خاص ليبانون ديبايت

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الخميس 24 نيسان 2025 - 07:02 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

تعيينات ودور جديد لمجلس الإنماء والإعمار… هل تُطبَّق الشفافية والمحاسبة هذه المرة؟

تعيينات ودور جديد لمجلس الإنماء والإعمار… هل تُطبَّق الشفافية والمحاسبة هذه المرة؟

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي


لا يمكن تصنيف التعيينات المُقبلة لمجلس الإنماء والإعمار في خانة التعيينات الإدارية الروتينية، لسبب أساسي أن طبيعة دوره منذ تأسيسه في العام 1977 كانت ولا تزال ترجمة لحقبة سياسية وخطط إعمار معينة. اليوم من المفروض أن تترافق هذه التعيينات، مع التوجه العام للمرحلة الحالية في لبنان منذ إنتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، أي حصر الأمن بيد الجيش اللبناني، والشؤون المالية والنقد بالمصرف المركزي، وإعادة الإعمار بيد "مجلس الإنماء والإعمار". من المرجح أن تُعقد جلسة حكومية الاسبوع المقبل، تبحث مجموعة تعيينات إدارية ومالية جديدة، ومنها تعيين رئيس ومجلس إدارة جديد للمجلس، لكن معضلة أساسية تواجهه في تنفيذ دوره المقبل، وهي وصمه بشُبهة الفساد والهدر وتقاسم حصص على مدى العقود الماضية.


وبحسب الخبراء "أشرف المجلس على مئات المشاريع التي تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار في السنوات العشرين الأخيرة، منها الطرق السريعة والجسور وإدارة النفايات. وواجه دعاوى قانونية عام 2019 على خلفية مزاعم بهدر المال، ناهيك عن سيطرة عدد محدود من الشركات على إلتزاماته. حيث لم يتعد عدد الشركات التي نفذت أكثرية مشاريع المجلس العشر شركات. وبحسب المتابعين "من الطبيعي أن تخضع إدارة مشاريع إعادة الإعمار وتنفيذها، في المرحلة المقبلة لرقابة مانحي القروض، وسيكون لمفوض الحكومة في المجلس دور رقابي بالدرجة الأولى".


في 20 نيسان الجاري أقفلت الترشيحات لملء مراكز رئيس وأعضاء مجلس إدارة مجلس الإنماء والإعمار ووظيفة مفوض الحكومة لدى المجلس. وبحسب البيان "هذه التعيينات الجديدة هي جزء من المبادرات الإصلاحية، لإقامة نظام توظيف حديث للقيادات العليا في القطاع العام وفق الآلية التي صدرت عن مجلس الوزراء بقراره رقم 1 تاريخ 20/3/2025، ولذلك دعت الحكومة اللبنانيين واللبنانيّات من أصحاب/صاحبات الاختصاص والكفاءة إلى تقديم طلباتهم/هنّ للمراكز التالية:(12 مركز) رئيس(ة) مجلس الإنماء والإعمار/ نائبا /نائبتا الرئيس(ة)/الأمين(ة)العام (ة) لمجلس الإنماء والإعمار/أعضاء/عضوات مجلس الإدارة غير المتفرغين/المتفرغات – العدد من 3 إلى 8 أعضاء/عضوات-/لوظيفة مفوض(ة) الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار.


بورتريه المجلس


في محاولة لرسم "بورتريه" لمجلس الإنماء والإعمار منذ تأسيسه في العام 1977، يمكن القول أنه أُعطيَ صلاحيات واسعة تفوق صلاحيات الوزارات (ترافقت ولادته مع إلغاء وزارة التخطيط ومجلس تنفيذ المشاريع الإنشائية، ومجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت)، وتمتّع موظفوه بمكافآت مالية تفوق بكثير رواتب موظفي القطاع العام، وحُددت مهامه بثلاثة أمور رئيسية هي: وضع خطة وتحديد جدول زمني لإعادة الإعمار والتنمية، وضمان تمويل المشاريع المقدمة، والإشراف على تنفيذها وإستغلالها عن طريق الإسهام في عملية إعادة تأهيل المؤسسات العامة، لتمكينها من تحمل مسؤولية تنفيذ مشاريع تحت إشراف مجلس الوزراء.


في خريطة تحديد الثغرات التي تسرّب منها الفساد على أداء المجلس في تلزيم وتنفيذ المشاريع، يرى المراقبون أن "المجلس يعتبر المرجعية الأساسية التي تحضّر المشاريع وتلزّمها، وتنفق التمويل وتجري المراقبة على التنفيذ. وبالتالي فإن المهام التي يجب ان تكون في مؤسسات منفصلة عن بعضها البعض، تجري في مؤسسة واحدة وهذا يخالف أبسط مبادئ الشفافية التي تنص على أن لا أحد يراقب نفسه أو أعماله"، وبناءا على ما تقدم يمكن القول أن هناك ثلاث مشكلات أساسية بطريقة عمل المجلس: الأولى، إعطاؤه صلاحيات التوقيع مباشرة مع الجهات المانحة، سواء كان البنك الدولي أوغيره من المؤسسات العالمية، لتنفيذ المشاريع. وذلك من دون الحاجة إلى المرور في السلطتين التنفيذية أو التشريعية، والمشكلة الثانية تتمثل في تركيبة المجلس التي تراعي المحاصصة الطائفية والسياسية، أما المشكلة الثالثة هي عدم خضوع المناقصات العمومية التي يجريها إلى إدارة المناقصات في التفتيش المركزي، وتوقيع الكثير من عقود التلزيمات بالتراضي.


ماذا يريد صندوق النقد من المجلس


في محاولة لفهم نظرة صندوق النقد والبنك الدولي للدور المقبل لمجلس الإنماء والإعمار، لا بد من إلقاء الضوء على تجارب التعاون السابقة بين الطرفين ( إعادة إعمار وسط بيروت بالتحديد)، وفي هذا الاطار يشرح مدير المشاريع السابق في البنك الدولي في واشنطن لبلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا الدكتور يوسف شقير ، الذي كان مسؤولا عن إعطاء لبنان أول قرض لإعادة الاعمار للبنان من البنك الدولي بعد الحرب الاهلية، لموقع "ليبانون ديبايت" أن "أحد مآخذ المجتمع الدولي ولا سيما البنك الدولي وصندوق النقد على أداء مجلس الانماء والاعمار، هو فضيحة محطات تكرير المياه المبتذلة والممتدة على مساحة لبنان، والتي لا تعمل بسبب عدم وجود ميزانية لتشغيلها، وبالتالي هذه الفضائح التي تتكرر، إذ يتم التلزيم بأسعار مرتفعة ويتولاها المتعهد نفسه ومن دون رقابة من المجلس على المشاريع التي تنفذ"، مشددا على أن "المجلس يضم مهندسين من أصحاب الكفاءات العالية تتّبع لرئاسة الحكومة مباشرة، ويتقاضون رواتب عالية مقارنة مع موظفي الدولة، كما أن ميزانية المجلس خاصة ولا تخضع إلا لرقابة لاحقة بعد تنفيذ المشاريع، وليس لزاما عليه عرض المشاريع على دائرة المناقصات للموافقة عليها قبل التلزيم، بهدف تسريع مشاريع اعادة الاعمار. بمعنى آخر يتمتع المجلس بصلاحية إستثنائية للإنجاز بسرعة، وهذا يتطلب شفافية مطلقة في أدائه".


شقير: تجاوزات المجلس كبيرة والتغيير آت


يؤكد شقير الذي تولى أيضا مسؤولية كبير مستشاري الرئيس الراحل رفيق الحريري، لتنسيق المساعدات الخارجية وتحفيز الاستثمار في البنى التحتية للمشاريع الانمائية، أن "التجاوزات التي حصلت كبيرة، ومعظم المشاريع التي نُفذت إما بقيت من دون تشغيل (وبرأيه هذه مهمة مجلس الإنماء والإعمار) كما حصل تأخير في مشاريع إنجاز الطرق، علما أن التمويل مؤمن من البنك الدولي قبل بدء التنفيذ"، جازما أن "ما يريده الصندوق والبنك الدولي في المرحلة المقبلة هو تحقيق شفافية في الأداء، وتعديل في آلية العمل لإفساح المجال أمام المحاسبة. حاليا ليس هناك محاسبة سواء على كلفة المشروع أو تنفيذه ومن دون تدقيق كاف، لأن آلية التدقيق بالكلفة التي يتبعها المجلس غير كافية، وهذه مهمة مجلس الوزراء كونهم تابعين لرئاسة الوزارة"، ويلفت إلى أن "مهمة مجلس النواب هو الموافقة على القروض التي سيمنحها البنك الدولي، ولذلك يجب إجراء تعديل على صلاحية عمل مجلس الإنماء والإعمار بعد تنفيذ المشاريع، ليصبحوا مسؤولين عن تشغيلها أيضا، لأنهم أكثر خبرة ودراية من البلديات التي توكل إليها هذه المهمة".


والسؤال الذي يطرح هنا، هل ستلبي آلية التعيينات التي وضعتها حكومة الرئيس سلام متطلبات صندوق النقد؟ يجيب شقير:"حكومة الرئيس سلام ستجري تعديلات على آلية عمل المجلس وهذا أمر مطلوب وضروري، لأن كل مؤسسات التمويل الدولية وليس فقط صندوق النقد، يعتبرون أن آلية عمل المجلس والقيمين عليه يجب أن تتغير، وهناك كفاءات لبنانية كثيرة يمكن أن نتعامل معها"، جازما أن "أداء المؤسسات الرسمية ومنها مجلس الانماء والاعمار لا يمكن أن يستمر كما كان يحصل سابقا، لأن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لديهما النية لإرساء نظام جديد للعمل في المؤسسات العامة، وعلى علم بالمشاكل والثغرات التي تعاني منها هذه المؤسسات".


ويختم:"هذا لا يعني أنه سيتم القضاء على الفساد نهائيا ولكنه سيتقلص بنسبة كبيرة جدا، وستنحسر التدخلات السياسية فيها ولن يبقى الأمر على ما هو عليه لأنه فضيحة بكل معنى الكلمة. ما يحصل اليوم هو أن كل موظفي الدولة يعينون في مراكزهم لأنهم أتباع السياسيين، وليس بالضرورة لأنهم يملكون الكفاءات اللازمة، علما ان هناك العديد من الكفاءات التي يمكن الاستفادة منها".

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة