المحلية

روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت
السبت 17 تشرين الأول 2020 - 14:22 ليبانون ديبايت
روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت

يرضَع بعمر الخمسين

يرضَع بعمر الخمسين

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

عام على السابع عشر من تشرين الأول. أول ظاهرة تعصى على التعريف. يوم اندلعت كان أولادنا جزءاً من حطبِها. لا بأس أن يختبر الأبناء خيبة وطن لم نحسن إرضاعه حليب الدولة. أول ما تبادر إلى أذهاننا أن نظاماً على وشك الوفاة وآخر على وشك الولادة. بالتمعّن بدت الدولارات الستة على الواتساب صاعقاً يشبه حرق محمد بو عزيز نفسه في وسط العاصمة التونسية. بعبارة أوضَح حدث تنتظره الدولة العميقة خارج الحدود لتعطي شرارة إنطلاقة الفوضى.

ما زلنا على التوجّس نفسه والريبة نفسها. لم تعط الثورات المزعومة في العالم العربي شيئاً يذكر سوى الفوضى. في سوريا عشر سنوات حرب. في مصر مزيد من رماد الإخوان المسلمين تحت نار سلطة الجيش. في تونس نمو مضطرد لأصوليات كانت نائمة فاستيقظت. في ليبيا حرب أهلية تخفي حروب نفطية بين تركيا وأوروبا. حتى أوكرانيا وبيلاروسيا تعانيان من ثورة غير مكتملة هي نتاج تحرّش أميركي وعناد روسي. عالمنا في حالة حرب وليس في حالة ثورة. في حالة عبودية لا في حالة تحرر. زمن الثورات انتهى في العام 1789 مع ال " سان كولوت "، مع تشي غيفارا وشارل ديغول وأبراهام لينكولن. الثورات صارت من مخلّفات الحرب العالمية الثانية. ما يحدث تحت مسمّى الثورة هو حالة فرعونية محنّطة.

لا ينقذ لبنان سوى احتلال أو إنتداب جديد ولن يكون موضع توافق أبداَ. نظامنا في حالة تواطئ مع مواطنيه. المواطن ودولته جسمان في لباس واحد حتى لا نستعيد المثل السمج. حالة زواج وطلاق بقرص مدمج. لا المساكنة مع الماضي وممثليه باتت تطاق ولا الهجر مأمون الجانب لأنه يُفقد الناس مكتسبات ربحوها عبر أسمائهم الطائفية. هذا هو مأزق لبنان. دولة برزخية بين جنة الدولة المدنية وجحيم المزرعة الطائفية. يبدو جحيم غوتيه أكثر برودة من الجحيم اللبناني. الوقت. الوقت المستطيل إلى ما لا نهاية سيجترح الحل اللبناني. بمعنى آخر وفاة جيل كامل من السياسيين يمكن أن يفتح المجال لولادة جيل جديد. علينا وفق هذه المعادلة أن ننتظر خمسين سنة على الأقل.

مظاهر الإحتفال بالسابع عشر من تشرين هي من هذا المنظور ذكرى سنوية أولى لوفاة الثورة ورتبة رفع البخور لراحة نفسها. يبدو الكلام مستفزّاً للمنخرطين في الحلم اللبناني لكنه الواقع مع الأسف. يجب انتزاع إصلاحات صغيرة من النظام الحالي. مجلس شيوخ. لا مركزية إدارية. تهريب تشريعات تعزز إستقلالية القضاء. زواج مدني إختياري. إلغاء طائفية الوظيفة. كل إنجاز سيستلزم سنوات. تعويل على الشباب إذا استطاعوا التحرر من قياداتهم الطائفية. كل ما عدا ذلك صراخ لا يؤدي سوى إلى التهاب الحنجرة.

أولاً وقبل أي شيء آخر تحييد المسائل الخلافية الكبرى. سلاح المقاومة في المقدمة. لا يمكن التغاضي عن أن وجود العدو الإسرائيلي سبب رئيس من أسباب العلة. لو كنا في جوار فلسطين سيدة حرة مستقلة لكان لبنان خطى خطوات سريعة نحو الحداثة. طالما أن ما يسمى دولة إسرائيل موجودة لن يكون لبنان الثورة بمتناولنا. الثورة المحتفى بها اليوم لعبة صبيانية وحلم تشريني مُجهَض. الحلم اللبناني لا يتحقق إلا بانتهاء الكابوس الإسرائيلي. الفصل بين المسارين هرطقة.

حرام إستغلال أحلام الناس. الثورة تعدهم بقوالب حلوى في ظل عدم توافر مخابز وأفران. لا طحين ولا سكر ولا من يخبزون. بارقة الأمل الوحيدة تكمن في رموز النظام الذين يشاركون الثورة أحلامها. من هنا يجب على الثورة إذا صحّت تسميتها أن تجلس على الطاولة مع رموز النظام. معهم يمكن انتزاع بعض الضمادات بانتظار التغيير الجذري. بانتظار هذه الطاولة ستبقى الكراسي كراسي والأحلام أحلام.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة