"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
منذ الساعة العاشرة من صباح يوم أمس باشر المحقّق العدلي القاضي فادي صوان إستجوابه للمشتبه بهم في قضية إنفجار المرفأ. استمع الى مدير عام الجمارك بدري ضاهر لأكثر من أربع ساعات ثم أصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه. ويُنتظر أن يستمع اليوم الى مدير عام المرفأ حسن قريطم. وهؤلاء مع الموقوفين والمشتبه بهم الآخرين، من ضمنهم مدير عام وزارة النقل عبد الحفيظ القيسي ومدير عام الجمارك السابق شفيق مرعي، سبق لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أن استمع لهم قبل إحالة الإدعاء بحقهم الى المحقق العدلي.
في اليومين الماضيين أعدّت الشرطة العسكرية وشعبة المعلومات كافة محاضر التحقيق والمستندات المرتبطة بالتحقيقات لديها وتمّ تسليمها عبر النيابة العامة التمييزية للمحقق العدلي. وهي تشمل جلسات الاستجواب مع المتهمين والتقارير عن مسح مسرح الجريمة في البرّ والبحر. كما أوفدت شعبة المعلومات ضباطاً الى قبرص للاستماع الى مالك باخرة "روسوس".
ورقة الإدعاء التي تقدّم بها مدعي عام التمييز أمام المحقق العدلي ضمّت 19 موقوفاً من أصل 25 مشتبهاً بهم. ويتوقع مطّلعون أن تكبر دائرة المشتبه بهم والموقوفين مع التوسّع في التحقيق ومحاوره وتحديد دائرة المسؤوليات، مع العلم أن القاضي صوان قام أمس ولأول مرة منذ تعيينه بجولة على المرفأ حيث عاين "المنطقة المنكوبة" واستمع الى شروحات ضباط أمنيين وعسكريين.
وكانت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان اصدرت قراراً بتجميد الحسابات العائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن مسوؤلين في المرفأ والجمارك ورفع السرّية المصرفية عن حساباتهم بمن فيهم ضاهر وقريطم، ومرعي، وكافة المشتبه بهم الآخرين، باستثناء الوزراء المعنيين بملف المرفأ.
وفيما سبق للقاضي عويدات إن ترك مدير عام وزارة النقل والأشغال عبد الحفيظ القيسي بسند حرّ بعد الاستماع الى إفادته عاد وادعى عليه أمام المحقق العدلي.
وسيتركز التحقيق مع القيسي، وفق المطلعين، على مرحلة العام 2013- 2014 حين تقدّم الأخير بطلب الحجز على الباخرة بناء على قرار حجز من دائرة تنفيذ بيروت ثم بطلب لتعويم الباخرة وتفريغها، بناء على إشارة من هيئة القضايا في وزارة العدل التي راسلها عبر مكتب الوزير (غازي زعيتر آنذاك).
وشمل الإدعاء رئيس مصلحة المرفأ ومدير اقليم المرفأ بالإنابة حنا فارس. وهو يعتبر بمثابة الرئيس المباشر لنعمة براكس رئيس دائرة المانيفست الموقوف في القضية الى جانب قريطم وضاهر ومرعي وآخرين.
ومن المدعى عليهم الياس شاهين رئيس مفرزة دائرة المانفيست (وفق صلاحياته وبالتنسيق مع دائرة المانيفست يحدّد من هي العناصر العسكرية التي تتواجد في العنابر لتأمين المراقبة عليها، وجدول المناوبة يتغيّر تقريباً كل شهر).
ومخايل المر الذي كان المسؤول عن وصول البواخر وتفريغ الباخرة وكان يتولى هذه المهام عام 2013، ومحمد المولى مدير الميناء، مصطفى فرشوخ مدير المستودعات والعنابر بالتكليف (وهو رئيس مصلحة أصيل)، وسامر محمد رعد مدير العمليات بالتكليف (رئيس مصلحة أصيل)، وجدي قرقفي (مسؤول عن العنبر 12 و13)...
وتمّ الإدعاء وتوقيف كل العناصر الذي قاموا بعملية الصيانة للعنبر رقم 12 وذلك على مدى يومين أو ثلاثة وليس فقط نهار 4 آب، بمن فيهم المسؤولة عن الشركة المتعهّدة لأعمال الصيانه المهندسة نايلة الحاج.
كما شمل الإدعاء مسؤولين أمنيين منهم قائد جهار أمن مرفأ بيروت العميد طوني سلوم الذي يتولى مهامه في المرفأ منذ آذار 2017، إضافة الى الضباط جوزف النداف (أمن دولة) داوود فياض (أمن عام) وشربل فواز (أمن عام). كما تمّ الإدعاء على الرقيب أول خالد الخطيب أحد المسؤولين عن العنبر 12 خلال وقوع الانفجار.
وبدا لافتاً في سياق الحديث عن تحديد المسؤوليات بقاء المجلس الأعلى للجمارك بمنأى عن الاتهامات، حيث تفيد المعلومات أن بدري ضاهر وبسبب خلافه مع رئيسه العميد اسعد الطفيلي والأعضاء تجاوز المجلس الأعلى للجمارك (يتبع له مرفأ بيروت ومطار بيروت) خلال مراسلته وزير المال في شأن العنبر رقم 12، ما أزاح عن المجلس عبء المسؤولية. في المقابل، يرى كثيرون أن مسؤولية بدري ضاهر هي إدارية-اقتصادية وليس أمنية، وأي مستوعب موجود على المرفأ وعليه إشارة قضائية لا يدخل ضمن صلاحياته وهو بمثابة بضاعة مقيّدة، ومع ذلك هو أرسل عدة مراسلات بشأن العنبر رقم 12.
وفي السياق نفسه، طرحت تساؤلات حول سبب عدم ضمّ القاضي عويدات عضو مجلس الاعلى للجمارك هاني الحج شحادة ضمن لائحة المشتبه بهم (عيّن في هذا الموقع عام 2016)، مع العلم أنه كان يشغل موقع مدير إقليم بيروت في الجمارك في المرحلة التي تلت "تنزيل" حمولة نيترات الأمونيوم الى العنبر رقم 12، وهو بهذه الصفة كان يعتبر رئيس كل من حنا فارس ونعمة براكس.
ولا يزال حسم مسألة الاستماع الى إفادات وزراء الاشغال والمال والعدل المتعاقبين منذ العام 2013 حتى لحظة وقوع الانفجار معلّقاً. فهذه المهمّة كان يفترض ان يقوم بها القاضي عويدات قبل تسلّم المحقق العدلي الملف، في وقت كان تبلّغ بعض الوزراء بالحضور الى قصر العدل.
وتقول أوساط قضائية أن "إمكانية استماع القاضي عويدات لهم يمكن أن تبقى قائمة ويحيل بعدها محضر الاستجواب الى المحقق العدلي ويمكن أن يدّعي عليهم، كما أن لا شئ يمنع أن يخضع الوزراء للاستجواب أمام المحقق العدلي".
لكن العقدة تكمن في الجهة الصالحة للتحقيق معهم في حال الإدعاء: القضاء العادي، المحقق العدلي، أو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يعتبر شكلاً بحكم الخارج عن الخدمة، وفي المضمون غير ذي فائدة بسبب العوائق القانونية التي يتضمّنها والتي تصعّب من مثول السياسيين أمامه.
اخترنا لكم



