يُعدّ الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي من أبرز الشخصيات الكنسية في العصر الحديث، وأرفع شخصية دينية فلبينية تصل إلى الدوائر العليا في الفاتيكان. يُلقب بـ"فرانسيس الآسيوي" نظرًا لقربه الفكري والروحي من البابا الراحل فرنسيس، حسب ما ورد في عدد من التقارير والصحف، وقد حاز لقب "الشخصية الأكثر تأثيرًا في آسيا والفلبين" عامي 2022 و2024.
ولد تاغلي في 21 حزيران 1957 في العاصمة الفلبينية مانيلا، وينحدر من عائلة فلبينية-صينية، فجده كان من الأرستقراطيين المحليين، بينما تنتمي والدته إلى أسرة صينية ثرية هاجرت إلى الفلبين. نشأ في بيئة محافظة، وتلقّى تعليمه الأولي في مدرسة القديس أندراوس بباراناكي، التي تديرها جمعية المبشرين.
رغم رغبته المبكرة في أن يصبح طبيبًا، اتجه لاحقًا إلى الحياة الدينية، فالتحق بإكليريكية القديس يوسف في مانيلا، ودرس الفلسفة واللاهوت في كلية لاهوت لويولا التابعة لجامعة أتينيو دي مانيلا، التي نال منها درجة البكالوريوس عام 1977، ثم الماجستير.
سُيم كاهنًا عام 1982، وخدم في أبرشية إيموس، حيث أصبح مديرًا روحانيًا للإكليريكية، ثم رئيسًا لها حتى عام 1985. بعد ذلك، أُرسل إلى الولايات المتحدة لمواصلة دراسته، فحصل على بكالوريوس في علم اللاهوت من الجامعة الكاثوليكية الأميركية بواشنطن عام 1987، ثم نال الدكتوراه بمرتبة الشرف العليا عام 1991، حيث تخصص في موضوع "الأسقفية الجماعية في تعليم وممارسة البابا بولس السادس".
يتقن تاغلي عدة لغات، منها التاغالوغية والإنجليزية والإيطالية، ويملك معرفة جيدة بالفرنسية والكورية والصينية واللاتينية.
يعرف تاغلي بمواقفه المعتدلة داخل الكنيسة الكاثوليكية، إذ يدعو إلى نهج أكثر انفتاحًا وتسامحًا، خاصة تجاه المطلقين، والأمهات غير المتزوجات، والمثليين. كما لا يعارض علنًا قانون "الصحة الإنجابية" في الفلبين، وإن لم يعلن دعمه له صراحة.
وفي السياسة الفاتيكانية، يعدّ تاغلي من أبرز المؤيدين للانفتاح الحذر على الصين، ولا يعارض الاتفاق السري بين الفاتيكان وبكين. كما ينتمي إلى "مدرسة بولونيا" التي ترى في المجمع الفاتيكاني الثاني نقطة تحول تاريخية للكنيسة. يُعد من أبرز وجوه "الكنيسة السينودسية"، وشارك بفاعلية في "مسيرة السينودس من أجل السينودسية" التي أطلقها البابا فرنسيس لتعزيز روح المشاركة في إدارة الكنيسة.
بعد عودته إلى الفلبين، تولى تاغلي رئاسة الإكليريكية في إيموس، ثم عُين نائبًا أسقفيًا ومسؤولًا عن الرهبنات. في عام 1998 تولى رعاية كاتدرائية إيموس، ونشط في التدريس وإقامة الخلوات وتنظيم المؤتمرات اللاهوتية، مما منحه شهرة واسعة.
في عام 2001 نال درجة الأسقفية، وفي 2011 عُيّن رئيسًا لأساقفة مانيلا، أكبر أبرشيات الفلبين. وفي 2015 تولى رئاسة منظمة كاريتاس الدولية التي تشرف على 150 منظمة إغاثية كاثوليكية، كما عُيّن رئيسًا للاتحاد الكاثوليكي العالمي للكتاب المقدس.
انتقل إلى الفاتيكان عام 2019 ليتولى رئاسة مجمع تبشير الشعوب، أحد أهم الأقسام الإدارية في الكرسي الرسولي. وفي 2020، رُقي إلى رتبة كاردينال في رتبة الأساقفة، ليصبح أول آسيوي يتولى هذا المنصب. كما عُيّن في إدارة ممتلكات الكرسي الرسولي عام 2021، وهي الهيئة المالية التي تدير أموال واستثمارات الفاتيكان.
في عام 2022، أقيل تاغلي من منصبه في كاريتاس الدولية ضمن إصلاحات شاملة أطلقها البابا فرنسيس بعد تقارير عن سوء معاملة وتسلط في المؤسسة، لكن التحقيقات لم تثبت تورطه شخصيًا في أي من تلك الاتهامات. وفي 2024، اختاره البابا فرنسيس مبعوثًا خاصًا إلى المؤتمر الإفخارستي الوطني في ولاية إنديانا الأميركية، وتولى منصب محافظ مجمع تبشير الشعوب في روما، إلى جانب مسؤوليته عن مكتب التبشير في الفاتيكان.