عن هذا الوضع الصعب والخيارات التي لا يمكن للبنان أن يختار بينها، يشير الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن وضع لبنان لا يمكن تشبيهه بالـ"ستاتيكو" الذي عادة ما يكون ثابتًا ومستقرًا، لأن هذا البلد في مرحلة خيارات مصيرية ووجودية، ولم تُحسم بعد، فمؤخرًا حصل تحول تاريخي ومصيري على المستوى العالمي والإقليمي والداخلي.
ويوضح في هذا الإطار أنه على المستوى العالمي، أصبح هناك أحادية أميركية تحكم العالم، تزامن مع تراجع الدور الروسي، مما ينعكس على الوضع في لبنان. أما على المستوى الإقليمي، فقد شهد تراجعًا لإيران وتفكك محور المقاومة، مما خلق معادلة جديدة لا يمكن التكهّن بكيفية تأثيرها، لا سيما أن الوضع في فلسطين كارثي، وفي سوريا لم يستقر، فهناك فوضى تختلف عن المشهد الذي كان في السابق، وهو ما سيدخل معادلات جديدة ويؤثر على الداخل اللبناني أيضًا.
أما بالنسبة إلى الوضع الداخلي، فلا يغفل أنه بعد انتخاب رئيس للجمهورية، أصبحنا في لبنان أمام معادلات جديدة وموازين قوى جديدة غير مستقرة أو نهائية، ومن هنا فإن الوضع اللبناني في حالة من القلق والحيرة لأن الوضع الإقليمي والدولي غير محسوم بعد، بالإضافة إلى مجموعة خيارات داخلية من الممكن أن تكون مصيرية على وضع لبنان وعلى كيانه ووجوده.
وفي هذا الإطار، يلفت إلى موضوع النازحين السوريين في لبنان، الذي لم يُحسم بعد، والذي سيشكّل دورًا في موضوع التغيير الديموغرافي، مما قد يتسبب بالتقسيم، ويمكن أن يلعب هؤلاء دورًا في حال وقوع فتنة داخلية، لا سيما مع المعلومات التي تتحدث عن وجود أكثر من مئة ألف مقاتل في صفوفهم يمكن أن يشاركوا في حرب محتملة.
ويعتبر أن من شأن هذا الأمر بالتحديد التأثير على الوضع اللبناني ومصيره، إضافة إلى موضوع اللاجئين الفلسطينيين، ففي حال حصلت تغييرات في الوضع الفلسطيني، فهل سيتم توطينهم في لبنان؟ وكم يمكن أن يؤثر ذلك على الديموغرافية في حال حصل هذا الأمر؟ فهذه الأمور يمكن أن تغيّر كثيرًا في صيغة لبنان التي نعرفها، والقائمة على التوافق والتوازن، فهذه المعادلات الجديدة ستؤثر حتمًا على وضع لبنان.
ويمكن وصف لبنان، على حد تعبيره، بأنه على لائحة الانتظار، بانتظار التسويات الإقليمية والدولية، وعندها يُقرَّر مصيره ووجوده، وهي أمور لا تزال ضبابية وغير واضحة.