Beirut
16°
|
Homepage
أبانا الذي في بعبدا
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 20 تشرين الأول 2020 - 5:03

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

هذا ليس تجديفاً ولا مساساً بالعزة الإلهية. الله لا شريك له في الملك وهو أبانا الذي في السماوات. أما وقد نزل التوصيفُ حفراً وتنزيلاً على رئيس الجمهورية بإعلان أبوّةٍ روحية ومعنوية له على سائر اللبنانيين صار جائزاً لأولاده في الجمهورية أن يخاطبوه بلغةٍ بنويةٍ بلا هزءٍ ولا هزلٍ ولا استخفاف. عليه فإنّ أغلبَ ما يلوِّثُ الذوقَ والأخلاقَ في مخاطبةِ الرئيس خصوصاً على منصاتِ التواصلِ نعتبره ممجوجاً، مستقبحاً مستكرهاً مستَهجناً.

برغمِ الخيبةِ المرّة التي بلغت بِنَا حدّاً، يجب برأينا أن نفصل بين المؤسسة والشخص. يتناوبُ الرؤساءُ على الإقامةِ في القصر. الرؤساءُ يسكنونَ بالإيجار لفترةٍ ثم يخلونَ المأجور. لا نغفلنَّ والحالةُ هذه كلّما انجررنا إلى سبابٍ أو عتابٍ أو تصويب على المستأجر تذَكُّر صاحب الملك أي نحن. قبل الفتكِ بالجالسين فلنفكر بالكرسي وهو أثاثنا. قبل الفتك بالولاة فلنفكر بالموقع وهو كرامتنا.


الجرحُ عميق. كلما ختمنا جرحاً فتحوا لنا آخر. بين الفساد وكورونا والمرفأ لم يرأف بنا أحدٌ. دمّرنا بلدنا بأيدينا. لا يقولنَّ أحدٌ أن السياسيين وحدهم قتلونا. نحن شركاءٌ في المذبحة. نحن أهديناهم السكين والفراعة والمسدس. نحن انتخبناهم وحملناهم على الأكف. نحن نظمنا لهم القصائدَ والمراثي. رئيسُ الجمهورية أفرزه هذا النظام. نظامٌ مؤلفٌ من صلاةِ الجمعة وصلاةِ الأحد. ربما كان أفضل طرازٍ تنتجه المنظومةُ اللبنانية في لحظةِ انعدامِ وزنٍ إقليميٍ ودولي. لكن يبدو أن النظامَ قادرٌ على التهامِ أولاده أيضاً. أن يتحوّلَ بيّ الكل إلى فريسةٍ لهذا النظام أمرٌ يدعو للتفكر. اذا حدثَ هذا مع من يعتبره البعض أقوى رؤساء النظام ماذا كان ليحدثَ مع رؤساءٍ بلا فائضِ قوة؟ سؤالٌ مفتوح.

لا يحصدُ شعبيةً أي كلامٍ يدعو اليوم الى حمايةِ المؤسسات. خلافاً للمزاج الشعبي السائد نقولُ أن تدميرَ المؤسسات ليس الحل. رئاسةُ الجمهورية نموذجاً. أن تعودَ الرئاسةُ ملاذاً وبيتاً للمصالحة والحوار. قصراً لا يقصي أحداً ولا يقصيه أحد. ألا يَضطَهِدَ ولا يُضطَهَد. ما نشاهده على وسائل التواصل مقززٌ في غالبِ الأحيان. تجريدٌ مسِفٌّ لكرامةِ الرئاسة. القانونُ يجرّمُ التعرضَ لرئيس الجمهورية ليس لأنه معصوم. عندما تصيبُ الرئيس تموتُ عضلةٌ من عضلاتِ هيبةِ الدولة. مع كل إصابةٍ جديدةٍ تموتُ عضلةٌ جديدة حتى وفاة الهيبة أي وفاة الدولة. مع وفاةِ الدولة سنكون في مأتمٍ جماعيٍ حيث ستضمنا النعوشُ نحن أيضاً. نتماهى مع كثير من المعارضة السياسية. نخجلُ من كثيرٍ من المسِّ بالكرامات تحت مسمياتِ الثورةِ والإصلاحِ والمعارضة.

سنتان قبل نهاية العهد. فلنعترف. سقطَ وعدُ الرئيس بتسليمِ وطنٍ الى سلفه أفضلَ من ذلك الذي تسلَّمه. يجبُ النظر الى هذه الحقيقة على أنها غير قابلة للنقاش. إنما يجبُ النظر أيضاً إلى درجةِ الإلتهابِ الإقليمي والدولي. إلى تفشّي الإلتهاب داخلياً. عهدٌ لم يحظَ بدعمٍ سوري ولا أميركي ولا سعودي ولا إيراني لأن هؤلاء جميعاً كانوا يلعبون " الريسك" على خريطة العالم. عهدٌ قويٌ زائد لعبة " ريسك " غير مكتملة أدى الى إنهاك العهد. العهد لم يقصّر في استهلاك فائض القوة لديه أيضاً. أشبَهُ برجلٍ في ريعان الشباب استهلكَ كاملَ فحولته قبل استحقاقِ الزواج. في المحصّلة وبعد حساباتِ الرجولةِ والفحولة أسأل: أيهما أفضل؟ لبنان ممزقٌ ولكن بدولةٍ واحدةٍ أم ليبيا يتقاسمها السرّاج وحفتر وأردوغان وماكرون وحَمَلة مباخر صنع أمم متحدة؟ لبنان بفساد منظومته أم سوريا بحرب العالم بأسره على أرضها؟ محبطٌ أن نقارن أنفسنا بالجحيم حتى نرضى بجحيم أصغر أليس كذلك؟

دَرجَ الإعتقادُ أن آخِر سنتين من أي عهدٍ رئاسيٍ ليسا سوى حفلة وداع " ناشفة " للعهد الخارج. أغلبُ الظن أن انعدام الأفق يعيق أي تعلّق بعهد جديد. لا أحد منهمك بوداعِ العهد حالياً. أبانا الذي في بعبدا ما زال يمتلكُ سنتين من عهده. إذا استطاع أن يقطعَ عطشَ أولاده بالنفط والغاز أدعوا له بطول العمر. حتى يتم ذلك لا نملك سوى صلاة لطالما رافقتنا ولم تزل.. أبانا الذي في السنوات.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"ما زلت أحفظ شيئاً من الود"... وهاب "يهدّد" خلف الحبتور! 9 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 5 توقيف المشتبه بهم بجريمة العزونية... تفاصيل مثيرة عن وضع الزوجة! 1
من زغرتا… عملية جديدة تُضاف إلى سجل النزوح السوري وابن البلدة في غرفة العناية الفائقة! 10 بعد كشف ملابسات جريمة العزونية... بيانٌ من "التقدمي الإشتراكي"! 6 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 2
توقيف المشتبه بِهم بِجريمة قتل ياسر الكوكاش! 11 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 7 آلاف المقاتلين السوريين في لبنان ينتظرون "إشارة العم سام"... ومعلومات من أوروبا! 3
"الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 12 وكالة اميركية تتحدث عن تلقيح السحب بِفيضانات الإمارات! 8 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر