ليبانون ديبايت
يمكن القول إن لبنان قد قام أخيراً، ولو تحت ضغط الأزمة المالية والإنهيار المصرفي، بالخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل نحو الإصلاح المالي، مع إقرار المجلس النيابي تعديلات على قانون السرية المصرفية، وفق ما كانت قد قررته الحكومة، ما من شأنه أن يفتح المجال أمام مراقبة وضبط أي عمليات تبييض للأموال أو تهرّب من الضرائب أو حتى فسادٍ عبر النظام المصرفي، ولو مع مفعول رجعي لا يتجاوز ال10 سنوات، وهي المهلة الزمنية التي تمّ التوافق عليها داخلياً، على الرغم من الإعتراضات الخارجية وتحديداً من المجتمع الدولي، التي ركزت على عدم تحديد الرقابة والتحقيق بفترة محددة.
وإذا كان هذا القانون يندرج ضمن شروط صندوق النقد الدولي لتوقيع تفاهمٍ مع لبنان، فإن توقيت إقراره يشكّل رسالةً إلى الصندوق الذي تفاوض إدارته الوفد الرسمي اللبناني، الموجود في واشنطن ويشارك في "اجتماعات الربيع" للصندوق والبنك الدوليين.
وبمعزلٍ عن السجالات التي رافقت هذه العملية في الجلسة التشريعية بالأمس، بين نواب من جهة ورئيس الحكومة نواف سلام من جهةٍ أخرى، بالتوازي مع اعتراضات بعض النواب على صلاحيات لجنة الرقابة على المصارف التي ستتولى الكشف عن أي عمليات مشبوهة بعد رفع السرية المصرفية عنها، فإن مصادر حكومية تؤكد لـ"ليبانون ديبايت"، أن إقرار التعديلات على قانون السرية المصرفية وفق الصيغة التي أقرتها الحكومة، يهدف إلى "وضع لبنان على سكة الإصلاح المالي والإقتصادي، ومواكبة المعايير المالية الدولية وتعزيز الشفافية ومكافحة تبييض الأموال".
ورداً على سؤال حول ما تطرق إليه بعض النواب عن "ضغوط على الحكومة" لإقرار هذه التعديلات، تنفي المصادر الحكومية أي علاقة ما بين الضغط الخارجي والعمل الحكومي، وتشدد على أن الحكومة هي "صاحبة مشروع تعديل قانون السرية المصرفية وقد أقرته وأحالته إلى البرلمان الذي أقرّه بدوره".
وعن انعكاسات هذه الخطوة الإصلاحية على الدعم الدولي للبنان، تؤكد المصادر الحكومية أن رفع السرية المصرفية أولاً وإصلاح القطاع المصرفي ثانياً، عنوانان يشكلان "الطريق الأساسية للتعافي والوصول لاتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي وفتح الباب أمام الدعم المالي".