اقليمي ودولي

الجزيرة
السبت 26 نيسان 2025 - 14:50 الجزيرة
الجزيرة

من طهران إلى تل أبيب... "قصة" رحلة الوثائق النووية المسروقة

من طهران إلى تل أبيب... "قصة" رحلة الوثائق النووية المسروقة

لم يكشف الأرشيف النووي الإيراني فقط عن مواقع ووثائق وصور، بل فضح أيضاً أساليب التستر والإخفاء التي استخدمتها إيران للتهرب من أعين المفتشين الدوليين. ومع انطلاق مفاوضات جديدة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطهران، تبدو المسألة لمن درس هذا الأرشيف، ليست "هل ستنتهك إيران الاتفاق"، بل "كيف ستفعل ذلك".


صحيفة "يسرائيل هيوم"، في تقرير للصحافي إيتاي إيلناي، استعرضت تفاصيل العملية التي نفذتها "الموساد"، حيث اقتحم عملاؤها مستودعاً في قلب طهران في كانون الثاني 2018، وعادوا بما يقارب نصف طن من الوثائق السرية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.


وبحسب الصحيفة، فإن خيوط العملية بدأت في كانون الثاني 2016، حين رصد الموساد نشاطاً لوزارة الدفاع الإيرانية، كشف عن عملية منظمة لجمع وثائق من مختلف أنحاء البلاد، ونقلها سراً إلى مستودع مدني في منطقة صناعية جنوب طهران. تحقيقات الموساد بينت أن هذه الوثائق جميعها مرتبطة بمسار نووي عسكري، فصدرت الأوامر من رئيس الموساد آنذاك يوسي كوهين: "استعدوا لجلب هذه المواد إلى الوطن".


الوثائق المسروقة لم تكشف فقط عن مواقع كانت إسرائيل تجهلها، بل قدمت أدلة على أساليب التزوير والتضليل التي اعتمدتها إيران. أظهرت المستندات كيف عمدت طهران إلى تدمير مواقع، تطهيرها من الأدلة، وتقديم تقارير كاذبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.


تقرير الصحيفة أشار إلى موقعي رامين ولافيزان، المستخدمين لإنتاج الكعكة الصفراء وتحويلها إلى مركبات اليورانيوم الانشطارية. موقع لافيزان دمر بالكامل عام 2002 قبل زيارة المفتشين الدوليين في 2004. كما كشف الأرشيف تزوير طهران لوثائق رسمية من وزارة العدل، في محاولة لتضليل المفتشين بشأن منشآت مثل غتشين وبندر عباس.


الوثائق المسروقة عرضت أيضاً تفاصيل "برنامج عماد" السري بقيادة البروفيسور محسن فخري زاده، الذي كان هدفه إنتاج قنابل ذرية تركب على صواريخ بالستية. الأرشيف بيّن أن منشأة نطنز، التي بنيت على عمق 66 قدماً تحت الأرض، كانت بمثابة نموذج أولي لخطط إنشاء موقع تخصيب سري آخر، وهو ما تحقق لاحقاً في فوردو، الذي اكتُشف في 2009.


الهدف، كما أوضحت الوثائق، كان تخصيب اليورانيوم بشكل علني إلى مستويات منخفضة في نطنز، وسراً إلى مستويات تفوق 90% في فوردو، بكمية سنوية تصل إلى 99 رطلاً.


إسرائيل، بعد الحصول على الأرشيف، نقلت محتواه كاملاً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لاحقاً، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، موقع تورقوز آباد، مشيراً إلى تقاعس الوكالة عن إجراء تحقيقات ميدانية رغم تسلمها للوثائق.


تحت الضغط، اضطرت الوكالة الدولية إلى زيارة بعض المواقع، حيث عثرت على آثار يورانيوم طبيعي، إلا أن التفسيرات الإيرانية حول الاستخدام المدني لهذه المواقع قوبلت بالرفض.

رغم ذلك، تعثرت جهود الوكالة في كشف حقيقة الأنشطة الإيرانية. واعترف مديرها العام رافائيل غروسي أن إيران "تبعد أسابيع فقط عن امتلاك قنبلة نووية"، محذراً من أن غياب مستوى كافٍ من الوصول للمواقع النووية يجعل الوضع أكثر خطورة.


الصحيفة ختمت تقريرها بتأكيد أن المفاوضين الأميركيين يجب أن يدركوا أن إيران، التي تخصصت في الخداع والمراوغة، ستسعى مجدداً لانتهاك أي اتفاق يتم التوصل إليه، مواصلة مسيرتها نحو امتلاك السلاح النووي.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة