أفادت وسائل إعلام سورية بأن السلطات اعتقلت تيسير محمد عثمان، المعروف بلقب "أبو محمد"، أحد أبرز مسؤولي جهاز الأمن العسكري التابع للنظام السوري، وذلك مساء أمس الاربعاء في حي المزة وسط العاصمة دمشق. ويُعدّ عثمان من بين المسؤولين الأمنيين المتهمين بالضلوع في اعتقال وتعذيب عشرات المدنيين خلال السنوات الماضية، خصوصًا في المناطق التي شهدت احتجاجات واسعة منذ بداية النزاع السوري عام 2011.
ونقلت وسائل إعلام محلية أن "إدارة الأمن العام السورية" نفّذت عملية مداهمة في حي المزة، أفضت إلى توقيف عثمان من دون أي مقاومة تُذكر، ليُحوَّل بعدها إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات. وتشير المصادر إلى أن دائرة الاتهامات قد تتسع لتشمل جرائم أوسع ارتُكبت على مدى أكثر من عقد، لا سيما في مراكز الاعتقال التابعة للأمن العسكري، والتي طالما وُجّهت إليها اتهامات بارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد المعتقلين.
اللافت في هذا الحدث هو التفاعل الشعبي الواسع، حيث تداولت منصات التواصل الاجتماعي السورية مقاطع مصوّرة تُظهر تظاهرات عفوية خرج فيها مئات المواطنين في مناطق متفرقة من البلاد، تعبيرًا عن ارتياحهم بعد الإعلان عن توقيف عثمان، الذي يُعدّ اسمه مرتبطًا بعدد من أبرز قضايا الاختفاء القسري في دمشق وريفها.
وفي تطوّر متزامن، أفادت مصادر محلية من مدينة حمص بأن الأجهزة الأمنية أوقفت المدعو كامل عباس، المعروف بلقب "ماريو"، والمتهم بالمشاركة في مجزرة حي التضامن الدمشقي إلى جانب الضابط السابق أمجد اليوسف، الذي كان قد ظهر في تحقيق مرئي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية عام 2022، يوثق إعدامات جماعية بحق مدنيين تم دفنهم في مقابر جماعية.
وتعيد هذه الاعتقالات إلى الأذهان الجدل الدولي المتواصل حول ملف المحاسبة في سوريا، في ظل اتهامات لمنظومة أمنية شاملة بارتكاب انتهاكات جسيمة، بينها القتل تحت التعذيب، والإخفاء القسري، والاعتقال غير القانوني، وهي قضايا وثّقتها عشرات التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية دولية بينها "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، إضافة إلى لجان تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة.