابي، الذي بدوره يحيله الى اللجان المختصة كلجنة الادارة والعدل والمال والموازنة والأشغال والطاقة. بعدئذ يحال هذا المشروع الى اللجنة الفرعية التي عند الانتهاء من دراسته ترسله الى اللجان المشتركة والهيئة العامة حيث يقر وينشأ الصندوق.
أما فيما يتعلق بالاشراف والادارة، فيلفت الى ان قانون الموارد النفظية نص في المادة الـ8 منه على انه يحدد مجلس الوزراء السياسة النفطية العامة للدولة، لا سيما فيما يتعلق بإدارة مواردها النفطية ويمنح وزير الطاقة صلاحية توقيع اتفاقيات التنقيب والإنتاج. اضافة الى ذلك ذكرة المادة ال10 من القانون عينه على صلاحيات هيئة قطاع البترول التي تتمتع بالاستقلالين المالي والاداري و التي ترتبط بالوزير الذي يمارس عليها سلطة الوصاية اي وزير الطاقة، وتخضع بعض قراراتها المالية والادارية لتصديقه، وفق ما يرد في مرسوم تنظيمها. كما تخضع لأنظمتها الداخلية وأحكام هذا القانون وهي لا تخضع لأحكام النظام العام للمؤسسات العامة المصدق بالمرسوم رقم 4517 ولا لمجلس الخدمة المدنية بل تخضع لرقابة ديوان المحاسبة اللاحقة.
ولكن, في المقلب الثاني, فقد نص اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني على أنه تُنشأ بموجب هذا القانون مؤسسة ذات تابع خاص تعرف ب"الصندوق السيادي اللبناني" المتمتعة باستقلال مادي و معنوي و التي تكون مرتبطة مباشرة بوزير المالية كونه سلطة الوصاية.
لذلك يمكن القول انه في غياب النص الواضح المنظم لما يسمى بالصندوق السيادي للثروة النفظية, ليس هنالك وضوح فيما يتعلق بسلطة الاشراف على هذا الصندوق, هل هي هيئة قطاع البترول تحت وصاية وزارة الطاقة اما مؤسسة ذات طابع خاص تحت اشرلف وزارة المالية؟
اضافة لذلك فوجود تسميتين مختلفتين "الصندوق السيادي اللبناني" و الصندوق السيادي للثروة النفظية" سوف يؤدي حتما الى ايجاد لغط وتشابك سلبي على المستوى القانوني والعملي.
وفي رده على سؤال اين توظف عائداته؟ يقول: إن مشروع قانون الصندوق السيادي اللبناني كان واضحا بهذا الشان حيث تم ذكركيفية توظيف العائدات البترولية بشكل صريح في كل من المواد 11(قواعد الايداع), المادة 12 (قواعد السحب), المادة 14 (قواعد عامة للاستثمار), مادة 16 (المحظورات).
1-على سبيل المثال لا الحصر, قد تستعمل الصناديق لتحويل الموارد الطبيعية إلى أصول مالية واستثمارها في توليد مصادر طويلة الأمد لمداخيل الحكومة من أجل الأجيال المستقبلية. اضافة لذلك, يمكن لهذه العائدات التفظية ان تغطي النقص في الميزانية الناتج عن انخفاض غير متوقع في أسعار النفط أو المعادن العالمية.
2-يمكن لعائدات الموارد الطبيعية أن تخصص لنفقات محددة كالصحة، أوالتربية.
3-يمكن لهذه العائدات ان تجذب استثمارات خارجية الى لبنان مما يساهم في المزيد من التنمية.
من جهته لا يرحب الباحث الاقتصادي محمود جباعي بفكرة الصندوق ويقول اذا تم الاتفاق ووصل الى خواتيمه السعيدة فأمام لبنان فرصة لحل ازماته المالية، وذلك يتطلب من القوى السياسية نزع فكرة المحاصصة من رأسها حتى لا تذهب الثروة المقدرة بمئات المليارات في مزاريب الهدر والفساد كما كان يحصل في السابق.
ومن هذا الباب ان الافضل ذهاب المجلس النيابي لسن القوانين والتشريعات التي تحمي هذه الثروة لأن انشاء صناديق وفق ما كان يحصل بعد اتفاق الطائف سيقضي على هذه الثروة كما قضى على كافة الثروات سابقاً ويفضل ان تكون العلاقة مباشرة بين الشركات المنقبة والدولة اللبنانية عبر وزارة المال لإبعاد السمسرات والمحاصصة ولا تتكرر التجارب السابقة في قطاع الكهرباء وغيره.
|