دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع يومه الـ100 في ولايته الثانية، وهو مؤشر سياسي تقليدي يُستخدم لقياس زخم وأداء الإدارات الجديدة. ويعود هذا التقليد إلى عهد الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي أطلق خلال أول 100 يوم من ولايته عام 1933 العشرات من القوانين والأوامر التنفيذية لمواجهة الأزمة الاقتصادية، ما جعله معيارًا يقاس عليه الرؤساء اللاحقون. ورغم أن هذا المقياس لا يحدد بالضرورة مصير الرئيس، إلا أنه يكشف الكثير عن أولوياته وتوجهاته.
وقع ترامب منذ 20 كانون الثاني 142 أمرًا تنفيذيًا، وفقًا للسجل الفيدرالي ومشروع الرئاسة الأميركية. وفي أسبوعه الأول وحده، وقع 37 أمرًا، متجاوزًا بذلك الرقم القياسي التاريخي الذي حققه روزفلت، والذي بلغ 99 أمرًا في أول 100 يوم. وتركزت هذه الأوامر في ملفات تقليص حجم الحكومة، الدفاع والسياسة الخارجية، الهجرة، الطاقة، والرسوم الجمركية. ولا تزال بعض الأوامر معلقة قضائيًا، وأبرزها مرسوم إلغاء "حق المواطنة بالولادة"، الذي ستنظر فيه المحكمة العليا الشهر المقبل.
وفي تحرك عكسي لسياسات سلفه، ألغى ترامب 111 أمرًا رئاسيًا تعود إلى عهد جو بايدن، بينها 78 قرارًا أصدرها في أول يوم له. وتركزت هذه القرارات على ملفات المناخ، الجائحة، والعدالة الاجتماعية، في خطوة تعكس استمرارية نمط "الإلغاء الرئاسي"، الذي سبق أن انتهجه بايدن نفسه بإلغاء العشرات من قرارات ترامب خلال ولايته السابقة.
خلال هذه الفترة، وقّع ترامب خمسة قوانين فقط، من بينها "قانون ليكن رايلي"، إضافة إلى ثلاثة قرارات بموجب "قانون مراجعة الكونغرس" لإلغاء قواعد أقرت في عهد بايدن، فضلًا عن مشروع قانون مؤقت لتمويل الحكومة. ويعد هذا الرقم الأدنى من القوانين الموقعة منذ عهد جورج بوش الابن، وهو ما يعكس التحديات التشريعية التي تواجهها الإدارة داخل الكونغرس.
واجهت إدارة ترامب أكثر من 210 دعوى قضائية، معظمها متعلق بسياسات الهجرة وتقليص الجهاز الإداري. ورغم أن العديد من هذه القضايا لا تزال قيد النظر، إلا أن حجمها يثير تساؤلات قانونية حول مشروعية بعض السياسات الجديدة.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد ترامب بلغت 42 بالمئة في نيسان، بعد أن كانت 45 بالمئة في آذار. ولم تتجاوز شعبيته في ولايته الأولى نسبة 44 بالمئة، وقد غادر البيت الأبيض عام 2021 بنسبة تأييد بلغت 38 بالمئة.
وأصدر ترامب عفوًا عن 39 شخصًا وكيانًا، من بينهم أكثر من 1500 شخص شاركوا في اقتحام مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني 2021. كما خفف أحكام 14 مدانًا من جماعتي "Oath Keepers" و"Proud Boys"، ما أثار انتقادات واسعة داخل الأوساط السياسية والقانونية.
وفي إطار إعادة هيكلة الإدارة، أنشأت إدارة ترامب "وزارة كفاءة الحكومة" برئاسة إيلون ماسك، بهدف تقليص الجهاز البيروقراطي. وأعلنت الإدارة عن مغادرة 75000 موظف في إطار خطة "مفترق الطرق"، لكن تقارير مستقلة أشارت إلى ارتباك إداري وعمليات فصل عشوائية أُلغيت لاحقًا بموجب قرارات قضائية.
على صعيد الأمن الحدودي، سجّلت السلطات الأميركية 7180 عملية عبور غير نظامي في آذار الماضي، وهو أدنى رقم في التاريخ الحديث، مقارنة بمتوسط شهري بلغ 155000 حالة خلال السنوات الأربع الماضية. ويُعزى هذا الانخفاض إلى تشديد السياسات الأمنية وزيادة عمليات الترحيل، رغم الطعون القانونية التي لا تزال تُعرض على المحكمة العليا.
وفي الملف الاقتصادي، فرضت الإدارة الجديدة رسومًا موحدة بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات، إضافة إلى 25 بالمئة على الصلب والألمنيوم والسيارات. كما فرضت رسومًا إضافية على الصين وكندا والمكسيك. ووفقًا لمعهد "ييل" للميزانية، بلغ متوسط التعرفة الجمركية الفعلية على المستهلك الأميركي 28 بالمئة، وهو المستوى الأعلى منذ عام 1901.
أما على مستوى التضخم، فقد أظهرت البيانات أن معدل التضخم انخفض إلى 2.4 بالمئة في آذار، وهو أدنى مستوى له خلال الأشهر الستة الماضية، وذلك بعدما تعهد ترامب بـ"إنهاء التضخم من اليوم الأول". لكن خبراء اقتصاديين حذروا من أن الحروب التجارية الجديدة قد تعيد الضغط على الأسعار في الأشهر المقبلة.